أضيف في 02 أكتوبر 2014 الساعة 02 : 04
"تارير او عائشة قنديشة "
بقلم ذ. محمد همشــة
ان المصطلح الامازيغي "تارير" عند القبائل الامازيغية , وخاصة لدى اتحادية ايت سخمان , يعني المرأة الخارقة للعادة , والتي تعني في سهول تادلة والنواحي بعائشة قنديشة" ؟ ولماذا هذا الموضوع بالذات في هذا التحول الكبير للحريات وخاصة حرية المرأة .؟ اولا لا اريد بتاتا ان اطعن في ما يصبو اليه الفكر الجمعوي النسوي الحالي ؟ بقدر ما اردت بالأساس , ابراز مرحلة مهمة من تاريخ المرأة المغربية اثناء سنوات الرصاص والقمع الاستعماري , وقد تكون هذه المحاولة المتواضعة توضيحا او بيانا , ولو تاريخيا , تصور المجتمع المغربي لبعض النساء المناضلات , واللائي لم ينصفن رغم ما انجزنه من تضحيات وجهاد لا يستهان به . غير ان المفهوم الخرافي الذي يصنف المرأة كشبح مهول لا يصدر منه إلا الشر والمصائب , كان ولا يزال منتشرا في الطبقات الفقيرة ذات الاعتقاد الاسطوري القديم الناتج عن الفكر الرجعي المحافظ القمعي , والغربي المتسلط على شمال افريقيا عامة والمغرب خاصة . فما معنى كلمة " تارير "؟ في الفكر الامازيغي الاصيل : اذا جزءنا المصطلح , فهو مكون من كلمتين هما : تار : وتعني باللغة العربية : اللا : اي المحذوف مثل ما نقول اللاإرادي , اللا انساني ... وباللغة الفرنسية ( anti ) : اي ضد الشيء . اما الكلمة الملتصقة بها فهي : إرير: وتعني بالامازيغية : الغناء والطرب , وعندما نقوم بالإدغام نحصل على كلمة: تــــــارير : وهي المرأة التي لا تحسن الغناء والضرب على الدف ( تالونت ) , ومن هنا نفهم ان الرجل الامازيغي قديما , حين يريد الزواج , فانه يبحث عن المرأة التي تتقن فن الغناء والطرب وقول شعر قبيلته الامازيغية , اما التي لا تتقن ذلك , فانها تسمى بتارير ... وهكذا نجد ان القدماء كانوا يطربون لأصوات النساء وحناجرهم اثناء الحروب والغزوات بين القبائل والاستعمار ... وخاصة ما يسمى ب (تموايت ) وهو شئ لا نجده في الشعر الجاهلي العربي القديم , غير ان المرأة العربية قبل الاسلام , لا يمكنها ان تتزوج بالرجل الذي يقول فيها شعرا غزليا , بينما لازالت المرأة الامازيغية تشارك الرجل جنبا الى جنب في احيدوس واحواش والحياة اليومية ... ان قصة "عائشة بحيرد " التي خرجت لمحاربة الاستعمار الفرنسي الذي غزا قبيلتها وقتل خطيبها وأبيها وكثيرا من افراد قبيلتها , هذا الاعتداء الهمجي الشنيع , هو الذي حدا بها الى الانتقام بقتل مجموعة لا يستهان بها من المستعمرين لقبيلتها , ولكي تأخذ البندقية وتمتطي الجواد وتلجأ الى الغابة , ان عائشة هذه المناضلة , هي التي حاول الاستعمار طمس شجاعتها وكفاحها بنشر افكار مخيفة وتصور خاطئ في اوساط السكان الاصليين , واعتبارها ليست بشرا كباقي البشر , بل هي مكونة من جسم امرأة , اطرافها السفلية تشبه ارجل الجمل , ولها انياب حادة مخيفة , وشعر اشعث ... وظلت هذه الفكرة طاغية ابان المقاومة المسلحة للمستعمر الفرنسي لشمال افريقيا , ولازلنا الى اليوم , نسمع مصطلح " عيشة قنديشة" وكلمة قنديشة ماخوذة من " مقندش بالعامية المغربية تعني "غاضب وثائر " , ونما هذا الفكر الرجعي في اسرنا حتى اصبح من الصعب على ابنائنا اجتياز مكان مظلم خوفا من الالتقاء بتارير او عيشة قنديشة . واعتبر الجنس اللطيف عالما غريبا يصعب فهمه , او التعامل معه بلطف وحنان , وخاصة في ليلة الزفاف وطيلة الحياة الزوجية , ومن مثل هذا التصور والتماثل غير الصحيحين , برزت في شبانا وكهولنا , وحتى كثيرا من شيوخنا , عقد نفسية , لو علم بها بعض المحللين النفسانيين , امثال سيكمون فرويد , وبياجي , والعلامة النفزاوي .... لتراجعوا عن ما قدموه من دراسات عميقة في ميادين الجنس والعلاقات الانسانية بين الرجل والمرأة . اكادير في : 30/09/2014.
|