ندى العمراني
ولأن كل الأفواه المتوحشة صارت تهاجمني لصراحتي وانفتاحي، ولأنها أفواه في أجساد ذكورية مكبوتة. اليوم أضعهم أمام الحقيقة التي عشتها، حقيقة أو تجربة مرة. يحضر فيها ذلك الوحش الذكوري بأنيابه الحادة البارزة.
كان الجو صحوا يوم الجمعة ذاك، مشمسا كعادة شهر ماي، الربيع في أوجه. لا غيوم في السماء. كانت الساعة 11 صباحا موعد حصة الرياضة كما هو مبرمج لتلك السنة الدراسية. ولأني كنت طالبة مجدة أو هكذا أتخيل، صرت عريفة القسم والمسؤولة عن الغياب والحضور في القسم. دخلنا إلى ساحة الرياضة المشمسة، اصطف القسم كاملا في طابور، الواحد خلف الواحدة والواحدة خلف الواحدة، بينما نفس الشيء بالنسبة لباقي الأقسام، الأساتذة وسط الساحة في حديثهم الممل. ولا يهم.
فجأة أعلمنا أحد الأساتذة أن ننصرف إلى حال سبيلنا فلا حصة اليوم إنه وقت مستقطع لاجتماع إداري، ومن غير انتباه مني نادى علي أستاذ الرياضة أن أبقى فهو يريد مني شيئا مهما. بقيت بينما غادر الباقون، بقيت والشمس فوق رأسي، استظليت بظل شجرة. دقائق طوال وأنا أنتظر، إلى أن غادر الأساتذة نحو الإدارة تباعا، بقيت لوحدي أنتظر أمر الأستاذ، ولأني طيبة و”عبيطة” ولا أفهم بقيت أنتظر وأنتظر. إلى أن خرج الأستاذ من قاعة الأساتذة وصرخ أن ألتحق به في القاعة فهو يريدني في أمر يخص القسم.
دخلت، كانت أول مرة أرى فيها قاعة أساتذة الرياضة، عالم غريب علي آنذاك، أجلسني فوق مقعد وجلس في قربي، تحدث عن مستواي الجيد وأنه سبق وتحدث مع باقي الأساتذة عني وعن دراستي. فجأة ستمتد يده إلى شعري وأنا بلا حراك وقلبي يخفق بسرعة، يده ستنزل إلى صدري، ثم ما بين فخذاي، امتلكني الخوف… خوف موجع… “غانتهلا فيك”… قال واللعاب يسيل من فمه. حاولت الصراخ ولم أستطع خفت من “الشوهة”.. من أن يصل الأمر إلى الآخرين وإلى والدي…خوف… خوف.. وهو يداعب ويلاعب واللعاب يسيل. “غادي نجحك” قال… اقترب فمه القذر من فمي.. دفعته بما استطعت من قوة… وحال وقوفي قال بصوته العفن “إن أخبرت أحدا سترسبين”.. قلبي كاد يقف بل إنه توقف…
أن أسقط.. أن أرسب.. أن أفشل، سيجن والدي… علي السكات. علي الصمت إذن..
منذ ذلك اليوم لم تطأ رجلي ساحة الرياضة المشمسة ولم أحدث أحدا إلى غاية هذه الكلمات… إنهم وحوش ذكورية بأفواه لعابية…