الصحفي: زكاريا العروسي
رسم جلالة الملك محمد السادس، نصره الله وسدد خطاه، معالم استراتيجية فعالة ومتكاملة، للتصدي لظاهرة البطالة، وتيسير انخراط الشباب في الأوراش التنموية الكبرى التي يقودها جلالته، والسبل الكفيلة لولوج الشباب إلى سوق الشغل والاستفادة من الكفاءات التي يزخر بها المغرب.
وتقوم استراتيجية جلالة لمحاربة البطالة، على ستة أسس، مترابطة، متعلقة بتحسين جودة التكوينات المقدمة، وملاءمتها مع متطلبات سوق الشغل، وتوجيه الطالب نحو الشعب التي تضمن له مستقبلا أفضل، منذ مراحل متقدمة، والتأكيد على ضرورة وضع الحكومة لبرامج فعالة، في هذا الصدد.
و ينطلق المحور الأول لهذه استراتيجية من ضرورة القيام بمراجعة شاملة لآليات وبرامج الدعم العمومي لتشغيل الشباب، للرفع من نجاعتها، وجعلها تستجيب لتطلعات الشباب، على غرار ما دعى إليه جلالته في خطاب العرش بخصوص برامج الحماية الاجتماعية، وتنظيم لقاء وطني للتشغيل والتكوين، وذلك قبل نهاية السنة، لبلورة قرارات عملية، وحلول جديدة، وإطلاق مبادرات، ووضع خارطة طريق مضبوطة، للنهوض بالتشغيل.
وأكد جلالته في المحور الثاني، على ضرورة إعطاء الأسبقية للتخصصات التي توفر الشغل، واعتماد نظام ناجع للتوجيه المبكر، سنتين أو ثلاث سنوات قبل الباكالوريا، لمساعدة التلاميذ على الاختيار، حسب مؤهلاتهم وميولاتهم، بين التوجه للشعب الجامعية أو للتكوين المهني، واعتماد اتفاقية إطار بين الحكومة والقطاع الخاص، لإعطاء دفعة قوية في مجال إعادة تأهيل الطلبة الذين يغادرون الدراسة دون شواهد، بما يتيح لهم الفرص من جديد، لتسهيل اندماجهم في الحياة المهنية والاجتماعية.
وأشار جلالته في المحور الثالث، إلى أهمية إعادة النظر بشكل شامل في تخصصات التكوين المهني لجعلها تستجيب لحاجيات المقاولات والقطاع العام، وتواكب التحولات التي تعرفها الصناعات والمهن، بما يتيح للخريجين فرصا أكبر للاندماج المهني، ومساهمة صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية في بناء وتجهيز مراكز جديدة للتكوين المهني، حسب المتطلبات المستجدة.
وخصص المحور الرابع لوضع آليات عملية كفيلة بإحداث نقلة نوعية في تحفيز الشباب على خلق المقاولات الصغرى والمتوسطة في مجالات تخصصاتهم، وكذا دعم مبادرات التشغيل الذاتي، وإنشاء المقاولات الاجتماعية، دعيا الإدارات العمومية، وخاصة الجماعات الترابية، أن تقوم بأداء ما بذمتها من مستحقات تجاه المقاولات، ذلك أن أي تأخير قد يؤدي إلى إفلاسها، مع ما يتبع ذلك من فقدان العديد من مناصب الشغل.
ولتجاوز التحديات التي يعاني منها القطاع غير المهيكل، شدد جلالته على أهمية وضع آليات جديدة تمكن من إدماج جزء من القطاع غير المهيكل في القطاع المنظم، عبر تمكين ما يتوفر عليه من طاقات، من تكوين ملائم ومحفز، وتغطية اجتماعية، ودعمها في التشغيل الذاتي، أو خلق المقاولة.
وخلص المحور الأخير، إلى نجاعة وضع برنامج إجباري على مستوى كل مؤسسة، لتأهيل الطلبة والمتدربين في اللغات الأجنبية لمدة من ثلاثة إلى ستة أشهر، وتعزيز إدماج تعليم هذه اللغات في كل مستويات التعليم، وخاصة في تدريس المواد التقنية والعلمية، معتبرا أن قضايا الشباب لا تقتصر فقط على التكوين والتشغيل، وإنما تشمل أيضا الانفتاح الفكري والارتقاء الذهني والصحي.
إن الاستراتيجية التي وضعها جلالة الملك، تشكل محطة لتجاوز عقبات البطالة، والتأكيد على أهمية الشباب المغربي، والاستفادة من جل الطاقات الشابة، للرقي بالمغرب إلى مصاف الدول المتقدمة، والاستثمار الحقيقي في الرأسمال البشري الذي يزخر به، حتى يكون رافعة حقيقية، لبناء المغرب الحديث الذي يتطلع إليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس.