دمنات : جمعية التضامن ترسم البسمة على شفاه الاشخاص في وضعية إعاقة
نصر الله البوعيشي
تتعدّد المبادرات ذات الطابع الاجتماعي والإنساني الذي تضطلع بها جمعية التضامن للأشخاص في وضعية اعاقة بدمنات والتي نتخرط فيها بشكل عملى سعيًا نحو إفادة المستفيدين وتحقيق ذواتهم من خلال دعمهم والإعتناء بصحتهم . وحملة مراقبة وعلاج الاسنان التي نظمتها واشرفت عليها الجمعية تعتبر بحق مبادرة جادة ومخلصة تتغيا إدخال السعادة والفرح على قلوب وأرواح أناس يحتاجون لمن يسعدهم ويرسم البسمة على شفاههم. وتشجيعهم ومساعدتهم على تخطى الصعوبات والمحن التي تحول دون تذوقهم لمتع الحياة كباقي بني جلدتهم من الاسوياء .
تعد جمعية التضامن للأشخاص في وضعية أعاقة التي تأسست سنة 1998 واحدة من انشطة الجمعيات على الصعيد الوطني في مجال الإعتناء بالاشخاص في وضعية أعاقة وقد وضعت الجمعية منذ تأسيسها استراتيجية متكاملة للتصدي لقضية الإعاقة بدمنات وتشمل هذه الاستراتيجية عدة محاور سأقتصر - في هذه العجالة على ذكر بعضها - لان الهدف من هذه المقالة هو تغطية هذه المبادرة الانسانية الجميلة :
• إنشاء المركز الاجتماعي المتعدد الأختصاصات لمساعدة وتوجيه وادماج الأشخاص في وضعية أعاقة بدمنات و يهدف المركز الى توفير الخدمة الشاملة للشخص المعاق سواء كانت علاجية أو تعليمية أو تأهيلية، ومساندة أسرته في التعايش مع الإعاقة وطرق التعامل معها.
• القيام بدور فعال في مهمة تثقيف وتوعية المجتمع بمسببات الإعاقة وطرق الوقاية منها بقصد تكوين مواقف إيجابية للتعامل مع الإعاقة وقاية وعلاجا وبما يمكن من الحد من انتشارها وتفادي حدوث الكثير منها ، والتعاون والتنسيق مع الأجهزة الحكومية وجمعيات المجتمع المدني المعنية بقصد توعية الجماهير بالمشاكل الاجتماعية لهذه الفئات .
• توفير المناخ الصحي والاجتماعي والثقافي الملائم لاشخاص في وضعية اعاقة المستفيدين من خدمات هذه الجمعية وعددهم 135 مستفيدا ومستفيدة ورعايتهم في أوقات الفراغ ، وإعدادهم ليكونوا دعامة صالحة للمجتمع وتوفير الفضاءات والتجهيزات الضرورية لابراز وتشجيع وتثمين ابداعاتهم والمساهمة في المعارض والملتقيات الثقافية والفنية والرياضية والإجتماعية المحلية و الاقليمية والجهوية والوطنية .
• بناء قاعدة علمية لبرامج رعاية الاشخاص في وضعية أعاقة مـن خلال دعم البحوث والدراسات في هذا المجال.
• العمل على توظيف كفاءات متخصصة لتقديم الخدمات الطبية و التعليمية التأهلية والخدمات الاجتماعية والتدريب والتطوير والتثقيف والتوعية لفئة الاشخاص في وضعية أعاقة .
• التنسيق والتعاون مع المؤسسات والجمعيات المتخصصة لتقديم الرعاية والإيواء والتوجيه السليم والإعداد المهني والتربوي للاشخاص ذوي الاعاقة .
• البحث الدائم عن سبل توفير الوسائل المساعدة من أجهزة وادوات خاصة بالأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة بقصد تسهيل دمجهم في المجتمع وإطلاق طاقاتهم .
• الاستعانة بالخبرات والتجارب العلمية المتقدمة في هذه المجالات بقصد تحقيق أهداف الجمعية على الوجه الأكمل.
عودة الى مبادرة رسم الابتسامة على شفاه الاشخاص في وضعية أعاقة ، فقد اطلقت الجمعية عدة برامج للرعاية الصحية والنفسية ومنها برنامجها للرعاية الصحية لأسنان الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة أيام 29 و 30 نونبر 2019 و 2 و3 دجنبر 2019 والتي أشرف عليها طاقم طبي امريكي برئاسة طبيب الاسنان المشهور DUMITRU GREGORY المختص في علاج وجراحة الاسنان . حيث استفاد من هذه الحملة 114 مستفيدا ومستفيدة وعرفت إجراء التدخلات التالية :
65 خلع و 48 تنقية ومراقبة علما بأن بعض المستفيدين يعانون من أمراض متقدمة في الأسنان .
تنبيه : لا يجب أن يعتقد القاريء الكريم أن علاج أسنان الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة شبيه بعلاج الاشخاص الاسوياء الذين خلقهم الله في أحسن تقويمٍ وبأفضل صورةٍ، ومنحهم العديد من المميّزات والقدرات العقليّة والجسميّة التي تساعدهم في قضاء حوائجهم في هذه الحياة وتضمن تواصلهم مع مَن حولهم من البشر، وتمكّنهم من التكيف مع المجتمع أو يفعلوا أشياء يستطيع بقية الاسوياء القيام بها، بل هي على النقيض تماما ذلك ان الاشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة يعانون من وجود عائق او عوائق ما تمنعهم من الوصول إلى الحد المقبول والطبيعي من النشاط البدني أو العقلي أو الاجتماعي أو العاطفي .
جميعنا نعلم ان ألم الاسنان شيء لا يطاق ،فنحرص كل الحرص على المحافظة عليها للوقاية من نخرها والحد من ضرر يصيبها؛ و نتقي بجميع الوسائل شر الآلام التي يمكن ان تنتج عنها ،فكيف إن كان الاشخاص من ذوي الاعاقة الأكثر عرضة لآلام الاسنان؟.وبعضهم ليس له القدرة على التعبير عما يحس به من الام والبعض الأخر لا يتوفرون على الامكانيات لزيارة طبيب مختص، ناهيك عن الخوف والرهاب الذي يحسون به , فنحن امام اشخاص غير طبيعيين .لذلك فهم يحتاجون الى عناية خاصة وطريقة علاج مختلفة تحت اشراف اطباء مختصين ومكونين لهذه الغاية .
هذا بالاضافة الى كون أمراض الاسنان تنتشر بكثرة في صفوف هذه الفئة من الاشخاص إما بسبب بعض الادوية والاطعمة التي يتناولونها أو بسبب طريقة التنفس المعتمدة لدى بعضهم هي التنفس عبر الفم بدلا من التنفس عبر الأنف ، أو بسبب إنشغال الاباء والامهات بالمشاكل الطبية والاجتماعية والعائلية المتعلقة بتربيتهم ، والبحث المستمر عن إيجاد مكان لهم في المجتمع واعتبار العناية بالصحة الفموية أمرا ثانويا.والأهم من هذا كله عدم مقدرتهم على تنظيف اسنانهم بمفردهم باستخدام الفرشاة والمعجون ليكونوا بذلك الأشخاص الأكبر تهيئا لتسوس الأسنان وبالتالي عرضة لأمراض الفم واللثة . يضاف الى هذا كله انعدام أطباء أسنان مدربين على التعامل مع الاشخاص ذوي الاعاقة ذلك وهو تخصص نادر على المستوى العالمي علما بأنه بدأ يهتم بطب أسنان ذوي الاحتياجات الخاصة ، وقد تم الاعتراف به مؤخرا تخصصا مستقلا في المملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا والبرازيل.
إن تنظيم الجمعية لهذه الحملة الطبية وتعاون مختلف مكوناتها مع الطاقم الطبي بكل امانة وصدق وصبرهم ومثابرتهم في تقديم المساعدة لهؤلاء الاشخاص لتسهيل عملية فحصهم وعلاجهم ، لدليل على ان الجمعية تعمل في صمت ولكن بجد لتحقيق اهدافها الانسانية النبيلة .
خلاصة القول.. أود أن أؤكد بشيء من الثقة أن ادماج الاشخاص من ذوي الإحتياجات الخاصة في المجتمع والمساهمة في بنائه مثله كمثل أي إنسان عادي لم يعد بالأمر المستحيل.. خاصة في ظل وجود مراكز وجمعيات كجمعية التضامن بدمنات التي ترعى هؤلاء الاشخاص ذوي الاعاقة وتعمل على الاعتناء بصحتهم البدنية والنفسية و تنمية قدراتهم والبحث عن مواهبهم وتشجيعهم على ما قد يعجز الأسوياء عن تحقيقه.
فشكرا جزيلا لكل من وضع بصمته في هذا العمل وساهم في إدخال البهجه في قلوب الاشخاص ذوي الإحتياجات الخاصة ورسم البسمة على شفاههم .
