مرحبا بكم في موقع " أزيــلال24 "، جريدتكم المفضلة ـــ اتصلــوا بنا : /azilal24info@gmail.com. /         في اقل من أسبوع، قضاء مراكش يستدعي مجددا “كوميسير” أكادير بعد تعنيفه لمعتقل وتهديده بالإغتصاب .             أزيلال : جماعة بدون طبيب... رسالة استعطاف من ساكنة جماعة فم الجمعة الى السادة :المندوب الجهوي للصحة والحماية الإجتماعية لجهة بني ملال والمندوب الإقليمي للصحة             منها اقاليم ازيلال وبنى ملال ... تساقطات مطرية وهبات رياح قوية بعدد من مدن المملكة             أزيـلال ...جمعية "ألاوراش" تنظم عملية إفطار جماعي لفائدة نازلات و نزلاء مركز " الأمل " لحماية الأشخاص بدون مأوى ...             ازيلال : السيد يوسف القد، مهندس بعمالة ازيلال ،يتعرض لحادثة سير، اودت بوفاة ابنته وإصابة اخرى بجروح بليغة ...             بين مؤيد ورافض.. أصوات تطالب برحيل "الركراكي" بعد تناسل شكوك كبيرة عقب وديتي أنغولا وموريتانيا             إطلاق نار ووفاة.. إحباط عملية كبرى لتهريب أطنان من المخدرات بالبيضاء + صور             ازيلال : اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية تصادق على مجموعة من المشاريع برسم سنة 2024             ومن لغا …..فلا جمعية له قلم : إبراهيم بونعناع             وكيل الملك يتابع “مومو” في حالة سراح وأداء كفالة مالية 10 ملايين سنتيم ،حول قضية السرقة الوهمية             محاكمة سائق فا.جعة أزيلال.. دفاعه يكشف معطيات صادمة ويصرح: أين المراقبة؟             تفاصيل حادث أزيلال.. ناجية تروي تفاصيل آخر اللحظات قبل سقوط سيارة النقل المزدوج في الجرف             🚨🚨من قلب المستشفى الإقليمي لأزيلال... توضيح من المدير الجهوي للصحة حول حـ.ادثة سير أيت بواولي            أزيلال.. الاحتفاء بنساء حاملات لمشاريع في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية             شرط النجاح في المبارة             حكمة موجهة للإنتهازيين             ازيلال / المشردون بدون رحمة            كفاكم نهيقا ايها الحمير             الضغوط على حماس             الزلزال : البحث عن وزير             الزيادة قى كل شىء ...            الصداقة فريضة             اسعار المواد الغدائية بتلفزتنا الوطنية             الحديقة العمومية وجب الاحتفاظ عليها           
البحث بالموقع
 
صـــور غــير مألــوفـة

فوج شويا على راسك ...

 
صوت وصورة

محاكمة سائق فا.جعة أزيلال.. دفاعه يكشف معطيات صادمة ويصرح: أين المراقبة؟


تفاصيل حادث أزيلال.. ناجية تروي تفاصيل آخر اللحظات قبل سقوط سيارة النقل المزدوج في الجرف


🚨🚨من قلب المستشفى الإقليمي لأزيلال... توضيح من المدير الجهوي للصحة حول حـ.ادثة سير أيت بواولي


أزيلال.. الاحتفاء بنساء حاملات لمشاريع في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية


أزيلال.....الأستاذة سومية توامي على رأس رئاسة المكتب الإقليمي للمنظمة بعمالة إقليم أزيلال

 
كاريكاتير و صورة

شرط النجاح في المبارة
 
الحوادث

ازيلال : السيد يوسف القد، مهندس بعمالة ازيلال ،يتعرض لحادثة سير، اودت بوفاة ابنته وإصابة اخرى بجروح بليغة ...


حادثة سير مميتة ... اصطدام سيارة وشاحنة من نوع " رموك " و مصرع السائق

 
الوطنية

في اقل من أسبوع، قضاء مراكش يستدعي مجددا “كوميسير” أكادير بعد تعنيفه لمعتقل وتهديده بالإغتصاب .


منها اقاليم ازيلال وبنى ملال ... تساقطات مطرية وهبات رياح قوية بعدد من مدن المملكة


إطلاق نار ووفاة.. إحباط عملية كبرى لتهريب أطنان من المخدرات بالبيضاء + صور


وكيل الملك يتابع “مومو” في حالة سراح وأداء كفالة مالية 10 ملايين سنتيم ،حول قضية السرقة الوهمية


هذه هي النتائج الكارثية للامتحان الجديد للسياقة بكافة المدن : بنى ملال 0 ، سوق السبت 0 ، بن كرير 0 ،سطات 1، قلعة سراغنة 1

 
الأخبار المحلية

أزيلال : جماعة بدون طبيب... رسالة استعطاف من ساكنة جماعة فم الجمعة الى السادة :المندوب الجهوي للصحة والحماية الإجتماعية لجهة بني ملال والمندوب الإقليمي للصحة


أزيـلال ...جمعية "ألاوراش" تنظم عملية إفطار جماعي لفائدة نازلات و نزلاء مركز " الأمل " لحماية الأشخاص بدون مأوى ...


ازيلال : اللجنة الإقليمية للتنمية البشرية تصادق على مجموعة من المشاريع برسم سنة 2024


فاجعة أزيلال.. الشروع في محاكمة سائق أودى بحياة 10 أفراد في أزيلال ودفاع السائق يبرئه من المسؤولية ويضع “نارسا

 
الجهوية

ذكرى رحيل محمد الحجام.. ندوة تتناول “واقع الصحافة و الاعلام الوطني و الجهوي و تحديات المستقبل”


بني ملال : ، موقوف من ذوي السوابق القضائية يفارق الحياة في مستشفى بني ملال والأمن يحقق..


أوطوروت بني ملال فاس.. إطلاق دراسات المسار لإنجاز المشروع على مرحلتين

 
الرياضــــــــــــــــــــة

بين مؤيد ورافض.. أصوات تطالب برحيل "الركراكي" بعد تناسل شكوك كبيرة عقب وديتي أنغولا وموريتانيا


الرجاء الرياضي يقدم التعازي لعائلات ضحايا حادثة أزيلال


العداء الزيلالي عمر آيت شيتاشن وكوثر فركوسي يفوزان بلقب النسخة الأولى لنصف الماراطون الدولي بالحسيمة

 
إعلان
 
أدسنس
 
خدمة rss
 

»  rss الأخبار

 
 

»  rss صوت وصورة

 
 
 

الديانــــة عنــــد الأمازيغييــــن بقلم د. جميل حمداوي
 
أضف المقال إلى :
yahoo Facebook yahoo Twitter Myspace delicious Live Google

أضيف في 25 دجنبر 2016 الساعة 32 : 02


الديانــــة عنــــد الأمازيغييــــن 

 

بقلم   د. جميل حمداوي

 

 

توطئــــــة:

عرف الأمازيغيون، في منطقة تامازغا أو شمال أفريقيا أو المغرب الكبير، مجموعة من المعتقدات والديانات، مثل: الوثنية، واليهودية، والمسيحية، والإسلام. وقد تمثل الأمازيغ هذه المعتقدات والديانات عن طريق التأثر بالشعوب المجاورة أو الغازية أو الفاتحة، مع التأثير فيها كذلك عقديا ودينيا. ولم يقف الأمازيغ عند حد التأثر فقط، بل ساهموا في إثراء الحركات الدينية وإغنائها مع مجموعة من اللاهوتيين والمفكرين ورجال الدين الأمازيغيين، كما هو شأن أريوس (Arius) وأوغيسطينوس(Augustine) على سبيل التمثيل ليس إلا. علاوة على ذلك، فقد كان الأمازيغ أكثر تشبثا بعقائدهم ودياناتهم أكثر من الذين نشروها، كما هو الحال مع الديانات السماوية الثلاث: اليهودية، والمسيحية، والإسلام .إذاً، ما أهم المعتقدات الوثنية التي تشربها الأمازيغيون؟ وما أهم الديانات السماوية التي اعتنقوها؟ وكيف تعاطوا مع هذه المعتقدات والديانات؟ هذا ماسوف نعرفه في موضوعنا هذا.

 

المعتقدات الوثنية عند الأمازيغ:

من الأكيد والثابت أن للأمازيغيين، مثل الشعوب البدائية، معتقداتهم الدينية والوثنية الخاصة بهم، فقد كانت طقوسهم السحرية تعبر عن تفكيرهم الأسطوري الساذج الذي ارتبط بالطبيعة ارتباطا وثيقا، يقوم على الإحيائية والأنسنة والتجسيد. بمعنى أن الإنسان الأمازيغي أسطوري منذ تواجده على الأرض. وفي هذا الصدد، يحصر دوطي (Douté) وثنية الأمازيغيين في اهتمامهم الكبير بالطقوس والقرابين المقدسة بقوله:" ففي الحين الذي تتغير فيه المعتقدات، يظل الطقس باقياً كتلك المحارات المستحثة للرخويات المنقرضة التي تساعدنا على تحديد العصور الجيولوجية. إن بقاء الطقس وثباته هو علة البقاء والرواسب التي نصادفها في كل مكان« [1]

ويعني هذا أن الإنسان الأمازيغي كان إنسانا طقسيا، يمارس شعائره الدينية الأسطورية عبر فعل الطقس والسحر والقربان، والإيمان بالجن والقوى الخارقة، وعبادة الحيوانات وقوى الطبيعة المختلفة كباقي الشعوب البدائية الأخرى. وفي هذا السياق، يقول الباحث الإسباني غريلي(Ghrili) :" إن كل تلك المعتقدات التي تبناها البربرتباعاً، لم تتمكن من تحطيم العمق الديني البدائي البربري، أعني عبادة قوى الطبيعة . وعبادة الجن المتحكمين في هذه القوى، وطبيعة الماء، والعيون والنار...إلخ، والممارسات السحرية التي لا زالت سارية الاستعمال إلى الآن."[2]

هذا، ويرى هيرودوت (Hérodote) بأن " جميع الليبيين يقدمون القرابين للشمس والقمر، وأنه للشمس والقمر وحدهما يقدمون القرابين"[3]

هذا،وقد عبد الأمازيغيون العناصر الطبيعية، مثل: السماء، والشمس، والقمر، والنار، والبحر، والجبال، والكهوف، والغابات، والأحراش، والوديان، والأنهار، والأحجار، والأصنام، وكل الآثار المقدسة، كما كانوا يأكلون الخنازير، ويشربون دماء الحيوانات المقدسة، متأثرين في ذلك بالديانات المصرية القديمة.

هذا، ويقول ليون الأفريقي في كتابه (وصف أفريقيا) بأن الأمازيغ الأفارقة، في الزمن القديم، كانوا" وثنيين على غرار الفرس الذين يعبدون النار والشمس، ويتخذون لعبادتهما معابد جميلة مزخرفة توقد داخلها نار تحرس ليل نهار حتى لاتنطفىء، كما كان يفعل ذلك في معبد الإلهة (فيستا) عند الرومان.ذلك مالاتفتأ تواريخ الأفارقة والفرس تتحدث عنه.ومن المعلوم أن أفارقة نوميديا وليبيا كانوا يعبدون الكواكب، ويقربون إليها القرابين، وأن بعض الأفارقة السود كانوا يعبدون (كيغمو)، ومعناه في لغتهم رب السماء. وقد أحسوا بهذا الشعور الحسن دون أن يهديهم إليه أي نبي أو عالم."[4]

كما يشير إبراهيم حركات إلى هذه المعتقدات الروحية الطقوسية بقوله:" وفيما يخص المعتقدات الدينية، فإن السكان قد لجأوا إلى تعظيم ظواهر الطبيعة منذ القدم، حتى إذا ما دخلوا في طور المدنية الزراعية عملوا على حماية مزارعهم ومواشيهم بالوسائل الروحية التي اهتدوا إليها، ودخل الخوف من الجن قلوبهم في هذه الفترة، فظنوهم في الأشجار والكهوف والأحجار التي استمر تقديسها إلى زمن متأخر. وزعم بعض المؤرخين الفرنسيين أن الاعتقاد في بركة بعض الأشخاص أثر من آثار هذا الماضي السحيق لم تستطع الديانة المسيحية ولا الإسلامية القضاء عليه في هذه المناطق، مع أن الاعتقاد في بركة القديسين المسيحيين مايزال راسخا في أذهان كثير من النصارى الذين يقطنون أرقى بلاد العالم وأكثرها ارتباطا بالحضارة المادية."[5]

ومادام الأمازيغ يسكنون منطقة تامازغا أو ما يسمى أيضا بشمال أفريقيا المحاذية للبحر الأبيض المتوسط، فقد كان من الطبيعي أن يتشربوا معتقدات الشعوب المجاورة لهم تأثرا وتأثيرا. لذا، فقد تأثروا بالمعتقدات الفارسية، والفينيقية، والمصرية، واليونانية، والرومانية، والأيبيرية، والصقلية. كما أثر الأمازيغيون، بدورهم، في الشعوب المجاورة من حيث المعتقد والدين والطقس. وكانت علاقة الأمازيغي باليونان وثيقة جدا، فقد عبد الإغريق الإله بوصيدون، وهو إله أمازيغي محض. وفي هذا، يقول هيرودوت:" لقد جاءت أسماء الأرباب كلها تقريبا من مصر إلى بلاد اليونان.أما أن هذه الأسماء قد جاءتنا بالفعل كلها من الخارج، فهذه قضية وصلت إلى معرفتها أثناء بحثي. وأعتقد أنها جاءت من مصر على الخصوص؛ فإذا استثنينا اسمي (بوصيدون) و(الدير سكوري)[6]، فإن أسماء هيرا وهيستا وثميس وكارتييس ونيريد وجدت دائما في مصر ومنذ القديم.وهنا، أعيد هنا ما يقوله المصريون أنفسهم.ويبدو لي أن البلاسجيين[7] هم الذين أطلقوا هذه الأسماء على هذه الأرباب التي يعلن المصريون عدم معرفتها بها إلا الرب بوصيدون الذي اقتبسه اليونانيون عن الليبيين (الأمازيغ)، لأن اسم الرب بوصيدون لم يكن موجودا، ومنذ البداية، عند أي شعب من الشعوب غير الليبيين الذين ظلوا على الدوام يعظمون هذا الرب.[8]"

كما تأثر الأمازيغيون بالديانة المصرية، فقد عبدوا معبوداتهم، سيما الربة المصرية إيزيس.لذا، فقد كانوا يحرمون أكل لحم البقرة وتربية الخنازير احتراما لهذه الربة. وفي هذا السياق، يقول هيرودوت:" فمن مصر على بحيرة تريطونيوس يعيش الليبيون الرحل الذين يأكلون اللحم، ويشربون اللبن. وللسبب نفسه الذي دفع المصريين إلى الامتناع عن أكل لحم البقرة، والامتناع عن تربية الخنازير؛ فالليبيون بدورهم يعرضون عن لحم البقرة وعن تربية الخنازير. بل إن نساء قورينة يعتبرون أكل لحم البقرة نوعا من الإثم احتراما لإيزيس الربة المصرية التي يكرمنها بالصيام والاحتفالات .كذلك تمتنع نساء برقة عن أكل لحم البقرة والخنزير بسواء."[9]

وقد عبدوا أيضا ديانة المجوس، كما قال ابن خلدون في كتابه (ديوان المبتدإ والخبر):" وكان دينهم دين المجوسية شأن الأعاجم كلهم بالمشرق والمغرب إلا في بعض الأحايين يدينون بدين من غلب عليهم من الأمم.فإن الأمم أهل الدول العظيمة كانوا يتغلبون عليهم، فقد غزتهم ملوك اليمن ... مرارا على ما ذكر مؤرخوهم، فاستكانوا لغلبهم، ودانوا بدينهم."[10]

وقد تأثروا كذلك بالفينيقيين حين الاحتكاك بهم في قرطاجنة، وقد كانوا يشكلون معا مجتمعا واحدا، وكانت لهم ديانة واحدة ومعتقدات وعادات وأعراف واحدة. وفي هذا الصدد، يقول محمد محيي الدين المشرفي:"هذا، ولم يحذ المغاربة حذو القرطاجنيين في الشؤون المادية والاقتصادية فحسب، بل اقتفوا آثارهم في سائر الميادين الأخرى، فأخذوا عنهم ماكانوا يتحلون به من أخلاق، وقلدوهم حتى في وثنيتهم، فجعلوا يعبدون الكبش(عمون)، كما كان يعبده القرطاجنيون من قبلهم، قلدوهم في كل شيء، وأخذوا عنهم كل شيء حتى كادت أن تبتلعهم تلك الحياة الجديدة."[11]

وقد عبدوا أيضا معبودات فنيقيا في قرطاجنة، مثل: بعل وتانيت. وفي هذا الصدد، يقول اصطيفان اكصيل (Stéphane Gsell):" كان المعبودان الأكبران للقرطاجنيين هما بعل حمون وتانيت بني بعل اللذان يظهران أن أولهما كان إله الشمس، بينما كانت الثانية إلهة قمرية.وقد اختلط لدى الأهالي بعل حمون بأمون ...، ولكن ليس هناك مايؤكد أن بعل حمون هذا، الذي ورد من فينيقيا، لم يصبح إلها شمسيا إلا بعد طروئه على شمال أفريقيا.كما أنه يستحيل تأكيد كون تانيت بني بعل قد تحولت في هذه المنطقة إلى إلهة قمرية بعد تقمصها هي لإحدى الربات الأهلية، بل ربما يراودنا السؤال عن عبادة الشمس والقمر المنتشرة بين الليبيين في عهد هيرودوت حوالي وسط القرن الخامس ق.م، وهل لم تأتهم من الفينيقيين؟ أما فيما يتعلق بالقمر، فإن الوثائق تعوزنا لتبديد شكوكنا.

وليس الأمر كذلك فيما يخص الشمس، إذ هناك أسباب قوية تجعلنا نقبل أن عبادة هذا الكوكب بأرض المغارب قد سبقت توطيد الاستعمار الفينيقي."[12]

وقد تأثر أهل تامازغا بالرومان كذلك عندما غزوا شمال أفريقيا واحتلوها، وجعلوها مقاطعة استعمارية تابعة لهم، فقد تمثل الأمازيغ معتقداتهم ودياناتهم. كما تأثروا، بشكل من الأشكال، بديانات البيزنطيين والوندال.و بعد ذلك، تأثروا بالديانة الإسلامية، وصارت هي ديانتهم الوحيدة إلى يومنا هذا.

 

الأمازيغ والديانة اليهودية:

كانت الديانة اليهودية أولى ديانة سماوية تعرف عليها الأمازيغ، بعد مرحلة الوثنية والطقوس وعبادة مظاهر الطبيعة. وقد اعتنقوا هذه الديانة طوال سنين عديدة[13]. ومن باب العلم، فقد هاجر اليهود إلى تامازغا في القرن الثالث قبل ميلاد المسيح، بعد خراب أورشليم من قبل الحاكم تيتوس في السنة السبعين . كما هاجروا إلى منطقة تامازغا مع هجرة الفنيقيين إليها بغية تحقيق أغراض سياسية واقتصادية. وفي هذا الصدد، يقول علي محمد محمد الصلابي " لايخفى أن تواجد هذا العنصر في العصور الأولى كان ضئيلا جدا، وسبب تواجده في منطقة الشمال الأفريقي كان لعدة أسباب منها: سبب سياسي: وهو حب السيطرة، وتوسيع نفوذهم في أرجاء المعمورة.وسبب اقتصادي: حيث كان الشمال الأفريقي ينعم بخيرات البر والبحر.كل هذه الأسباب والدوافع مجتمعة كانت وراء مجيء العنصر اليهودي للمنطقة، حيث وصلوا على هيئة جماعات صغيرة عن طريق الفينيقيين قبل وصولهم الأخير إلى بلاد المغرب أيام الرومان.[14]"

ويقرر ذلك أيضا الأستاذ محمد شيت خطاب بقوله:" وجد العرب- المسلمون- أيام الفتح جماعات من يهود في أفريقية، ويرى بعض الكتاب أن الأفكار اليهودية بدأت تعرف طريقها إلى البلاد عن طريق الفينيقيين، وذلك قبل أن تهاجر جماعات من يهود إلى المغرب على أيام الرومان، وقد عمل هؤلاء المهاجرون على نشر اليهودية بين بعض قبائل البربر."[15]

ومن الصعب معرفة تاريخ اليهود في شمال أفريقيا بشكل دقيق وواضح. فهناك اختلافات حادة بين المؤرخين حول استقرار اليهود في هذه المنطقة. وقد استقروا بكثرة في مدينة قرطاجنة، وعددهم حوالي ثلاثين ألفا. ولم يأتوا فقط من أورشليم، بل أتوا أيضا من اليونان وإيطاليا، وتكاثرت أعدادهم مع غزو الرومان لهذه المنطقة الغنية بثرواتها. وقد استقر اليهود كذلك في تونس، والجزائر، وموريطانيا، والمغرب (وليلي وسلا القديمة). وقد انصهر اليهود في المجتمع الأمازيغي، وتمثلوا لغتهم وعاداتهم وتقاليدهم، وسكنوا جبالهم وسهولهم وبواديهم ومدنهم. وقد استقر اليهود أيضا في مصر خاصة في مدينة الإسكندرية.

والدليل على وجود اليهود بكثرة في مجتمع تامازغا أن تارتولي قد كتب كتابا لاهوتيا سجاليا يرد فيه على معتقدات اليهود، فيذكر انحرافاتهم الدينية . وقد كتب أوغستان كذلك كتابا مختصرا يرد فيه على اليهود الذين كانوا يستقرون في قسنطينة وتوات خصوصا.

وحينما دخل الفاتحون المسلمون إلى تامازغا، وجدوا مجموعة من القبائل تدين باليهودية كقبيلة جراوة بالأوراس التي تقطنها الكاهنة(الجزائر)، وقبائل نفوسة بتونس، ومديونة، وغياثة، وبهلولة، وقندلاوة، وفزاز بالمغرب الأقصى. وقد قيل أيضا بأن جنود طارق بن زياد الأمازيغي كانت فيه طائفة يهودية. وفي هذا السياق، يرى ابن خلدون بأن البربر قد " دانوا بدين اليهودية أخذوه عن بني إسرائيل عند استفحال ملكهم، لقرب الشام وسلطانه منهم كما كان جراوة أهل جبل أوراس قبيلة الكاهنة مقتولة العرب لأول الفتح، وكما كانت نفوسة من برابر أفريقية وقندلاوة ومديونة وبهلولة وغياتة وبنو فازان من برابرة المغرب الأقصى حتى محا إدريس الأكبر الناجم بالمغرب من بني حسن بن الحسن جميع ما كان في نواحيه من بقايا الأديان والملل."[16]

ويعني هذا أن اليهود، في شمال أفريقيا، من أصول بربرية، أو أصول فلسطينية، أو أصول يونانية، أو أصول إيطالية، أو أصول مصرية، أو أصول إسبانية. علاوة على ذلك، فقد كان الفاتحون للمغرب الكبير تجارا من يهود من اليمن ومصر، وقد استقروا بالقيروان خصوصا، وكانوا على اليهودية البابلية. وهناك من يقول بأن اليهود سفارديم هم الذين أصلهم عرب وبرابرة وأوروبيون شرقيون. وهناك من يقول بأن اليهود كانوا أقلية، وهناك من يقول عكس ذلك بأنهم كانوا أكثرية. وفي هذا الصدد، يقول إبراهيم حركات:" وكان يهود البربر من الذين يحرضون الوثنيين على الثورة ضد المسيحيين، وكان اليهود يدعون للديانة اليهودية.وقد كان مجيئهم إلى الشمال الأفريقي في هجرات متقطعة كانت أولاها صحبة الفينيقيين."[17]

والواقع أن اليهود تمكنوا من معايشة البربر المسالمين في أجزاء كثيرة من المغرب، بل واستطاعوا أن يجلبوا إلى دينهم عددا من البربر الذين لايزال أعقابهم يعيشون جنبا لجنب مع المسلمين في الأطلس وتافيلالت وغيرها.وكانوا يشكلون أحيانا دويلات مستقلة، كما فعلوا في كورارا شمال توات، حيث أنشأوا دويلة استمرت إلى نهاية القرن الخامس عشر الميلادي.[18]

هذا، وقد كان البورغواطيون، في المغرب، يؤمنون بالديانة اليهودية، "ويذهب ناحوم سلوش (Slouch) في مقاله عن إمبراطورية بورغواطة، ودفردان(Deverdun) في كتابه عن مراكش، إلى أن دولة برغواطة كانت يهودية، ويستندان إلى بعض المؤثرات اليهودية الموجودة في هذه الديانة، مثل: استعمال ياكش التي يرجعانها إلى يوشع اليهودي، ومثل استعمال الشعر على شكل ظفائر باعتبارها عادة متبعة عند يهود بولندا واليمن، ومثل تحريم البيض، والاعتقاد في تأثير اللعاب وهي عادة عند يهود طنجة. يضاف إلى ذلك اهتمام البرغواطيين بموسى، وتقديمه على عيسى، هذا إلى جانب الرأي القائل بأن مؤسس الديانة أصله يهودي."[19]

هذا، ويشير إبراهيم حركات " إلى الآثار اليهودية في هذه الديانة موضحا أن أسماء السور التي تضمنها قرآن صالح فيها الكثير من أسماء اليهود أي مايرتبط بذكريات التاريخ العبراني، وحتى أسماء ملوك غرناطة بينها الكثير من أسماء أنبياء بني إسرائيل كاليسع وإلياس، وإن كانت هذه الأسماء توجد في إمارات مغربية خارجية، ويضيف إلى ذلك الانطلاق من التنجيم والكهانة مما اشتهر به العبرانيون في القديم، وأصبحت له مكانة بارزة لدى البرغواطيين.كما نصت تعاليم التوارة على قتل السارق، وتبنى البرغواطيون هذا الحكم ورجم الزاني رغم أنه إسلامي فإنه يتفق مع الشريعة الموسوية.غير إن إبراهيم حركات لايعتبر هذه الديانة يهودية بل تأثرت باليهودية.[20]"

وعليه، فقد اعتنق الأمازيغيون الديانة اليهودية الموسوية لأول مرة، بعد أن عبدوا الطقوس والوثنية والمجوسية، بيد أنهم سرعان ما سئموا هذه العقيدة المنحرفة، فانتقلوا إلى الديانة المسيحية الأريوسية أو الكاثوليكية.

 

الأمازيغ والديانة المسيحية:

عرف الأمازيغيون المسيحية مع دخول الرومان إلى شمال أفريقيا للهيمنة عليها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، فاعتنق الأمازيغ هذه الديانة الجديدة، ورأوا فيها الخلاص من الذل والعبودية والظلم. وفي هذا الصدد، يقول أحمد توفيق المدني:" ظهرت بالشرق أنوار الديانة المسيحية في أول عهد القياصرة، فاعتنقها جم غفير من الرومان، وتسربت بواسطتهم إلى المغرب، وقدم مبشروها إليه؛ فأعجب البربر بهذا الدين الآمر بالأخوة والمساواة ومكارم الأخلاق، وتسارعوا إلى الدخول في دين الله أفواجا، وأصبحت له بيع صغيرة في كافة أنحاء البلاد المغربية.[21]"

وكانت تامازغا، بما فيها قرطاجنة، تؤمن بالمسيحية، بعد أن انتشرت أفكار الأريوسيين والدوناتيين من جهة، وأفكار أوغستان من جهة أخرى. وفي هذا الصدد، يقول ليون الأفريقي:" وظل سكان البربر وثنيين مدة من الزمن، واعتنقوا المسيحية قبل مولد محمد عليه السلام بمائتين وخمسين سنة، ذلك لأن المنطقة التي تقع فيها تونس وطرابلس كانت تحت سيطرة بعض أمراء بوي وصقلية، بينما كان ساحل القيصرية وموريطانيا خاضعا لملوك القوط، وفي الوقت نفسه أيضا هرب عدد كثير من الأمراء المسيحيين أمام هيجان القوط، وتركوا بلادهم الجميلة ليسكنوا ضواحي قرطاج حيث كونوا لأنفسهم ممتلكات بعد ذلك. ومن المعلوم أن هؤلاء المسيحيين كانوا على مذهب الأريوسيين ...ولما جاء العرب ليفتحوا بلاد البربر وجدوا المسيحيين يملكون هذه المناطق، فحاربوهم مرارا وأبى الله إلا أن يكون النصر حليف العرب، فهرب الآريون(الوندال) بعضهم إلى إيطاليا، وبعضهم إلى إسبانيا."[22]

بيد أن الأمازيغ عانوا الكثير بسبب اعتناق الديانة المسيحية؛ لأن الطبقة الرومانية الحاكمة كانت تحارب المسيحية، وتعاقب معتنقيها بوحشية وقسوة وصرامة شديدة. علاوة على ذلك، فقد كانوا " يبثون العراقيل في الديانة المسيحية؛ فما أغنت عنهم تلك العراقيل شيئا، واستفحل أمرها؛ فأخذوا ينكلون بالمعتنقين تنكيلا شديدا، ولم يقفوا أمام أي فظاعة أو قوة.فكانوا يسجنون المسيحيين سواء بإيطاليا أو بالمغرب؛ ثم يجمعون الناس في يوم مشهور بإحدى الملاعب الكبيرة، ويخرجون أولئك التعساء رجالا ونساء في وسط الملعب، ويطلقون عليهم الأسود الكاسرة الجائعة؛ فتمزقهم إربا إربا، وتأكلهم على مرأى ومسمع من الجموع المتفرجة؛ كان أولئك الشهداء، شهداء وحشية الإنسان، يموتون بكل جلد وثبات.[23]"

ولم تتوقف الديانة المسيحية في امتدادها الروحاني والجغرافي، بل اعتنقها الناس شرقا وغربا، فتمثلها الأمازيغيون؛ لأنها كانت سبيلا للخلاص من الضيم والذل والعار، وسبيلا للتحرر من الاستغلال والاستعمار الروماني.

هذا، ويقول ابن خلدون:" فكان البربر بأفريقية والمغرب قبل الإسلام تحت ملك الفرنج وعلى دين النصرانية الذي اجتمعوا عليه مع الروم كما ذكرناه. حتى إذا كان الفتح وزحف المسلمون إلى أفريقية زمان عمر رضي الله عنه سنة تسع وعشرين، وغلبهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح من بني عامر بن لؤي، فجمع لهم جرير ملك الفرنجة يومئذ بأفريقية من كان بأمصارها من الفرنج والروم، ومن بضواحيها من جموع البربر وملوكهم.[24]"

وثمة مجموعة من الحركات المسيحية الأمازيغية التي تركت بصمات خالدة في تاريخ تامازغا، وهي على النحو التالي:

 

1- المذهب الأريوسي:

ينتسب هذا المذهب إلى القس الأمازيغي أريوس الذي كان يعتبر المسيح نبيا من أنبياء الله، فقد أرسله إلى الناس لهدايتهم. وبالتالي، فليس إلاها ولا ابن إله، فهو مجرد رسول أو واسطة بين البشر والله، تتمثل رسالته في التوحيد (أشهد أن لا اله إلا الله، وأن عيسى رسول الله)، ونشر الفضيلة والمسيحية السمحة. وبذلك، كان أريوس مسيحيا موحدا، يبشر بالنبي محمد (صلعم).بيد أن دعوته لقيت معارضة شديدة من قبل المسيحية المتعددة. ويعني هذا أن الأريوسية قد شكلت مذهبا دينيا مستقلا عن الديانة المسيحية كما تمارس في روما. وقد انتشر هذا المذهب في شمال أفريقيا وفي مصر، وقد كانت هذه الدعوة ذائعة الصيت في القرن السادس الميلادي، وقد نكل الرومان ومسيحيو التثليث بهؤلاء الأريوسيين أو الآريسيين الشهداء تنكيلا شديدا، فاقترفوا مذابح بشعة في حق أتباع أريوس، وقتلوا منهم اثني عشر مليونا. وفي هذا، يقول الرسول (صلعم) في رسالته إلى هرقل الروم:" أَسْلِمْ تَسْلَمْ وَأَسْلِمْ يُؤْتِكَ اللَّهُ أَجْرَكَ مَرَّتَيْنِ فَإِنْ تَوَلَّيْتَ فَعَلَيْكَإِثْمُ الْأَرِيسِيِّينَ". ويعني هذا أن الأريسيين أو الأريوسيين هم موحدون قبل الإسلام، ومبشرون بالدعوة المحمدية العادلة.

وللعلم، فقد كانت مصر موحدة لما دخلها المسلمون، وقد كانت على دين الأريسيين أو دين التوحيد، ولم تكن آنذاك قبطية، وحينما جاء الإسلام، فقد انضم إليه الموحدون الأريسيون.

 

2- المــذهب الدوناتي:

ولد دوناتوس في شمال إفريقيا إبان القرن الثالث الميلادي، ويعتبرمن أهم الزعماء البرابرة الذين واجهوا الرومان بكل ما أوتي من قوة وعلم. وهوأيضا من أهم المدافعين عن العقيدة المسيحية في الوسط الأمازيغي، وهو قس وراهب واعظ فيقرية بربرية. وبعد ذلك، صار أسقفا وزعيما دينيا كبيرا في أفريقيا الشمالية، ولهأتباع كثيرون يدافعون عن المذهب الذي أسسه نظرية وممارسة. وهو كذلك مؤلف كتاب دينيتحت عنوان(الروح القدس)، بله عن كونه زعيم المذهب الديني الدوناتي الذي تشكل في خضمالصراع الكنسي الدائر يومئذ. وقد انضوى، تحت هذا المذهب، كل الرافضين للسيطرةالرومانية، بما فيهم مذهب (الدوارين ) الذي رفع راية العصيان والثورة وشعار التمرد عنالحكومة الرومانية، وقد توفي دوناتوس في335م.

هذا، ولم تظهر الثورة الدوناتية في شمال إفريقيا، وبالضبط في نوميديا،إلا عندما تبنى الإمبراطور الروماني تيودوز العقيدة المسيحية دينا رسميا للدولةالرومانية منذ391م، فاستغل دوناتوس الفرصة، فأسس مذهبا مسيحيا أمازيغيا مستقلا هو (المذهب الدوناتي). فأقبل الأمازيغيون على هذا المذهب الجديد للتخلص من نيرالاستعمار الروماني، والتحرر من ربقة الظلم والضيم والعبودية والذل والعار. هذا ماجعلالأمازيغيين يعطون لكنيستهم صبغة قومية لتدافع عن مطالب السكان المحليين، وتحميهم منتجبر القوات الرومانية، وطغيان المستغلين من الأرستقراطيين ورجال الدين الكاثوليكالرومانيين.

ومن ثم، شكل القس دوناتوس - كما قلنا سابقا- حركة ثورية دينية واجتماعية وسياسية، قامت بدور تاريخي هام ما بين 4 قبل الميلادو429 ميلادية. وقد انشق دوناتوس عن المذهب المسيحي الذي أراد الإمبراطور الرومانيتيودوز فرضه على الشعوب الخاضعة لحكمه، منذ تبنيه له سنة 391م،" وقد تسبب هذاالانشقاق في مجابهات دموية كثيرة، استمرت تقريبا حتى مجيء الوندال لشمال إفريقياسنة439م "[25]

وقاد دوناتوس،في إطار ثورته الدينية، مجموعة من رجال الكنيسةالأمازيغيين الرافضين للسلطة الرومانية، وساهموا في ظهور ما يسمى بالثورة الدوناتيةنسبة إلى دوناتوس[26] Donatus. وتمتاز هذه الحركة الدوناتية الدينية بكونها ذاتصبغة أمازيغية متمردة عن الحكم الروماني، ورفض تعاليم الكنيسةالرسمية.

وعليه، فقد كان دوناتوس يدعو إلى مذهب ديني جديد،يقوم على إقرار المساواة بين الناس، ويعمل على مساعدة الفقراء، ولا يعترف بأية سلطةغير سلطة الإله الخالق، وكان يأمر الأمازيغيين بطرد كبار الملاكين من تامازغا ، وإخراج أصحابالنفوذ من المسيحيين الكاثوليك من هذه المنطقة.

وقد انتشرت الدوناتية فيالكثير من الولايات والممالك الأمازيغية، سيما في ولاية أفريكا وولاية نوميديا .وقد ترتب على ذلك أن تشكلت، ميدانيا، مجموعة من التنظيمات العسكرية التي كانت تهاجم مزارع الأرستقراطيينالرومان، بغية تحرير عبيدها وأقنانها المظلومين.

بيد أن هناك منالباحثين من يقسم الحركة الدوناتية إلى مجموعتين: مجموعة دوناتية تستغل الدينلتحقيق مصالحها ومآربها الشخصية، وهي عصابة من العبيد الأمازيغيين المتوحشين الذينيثورون ويغتصبون وينهبون قصد الوصول إلى أطماعهم المادية، وقسم آخر من الدوناتيينالذين حافظوا على مبادئهم الأخلاقية ومعتقداتهم الدينية، ينتهزون الفرصة السانحةلمجابهة الرومان ضمن رؤية دينية وسياسية معقولة ومقبولة. وفي هذا، يقول الباحث الجزائري أحمد توفيقالمدني: " عندما مات أسقف المغرب المدعى مانسوريوس وقع الخلاف فيتسمية خليفته، وترشح لذلك الراهب ساسليان، لكن أنصار الفتنة أبوا الموافقة على هذهالتسمية، وكان زعيم المعارضين راهب قرية بربرية يدعى دونات (Donate)، وتألف عندئذ جند من أشد الدوناتيين تعصبا، وأخذوايجوبون أطراف البلاد بدعوى ضم جميع المسيحيين إليهم، وكان أغلب هؤلاء الدوناتيين منالعبيد الآبقين، وممن لا يملكون في هذه الدنيا غير أجسامهم، فاتخذوا لنفسهم مذهبااجتماعيا هو خليط من الشيوعية والفوضوية. ويقولون: إنهم يريدون أن يقروا مبدأالمساواة التامة في الرزق بين الناس، وأنهم لا يعترفون بأية سلطة، وطفقوا كذلكيتجولون، وانقلبوا عصابة نهب وسلب ترتكب الفظائع، وتقوم بالذبائح، ولم يبق لهم منالصبغة الدينية أي شيء، فتعقبتهم الجنود الرومانية، وقطعت، في آخر القرن الرابع،دابرهم، لكن الدوناتيين الحقيقيين، وأغلبهم من أبناء البربر، ظلوا محافظين على قوتهموصلابتهم، يترقبون سنوح فرصة للانقضاض على أعدائهم، وكانت حركتهم سياسية ترمي إلىالتحرير، متقمصة في ثوب حركة دينية.

وأعظم أسباب هذاالهيجان هو النظام الاستعماري الروماني الذي ملك الأرض بيد ثلة منتفعة، وحرم منهاجماعة الناس.[27]".

ويتبين لنا، من هذا كله، بأن الدوناتية تنقسم،في طبيعتها، إلى حركتين: حركة ثورية إرهابية شيوعية فوضوية، وحركة دينية معتدلةمناضلة متعقلة في خططها الإستراتيجية في تعاملها مع القوات الرومانية. لكنالدوناتية،في جوهرها، حركة اجتماعية تدافع عن الفقراء والمظلومين، وتقف في وجهالإقطاعيين الأرستقراطيين الذين استحوذوا على أجود الأراضي، فحولوا أصحابهاالأمازيغيين إلى عبيد أرقاء.

كما استغل رجال الدين الكاثوليك سلطتهم الدينية فيشمال إفريقيا، فبدأوا في نهب خيرات البرابرة، والسيطرة على ممتلكات الأمازيغيينوثرواتهم، وحولوهم إلى عبيد أذلاء بدون أرض ولا مأوى، وتركوهم بطونا جائعة تبحث عنالخبز بدون جدوى. وهذا ما أفرز حركة (الدوارين) . ومن جهة أخرى، فقد جاءت الثورة الدوناتية لتناديبالمساواة والتغيير الجذري عن طريق طرد المستغلين من أراضي تامازغا. بيد أن المستغلينالرومان قد سارعوا إلى الدفاع عن المذهب الكاثوليكي الذي كان يمثله القديس أغسطنيوس ضدالمذهب الدوناتي الذي كان مذهبا عقائديا اجتماعيا وثوريا، يؤمن بالفعل والتغيير، معفضح التسلطن الروماني.

هذا، وقد سبب هذا الصراع الديني فيمواجهات دموية، "عكست بوضوح الصراع الاجتماعي في ولايات روما الشمال إفريقية، ويتجلىذلك في كون الإمبراطور والدولة الرومانية ومن ورائهما الملاك الكبار ساندوا الكنيسةالكاثوليكية الرسمية ضد دوناتوس وأتباعه الأمازيغ، وقاموا باضطهادهم لما شكلتهالمبادئ التي اعتنقوها من خطر على امتيازاتهم، ذلك أن دوناتوس الذي عانق قضاياالفقراء والمضطهدين نادى بإبعاد وطرد الأشرار- وقصد بهم كبار الملاك والمرابين وذويالنفوذ- من الجماعة المسيحية، فكانت الدوناتية بذلك عقيدة الثورة التي فجرهاالأمازيغ، واستمر لهيبها إلى زوال الحكم الروماني، ولم يزد التنكيل والاضطهادالرومانيين الدوناتوسية إلا تجذرا وأتباعها إلا تشبثا بتعاليمها، لكونها تعبر عنآلامهم وآمالهم في العدل والمساواة."[28]

ومع اكتساح الثورةالدوناتية لكثير من ولايات شمال أفريقيا، وسرعة انتشارها بين الفقراء والضعفاءالأمازيغيين، قررت الحكومة الرومانية الضرب على أيدي الدوناتيين، والقضاء عليهمنهائيا. لذلك، أرسلت روما أحسن قواد جيشها رفقة قوات عسكرية عاتية سنة 411 م للتنكيلبالدوناتيين، فشتتتهم بقوة وعنف، وقضت على أتباع هذه الحركة الدينية، وسلمت أملاكهاوكنائسها للمسيحيين الكاثوليك، في الوقت الذي كانت فيه الإمبراطوريةالرومانية على وشك التداعي والسقوط والاضمحلال.

من النتائج التي حققتها الثورة الدوناتية أن المقاومةالأمازيغية في شمال إفريقيا قدتجاوزت المقاومة العسكرية إلى نوع آخر من المقاومة تتمثل في النضال الديني والاجتماعي. وقد حارب الأمازيغيون الإمبراطورية الرومانيةالمسيحية بالسلاح العقدي نفسه للتخلص من نير الاستعمار، ومناهضة الاضطهاد والاستغلال. وقد أشعلت الثورة الدوناتية الكثير من الثورات والفتن، وساهمت في ظهورالكثير من الجماعات المتمردة عن السلطة الرومانية، خاصة ما يعرف بالثوار( الدوارين)الذين كانوا يدورون حول مخازن الحبوب يريدون سرقتها بسبب الجوع وكثرةالفاقة.

هذا، وقد ساهمت هذه الحركة الدوناتية كذلك في اضمحلال الإمبراطوريةالرومانية، وتأجيج الصراع الديني، وتناحر السلطتين: الدينية والسياسية على المستوىالمركزي في العاصمة الرومانية، وانبثاق الصراع العقائدي بينالدوناتية والعقيدة الكاثوليكية. وفي هذا الصدد، يقول عبد الله العروي:"تهافتالمغاربة على الحركة الدوناتية ( نسبة إلى الأسقف دونات) المنشقة، وأعطوا لكنيستهمصبغة قومية واضحة، دون أي اعتبار لمفهوم الكثلكة. أي: الجماعة، محور كل مسيحية تكيفتمع واقع التفاوت الاجتماعي.

تسبب الانشقاق الدوناتي مدة قرن كامل فيمجابهات دموية كثيرة. قاد المعركة من الجانب الكاثوليكي أوغسطين، متكلا كليا علىالسلطة المدنية، ومستفيدا من الرعب الذي استولى على كبار الملاكين بسبب ما احتوتعليه الحركة الدوناتية من أهداف ثورية اجتماعية. انتصر أوغسطين سنة 412 لكنه لميتلذذ بالانتصار إلا مدة قصيرة. استولى على أفريقيا الشمالية سنة 439 الوندالالموالون لبدعة أريوس، فاستغلوا ضد الكاثوليكيين تلك الوسائل العنيفة التي استعملهاهؤلاء ضد الدوناتيين. انتقمت الكنيسة الإفريقية لنفسها في النهاية، باستدعاءالبيزنطيين، وإعانتهم على طرد الوندال، لكن بعودة المنطقة إلى حظيرة الإمبراطورية،فقدت الكنيسة الاستقلال الذي ما فتئت تحارب من أجله منذ أواسط القرنالثالث."[29]

وعلى الرغم من هجوم الرومان على الدوناتيينللقضاء عليهم، وما ترتب على ذلك من تشتيت لوحدتهم، والتنكيل بثوارهم، إلا أنالدوناتية ظلت نزعة دينية، وثورة قومية عارمة، يؤمن بها كل الأمازيغيين. وبالتالي، لم تستطعالقوات الرومانية أن تمحي الدوناتية من قلوب الأمازيغيين الذين آمنوا بها ذهناووجدانا وعاطفة وممارسة. وفي هذا السياق، يقول محمد بوكبوط :" شن الرومان حربا لاهوادة فيها ضد الدوناتيين باعتبارهم محرضي الثوار، لكنالنتيجة كانت عكس ما سعى إليه الرومان، إذ تجذرت الدوناتية في أوساط الأمازيغتعبيرا منهم على الإصرار على التمسك بهويتهم، والحفاظ على كينونتهم المتميزة عنالمحتلين الرومان، ومن ثم، كانت الدوناتية رد فعل مذهبي واجتماعي من جانب الأمازيغضد القوالب الفكرية والدينية التي كانت تسعى مؤسسات الاحتلال، دولة وكنيسة، صهرالأمازيغ فيها لاحتوائهم وطمس هويتهم."[30]

وهكذا، يبدو لنا أن الحركةالدوناتية قد ساهمت بشكل كبير في تدهور الإمبراطورية الرومانية، واضمحلالهابكل سرعة، ليحل محلها الوندال الغزاة والبيزنطيونالعداة.

وعلى العموم، فقد قاددوناتوس، الزعيم الديني الأمازيغي، الحركة الدوناتية في بلاد تامازغاباعتبارها حركة ثورية اجتماعية مناهضة للاحتلال الروماني، ورفضا لسياسة الرومنة، ونزعةالتمسيح.

وعلى أي حال، فقد استهدف دوناتوس مقاومة القوات الرومانية ورجال الدين الكاثوليك الذين كانوا يباركون الاحتلال، ويعترفون بشرعية الاستغلالواسترقاق الساكنة المحلية، ويناصرون الأرستقراطيين الذين كانوا يحتكرون ثروات الأمازيغيين. وفي الوقت نفسه، يعرضونهم للجوع والفقر والاضطهاد.

وعليه،فالحركة الدوناتية حركة ثورية اجتماعية اشتراكية، وثورة راديكالية جماهيرية، تؤمنبفعل التغيير الميداني،وترفض الاستلاب الديني المسيحي، وتحارب كل أشكال الرومنةوالاستغلال الفاحش.

 

3- أوغستـــــان:

ولد القديسوالكاتب الأمازيغي الكبير أوريليوس أغسطينوسأو أغسطين أو أوغستان (Saint.Augustin) في 13نوفمبرمن سنة 354م، من أمبربرية مسيحية اسمها مونيكا، وأب وثني روماني عبارة عن موثق بسيط، كان يسمىپاتريسيوس في مدينة تاگيسته (سوق الهراس) بالجزائر (نوميديا). وقد دافعأوغسطين كثيرا عن هويته الأمازيغية وكنعانيته السامية في رسالة له إلى أهلروما، وكان يقول:" إذا سألتم سكان البوادي عندنا في نوميديا، قالوا: نحنكنعانيون"، ويعني هذا أن لغة أوغسطين هي النوميدية المتأثرة باللغةالفينيقية الكنعانية أو هي الأمازيغية النوبية ذات الجذور الكنعانية. بيدأن ثقافته لاتينية، ولايتقن من الإغريقية إلا النزر القليل.[31]"

هذا، وقد تلقىأوغسطين تعليمه في تاگيسته ومودوروس منذ السادسة عشرة من عمره، وسافر إلىقرطاج ليستكمل دراساته . وبعد ذلك، انتقل إلى إيطاليا، في مرحلة الغزواللاتيني لشمال أفريقيا،للتعلم والدراسة في روما وميلانو. وقبل سفره، كانمتأثرا بالأفلاطونية المحدثة.

وقد مارس أوغسطين مهنة التعليم، وكانيعطي دروسا في البلاغة في مدينة قرطاج ومدن إيطاليا، وانتقل حيال مدينةعنابة سنة 388م، حيث أقام فيها ديرا للتعبد والاعتكاف الديني، ليتقلد فيما بعد عدةمناصب دينية إلى أن عين في منصب أسقف مدينة عنابة سنة 395 م. وبعد ذلك، صار أبا للكنيسة اللاتينية. وقد توفي أوغستان في29/08/ 430 م بمدينة عنابة(Hippone).

هذا، وقد تشبع أوغسطين بالمعتقد المسيحي تأثرا بأمه القديسة مونيكا، وتأثر كذلك بأسقف ميلانو القديس أومبرواز( Ambroise ) سنة386م.

هذا،وقد دافعأوغسطينكثيرا عن مبادئ المسيحية الكاثوليكية الرسمية التابعةللكنيسة الرومانية، ووقف في وجه الحركة الدوناتية ذات الملامح الثوريةالشعبية. وكان" خطيبا وكاتبا من طراز عال، فلم يتح للمسيحية أن رزقت زعيمافي مرتبته قط."[32]

ويعرف أوغيسطينيوس بأنه في بداية حياته كان ماجنامتهتكاوشابا عربيدا، إلا أنه تاب، بعد ذلك، وأصبح متدينا وزاهدا متقشفا. وبالتالي، كان القديس أوغسطين"ثاقب الذهن، واسع الفكر، غزير العلم، ارتوىمن مبادئ الديانة المسيحية، فأصبح من أكبر القسيسين ورجالات الكنيسةالكاثوليكية. وقد كرس حياته الصالحة في مقاومة الزنادقة، ومكافحة المذاهبالأخرى التي من شأنها أن تقف حجر عثرة في سبيل تقدم الديانة المسيحية؛ وكانيستعمل سائر الوسائل لمحاربة المذهب الدوناتي(donatisme ) الذي كان يرميالكاثوليكيين بتسرب الضعف إلى عقيدتهم الدينية، كما كان يحارب المذهبالمانكي( Manichéism ) الآري الذي سينتحله، فيما بعد، القائدجنسريق، ملك الوندال."[33]

وعلى الرغم من ثقافة أوغسطين اللاتينية،فإنه كان يقدم قداسه ومواعظه باللغة المحلية أو اللغة الفينيقية ؛ لأنالأمازيغيين، في شمال أفريقيا، كانوا يجهلون اللغة اللاتينية؛ لكونها لغةالمثقفين الذين درسوا بروما، وأصبحوا من مؤيدي الحكومة الرومانية، بل كانوايرفضونها؛ لأنها لغة المستعمر. وكان الهدف، من نشرها في الأوساط الأمازيغية، هوالعمل على نشر سياسة الرومنة والترومن. وفي هذا، يقول الأستاذ الحسنالسايح:" وعلى الرغم من هذا التأثير الروماني، فقد ظل الشعب المغربي يتكلم،ويحدثنا القديس(أوغسطونيوس) وهو أحد رجال الدين المغاربة، أنه كان يستحيلعليه أن يلقي قداسه باللغة اللاتينية؛ لأن معظم الناس الذين يستمعون إليهلايعرفون حرفا واحدا من اللاتينية، وإنما كانوا يعرفون اللغة الفينيقية،التي كانت منتشرة انتشارا واسعا، حتى إن العرب الذين جاؤوا المغرب وجدواالناس يتكلمون اللغة الفينيقية، وهي لغة سامية أخت العربية، بل إنها لهجةمن اللهجات العربية، فكان الانتقال منها إلى لغة، كالانتقال من اللهجةالمغربية إلى المشرقية."[34]

هذا، وقد كان أوغسطينيوس شخصا مثقفا وفيلسوفالاهوتيا موسوعيا، لم يستطع أحد أن يصل إلى مستوى هذا العالم إبان العصرالقديم، فقد امتلك ثقافة لاتينية عميقة وواسعة المدارك ومتنوعة المستوياتوالمفاصل. ولا يمكن أن نضع إلىجانب أوغستان الجزائري إلا شخصا واحد يقترب منه فكريا هو المثقف المغربيالكبير يوبا الثاني الذي نهل من معارف عدة، وتمكن من لغات مختلفة، وتبحر فيالكثير من المعارف العلمية والأدبية والفنية والسياسية والإدارية.

ومنجهة أخرى، فقد ترك لنا أوغسطين نظرية فلسفية دينية متكاملة مازالت تدرس وتناقشإلى يومنا هذا في الملتقيات اللاهوتية والفكرية، وتنسب إليه تحت اسم(الأوغسطينية ( Augustinienne ).

وعليه، فثمة عوامل عدة تحكمت في توجيه شخصيةأوغسطين، ويمكن إجمالها في: خطابة شيشرون، وقراءة الإنجيل، والاطلاع علىتأويلاته، وفحص لغة كتابته، وخاصة الإنجيل الإفريقي، والانسياق وراء العقيدةالثنائية التي تسمى بالمانيكية، كما تأثر كثيرا بفلسفة أفلاطون والفلسفةالأفلوطينية المحدثة.

ومن مرتكزات نظرية أوغسطين: الإيمان الروحي،والحب، والعقل، والحكم العادل، والقدر الإلهي، والإرادة، والخير، والتذكربدل الجهل والنسيان، والحرب العادلة، والخطيئة الأصلية، والطبيعة، والتعويض، والتجسيد الحلولي، والملكية الخاصة.

وينضاف إلى هذا، أن أوغيسطينوس قد كتبأكثر من مائتي كتاب باللاتينية، وتصنف كتبه وردودهضمن إطارالثورات الدينية والأدبية التي كانت تشتعل في نوميديا، وبالخصوص بينالدوناتية والكنيسة الأفريقية المسيحية. وكان المناضل الأمازيغي دوناتوس هوالذي يقود الحركة الدوناتية، ومن المعلوم أن هذه الحركة ذات طابعدينيشعبي ثوري راديكالي، تتشكل من الفقراء والمعدمين والبؤساء والثوار المحليينوالعبيد الضعفاء، تدافع عن هوية الساكنة، واستقلال دولة تامازغا، وتحاربالرومان، وتطالب السكان المحليين بطردهم بالقوة من شمال أفريقيا.

أماالكنيسة الكاثوليكية الأمازيغية التي يتزعمها أوغستان، فقد استهدفت نشرالعقيدة المسيحية، كما هو متعارف عليها في الكنيسة المركزية الرومانية . بيدأن هذه الكنيسة كانت في خدمة الإمبراطور الروماني قسطنطين،تهادن الحكومةالرومانية في حالات السلم والحرب، وتعطي المشروعية الدينية للمعمرينالأجانب والمرابين وأصحاب النفوذ، وتبرر استغلال الإقطاع الروماني لساكنةنوميديا بصفة خاصة، وشمال أفريقيا بصفة عامة.

وعليه، فلابد من وضع مؤلفاتأوغيسطينوس ضمن هذا السياق التاريخي الذي ينحصر في الصراع الأمازيغي ضدالرومان والوندال، وضمن الصراع الديني والاجتماعي والعسكري الذي كانت تخوضهالكنيسة الكاثوليكية ضد المذهب الدوناتيوحركة الدوارين الاجتماعية.وكانت لا تناصر سوى القوات الرومانية، مؤيدة كل القراراتالتيتصدرها الحكومة اللاتينية لإبادة المعارضين الأمازيغيين.

و على العموم، فجل الكتبالتي ألفها القديس أوغسطينيوس كانت باللغة اللاتينية، لكن قداسهالدينيكان يقدمه أوغستان باللغة الفينيقية أو اللغة المحلية التي كان يفهمها الشعبالأمازيغي. لأن اللاتينية مقصورة فقط على كبار المثقفين والموظفينالإداريين التابعية لحكومة روما. وفي هذا، يقول القديس أوغسطين:" إن الدولةالرومانية التي تعرف كيف تحكم الشعوب؛ لم تفرض على المغلوبة منها سيطرتهافحسب، بل لغتها أيضا."[35]

وعلى أي حال، فالقديس أوغسطين عميق التفكير،ورجل دبلوماسي في تعامله مع الرومان، كثير الجدال والمناظرة، وهو كذلك"فيلسوف قبل كل شيء، رجل يحلل الآراء، ويرى كل ماتحوي ومبدأها الأول ومداهاونتائجها النهائية. وهو فوق ذلك خطيب عظيم مؤرخ، أو بالأحرى فيلسوف للتاريخفي كتابه( مدينة الله)، وهو أخيرا شاعر للقلب والوجدان الممتع في(اعترافاته) الخالدة. وربما كان هذا الرجل أغرب رجل في العالم القديمكله."[36]

ومن أهم كتب أوغسطين: اعترافاتي، ومدينة الله، والثالوث المقدس، والنعمة. وتبقى سيرته (اعترافاتي/ Mes confessions ) بمثابة البداية الحقيقية للكتابة الأوطبيوغرافية في الفكر الإنساني. ويعنيهذا أن المؤلف هو أول كتاب وصل إلينا في باب السيرة الذاتية الروحية،ذات الطابع الديني الذي يشتبك بالطابع التاريخي، حيث يقدم فيه الكاتباعترافاته بكل صدق وصراحة، ويفصل حياته الغريبة، ويوضح انسياقه وراء الأهواءوالشهوات، سيما في مدينة قرطاج، حيث كان مولعا بالمسرح والحب والجنس، ويبين لنا كيفتعرف الله، وكيف انتقل بعد ذلكإلى الفكر المسيحي. كما يكشف لنا عن تصورهوموقفه من الصراع العقائدي والاجتماعي والتاريخي الذي كان يعيش فيه أوغسطينإبان مرحلة الصراع الأمازيغي / الروماني.

وفي الأخير، يدعو الكاتب، في هذا المؤلف الديني، إلى سلام الروح، ومحبة الإله، والارتماء في أحضان الرب من أجل الاستراحة النورانية.وتعنيالاعترافات، في المفهوم المسيحي، بوح الإنسان، واعترافه للراهب بأخطائهوذنوبه قصد الحصول على العفو. ويسير الكتاب، في هذا المنحى الاعترافيالمسيحي، فيعترف أوغسطين بكل جرأة بأخطائه ومجونه من أجل الظفر بالتوبةوالغفران الرباني.

ومن المعروف، أن هذا الكتاب قد صنف ما بين391 و400م في حياةالكاتب أوغسطين، بينما لم يكتب كتاب ( مدينة الله ) و(الثالوث المقدس) إلا بعد وفاته، وبالضبط في 400 م.

والدليل على ريادة سيرة أوغسطين ومكانتها فيالأدب الإنساني والعالمي ما قاله الدكتور إحسان عباس في كتابه( فنالسيرة):" وفي السير الذاتية بالغرب معالم كبيرة، كان لكل معلم منها أثره فيكتابة السيرة الذاتية وطريقتها، وفي طليعة تلك السير( اعترافات القديسأوغسطيس)، فإنها فتحت أمام الكتاب مجالا جديدا من الصراحة الاعترافية، وشجعتالميل إلى تعرية النفس، في حالات كثيرة تلتبس بالآثام، أو يثقل فيها عناءالضمير."[37]

ومن أهم مميزات كتاب( اعترافاتي) أنه كتب بطريقة شاعريةروحانية وجدانية، يستقطر فيها الكاتب دموع المعاصي والذنوب ليعوضها براحةالتوبة والغفران، مقابلا بين الحياة والموت، والدنيا والآخرة.

 

4- تارتولي أو ترتوليانوس Tertullianus :

يعد تارتولي من أهم علماء اللاهوت في منطقة تامازغا القديمة، وقد توفي سنة 240م. وقد تخلى عن عبادة الوثنية، فاعتنق دين النصرانية. ثم تحمس له حماسا شديدا، ثم دافع عن المسيحية أيما دفاع واستماتة، فوقف في وجه الكنيسة الرومانية الداعية إلى الاستغلال، وتكريس التفاوت الطبقي، وذلك في كتابه( دفاعا عن الدين Apologeticus)، فحرض الأمازيغ على التخلص من الخدمة العسكرية في الجيش الروماني. وقد تناول تارتولي، في كتابه الديني، مجموعة من القضايا الخلقية في ضوء العقيدة المسيحية الجديدة، حيث كان يدعو إلى العفة والأخلاق الفاضلة، ويحارب اليهود وأهل البدع الضالة والمنحرفة.[38]

 

5- أرنوبي الأكبرArnobius :

ولد أرنوبي بنوميديا في منتصف القرن الثالث الميلادي. وقد تنصر في شيخوخته، بعد أن قضى جل حياته في الوثنية. ومن أهم كتبه في هذا المجال( ضدا على الوثنيين Adversus nations)، وقد ألفه سنة 300 ميلادية، متحاملا فيه على الوثنية وعبادة الأصنام، مع التأكيد، في الوقت نفسه، أن الفوز بالنجاة في الدنيا والآخرة لن يتم ذلك إلا بعبادة الله، والإيمان به قولا وفعلا وسلوكا. وقد عد أرنوبي، في الثقافة المسيحية المتوسطية، من أهم آباء الكنيسة المسيحية وأجلهم؛ لأنه كرس كل حياته لخدمة النصرانية، والتبشير بها، فترك عمله بسبب ذلك ليتفاني في الدفاع عن الدين الجديد، وتقويض أركان الوثنية .

 

6- مينوسيوس فيليكس:

يعد مينوسيسوس فيليكس من أهم علماء اللاهوت الأمازيغين في شمال أفريقيا، وقد ألف كتابا بعنوان(OCTAVIUS)، وهو عبارة عن حوارات ومناظرات دينية وعقدية، يدافع فيها الكاتب عن المسيحية ضد الاعتراضات المألوفة الموجهة ضد هذا الدين الجديد في تلك الفترة بالذات.

إذاً، تلكم هي نظرة مختصرة حول امتداد المسيحية وانتشارها في أرجاء تامازغا شرقا وغربا، شمالا وجنوبا.

 

الأمازيـــغ والإسلام:

لم يدخل الإسلام شمال أفريقيا إلا مع الفتوحات الإسلامية التي سن سياستها الخلفاء الراشدون، وامتدت مع خلفاء الدولة الأموية. فقد انشغل عمرو بن العاص كثيرا، عندما فتح مصر في عهد عمر بن الخطاب، بمواصلة نشر الإسلام في شمال أفريقيا، فاستأذن الخليفة عمر بن الخطاب (ض) في فتح برقة وطرابلس، فكتب إليه قائلا:" إنا قد بلغنا طرابلس، وبينها وبين أفريقية تسعة أيام،فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لنا في غزوة فعل"، فكتب إليه عمر:"لا...إنها ليست بإفريقية ولكنها المفرقة،غادرة مغدور بها،لا يغزوها أحد مابقيت". [39]

وقد استصعب عمر بن الخطاب فتح بلاد البربر لقوة شكيمة الأمازيغيين، وصعوبة إخضاعهم، وسرعة تقلب مزاجهم، ووعورة بلادهم، ومخافة من تعسف الولاة في معاملاتهم للبربر عن طريق المغالاة في الضرائب والجبايات، وسوء التصرف مع كبراء القوم وأسيادهم.

ويروي لنا كل من البلاذري وابن عبد الحكم أن عمرا بن العاص، لما فتح الإسكندرية، سار في جيشه يريد المغرب حتى قدم برقة، فصالح أهلها، بعد أن انهزموا في المعركة أمام قوة جيشه العتيد، ثم فرض عليهم أن يهيئوا له" ثلاثة عشر ألف دينار يؤدونها إليه جزية على أن يبيعوا من أحبوا من أبنائهم في جزيتهم" [40]. وكانت برقة يومئذ من أخصب أراضي القارة الأفريقية، حتى إن سكانها كانوا يرسلون الخراج بكل طواعية إلى والي مصر بدون حاجة إلى الجابي. ومن ثم، كان فتح برقة سنة 21هــ، فتابع عمرو بن العاص فتوحه، ثم غزا طرابلس التي افتتحها عنوة سنة22هــ.[41]

ولما تولى عثمان بن عفان (ض) إمامة المسلمين، قرر نشر الإسلام خارج الجزيرة العربية، لكن هذه المرة ليس في اتجاه الشرق كما فعل عمر بن الخطاب(ض)، بل الاتجاه غربا نحو البحر الأبيض المتوسط، وبالضبط إلى ربوع أفريقيا الشمالية. وهكذا، بدأ التفكير في إحياء مشروع نشر الإسلام نحو غرب مصر عبر مراحل اتسمت بالمد والجزر[42].

وعليه، فأول ما قام به عثمان بن عفان أن عزل عمرا بن العاص، وولى مكانه عبد الله بن أبي سرح على مصر الذي أرسل بعض السرايا لمهاجمة أطراف أفريقيا، فكانت لا ترجع إلا بعد حصولها على الغنائم. وبعد ذلك، فكر ابن أبي سرح جديا في فتح شمال أفريقيا، فاستأذن في ذلك عثمان بن عفان الذي أذن له ذلك سنة 27هــ، فخرج في جيش، قوامه عشرون ألف جندي من عرب الجزيرة العربية وقبط مصر وبربر من أفريقيا، كما شارك فيه بعض الصحابة رضوان الله عليهم، كمروان بن الحكم، وعبد الله بن الزبير، وعبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن أبي بكر، فخاض القائد المسلم معركة ضد البطريق جورجيوس حاكم أفريقيا القسطنطيني الذي ولاه هرقل واليا على الشمال الأفريقي حيث استبد بالحكم لصالحه، فانهزم الروم في هذه المعركة شر هزيمة. لكن القواد البيزنطيين صالحوا عبد الله بن أبي سرح على مبالغ طائلة من الذهب، على أن ينسحب بجيشه من أفريقية، وعاد بن أبي سرح إلى مصر دون أن يولي أحدا لمدة 17 سنة."

وعلى الرغم من أن عثمان بن عفان لم يمانع في فتح الشمال الأفريقي حيث أرسل جيشا دخل تونس بقيادة عبد الله بن سعد بن أبي سرح قبل سنة 30هـ، فإن الاهتمام الحق بهذه المنطقة لم يبدأ إلا على عهد الأمويين الذين لم يقنعوا بفتحها، بل حاولوا إقامة حكمهم عليها، وربطها بمركز الخلافة. والحق أنه كان لابد لدولة الإسلام على عهد الأمويين، وقد ذهبت بعيدا في الفتوح، أن توجه اهتمامها لحوض المتوسط، وما يحيط به من بلاد، وما يزخر به من تجارة، خاصة وأنهم كانوا- على عكس الخلفاء الراشدين- مهتمين بشؤون البحر. ولكن الأمر لم يكن يسيرا على الإطلاق، ففي الوقت الذي استطاع المسلمون أن يقيموا خلال بضع سنوات دولة واسعة الرقعة في المشرق، فإنهم ظلوا زهاء قرن من الزمان يحاولون أن يثبتوا دعائم الدين الجديد في بلاد الشمال الأفريقي".[43]

ولم يفتح المسلمون شمال أفريقيا، في عهد الخلفاء الراشدين وسلاطين الدولة الأموية، إلا لعوامل عدة تتمثل: في يسر الإسلام، ونبل أخلاقه، وسوء الإدارة البيزنطية بعد وفاة الإمبراطور جوستنيان، وعدم وجود روابط سياسية أو دينية بين البربر، ورغبة البربر في التخلص من نير الاحتلال البيزنطي.

ومن هنا، فقد عين معاوية بن سفيان سنة45 هـ ابن حديج؛ والي مصر، قائدا للفتوحات الإسلامية في أفريقيا، وكان ابن حديج تابعا لسلطة الخليفة مباشرة. وقد دخل هذا القائد شمال أفريقيا لإغاثة هباهيا Habahia الذي طالبه هرقل بالغنيمة نفسها التي قدمت للمسلمين (300 قنطار من الذهب)، ولما امتنع أرسل هرقل قائده نقفور لمقاتلته، فالتجأ هباهيا إلى معاوية بن أبي سفيان للتحالف معه ضد هرقل، فأرسل الخليفة معه جيشا جرارا، فدخل الجنود تونس، فالتقى الجيش العربي مع جيش هرقل في مدينة قونية التي ستبنى عوضها مدينة القيروان، فانتصر المسلمون في المعركة، وهرب الجيش البيزنطي إلى سوسة، فلحقه المسلمون هناك، فاستولوا على المدينة كما استولوا على بنزرت. وفتح ابن حديج، في هذه الحملة العسكرية، بنزرت وجلولا وجربة وسوسة، ثم عاد متنصرا إلى القاعدة العسكرية والإدارية بمصر.

ولم تكن هذه المناوشات إلا امتدادا لفتح أفريقية الشمالية، وقد دام هذا النوع من المد والجزر على مستوى الفتوحات الإسلامية من سنة 27هــ إلى سنة 45هــ.

وعليه، فقد عين عقبة بن نافع واليا على أفريقية سنة 46هـ. وبقي، في حملته الأولى، خمس سنوات، ودخل، أثناء توليته، مجموعة من الحصون والمدن في طريقه لفتح أفريقيا، خاصة في ليبيا وتونس، وأسس مدينة القيروان سنة 62هـ، لتكون عاصمة لحكمه، ومركزا استراتيجيا لانطلاق قواته العسكرية في نشر الإسلام عبر ربوع شمال أفريقيا. وقد استعان عقبة بن نافع في تحركاته بجيش يتكون من القوات العربية والقوات البربرية التي كانت تحارب المرتدين عن الإسلام والمتمردين المتعصبين والمنشقين عن سلطة الخلافة جنبا إلى جنب.

وفي 51هـ، عين معاوية بن أبي سفيان سلمة بن مخلد الأنصاري واليا على مصر والمغرب العربي، فعين هذا الأخير بدوره أبا المهاجر دينار واليا على أفريقيا لمدة سبع سنوات؛ بسبب خوف سلمة بن مخلد من قوة عقبة بن نافع القيادية، وخشيته من مكانته الكبيرة، وحظوته لدى الخليفة الأموي، وكان بين أبي المهاجر وعقبة بن نافع عداوة كبيرة أدت إلى عزل عقبة من منصب قائد الجيوش، وحامل لواء الفتوحات الإسلامية في المغرب العربي.

وقد واصل أبو مهاجر دينار فتوحات عقبة بن نافع، فوصل إلى غرب الجزائر، ولم يلق مقاومة تذكر، سواء من قبل الروم أم من البربر، وأسلم كسيلا وقبيلته أوربة عند دخول أبي المهاجر إلى الجزائر لنشر الإسلام.

لكن عقبة بن نافع قد احتج لدى الخليفة يزيد بن معاوية، ومن عليه بما قام به من خدمات جليلة لصالح الخلافة الأموية، فعينه يزيد مرة أخرى واليا على أفريقيا، ليواصل حملته الثانية سنة 62هـ، ووصل، في فتوحاته، إلى بحر الظلمات غربا وإلى حدود الجزيرة الخضراء شمالا، بعد أن فتح ربوع تونس والجزائر والمغرب، كما انتقم من أبي المهاجر بأسره إذلالا، وتقييده تعذيبا طوال مسيرته التي خصصها لفتح شمال أفريقيا، وقد وصلت إلى حدود سوس المغربية جنوبا. وفي الوقت نفسه، كان يهين صديقه البربري الملك كسيلا . بيد أن هذا الأخير، قد انتفض ضده، وقتله قرب نهر الزاب بالجزائر.

وبعد مقتل عقبة بن نافع، أرسل الخليفة عبد الملك بن مروان زهير بن قيس البلوي لفتح شمال أفريقيا، ومجابهة كسيلا . وقد انتهت المعركة بانتصار المسلمين في معركة ممش بتونس، ومقتل الثائر المتمرد عن السلطة المركزية الملك البربري كسيلا.

وبعد استشهاد زهير بن قيس البلوي في معركته التي خاضها ضد الروم في معركة برقة سنة 71هـ، عين حسان بن النعمان واليا على المغرب، وقضى على الكاهنة الأوراسية ديهيا زعيمة البربر في نوميديا. وبعد ذلك، فقد عين موسى بن نصير واليا على المغرب العربي. وفي عهده، فتح المسلمون الأندلس على يد طارق بن زياد.

ويعني هذا أنه بعد فتوحات حسان بن النعمان المظفرة في أفريقية، وانتصاره على آخر مقاومة في بلاد تامازغا بقيادة الكاهنة ديهيا، واصل موسى بن نصير اللخمي فتوحات حسان بن النعمان، ودخل إلى المغرب تقريبا بدون مقاومة تذكر . والسبب في ذلك أن حسان بن النعمان قد هيأ له الأرضية الكاملة، وأخمد كل الثورات الأمازيغية والمناوشات الرومية والثورات المضادة، وأسكت كل المتمردين .

هذا، وقد أحضر موسى بن نصير معه ألف فقيه ليعلموا البربر أصول الدين الإسلامي والفقه والحديث. وقد تأثر البربر - فعلا - بحضارة العرب ولغتهم ودينهم بكل سهولة، وتطبعوا بسلوكهم، وتمثلوا مبادئ الإسلام السمحة. وفي هذا، يقول جوستاف لوبون:" للبربر لغة عريقة يحتمل أن تكون مشتقة من الفينيقية الكنعانية. ويدين البربر بالإسلام، ولكنهم كانوا يدينون بآلهة قرطاجنة الكنعانية. وقد تعربت البربرية حيث تتألف لغة بلاد القبائل الأمازيغية بنسبة الثلث من العربية. فتأثير العرب في شمال أفريقيا أكبر وأقوى من الرومان والإغريق الذين لم يتركوا أثرا في اللغة البربرية."[44]

ومن ثم، فقد اتخذت فتوحات موسى بن نصير وجهتين أساسيتين: وجهة بحرية للهيمنة على البحر الأبيض المتوسط وجزره، ووجهة برية لفتح جميع الثغور والمناطق التي استعصت على الفتح من قبل حسان بن النعمان من أجل نشر الإسلام، والتعريف بدين محمد (صلعم).

وعليه، إذا كان الفتح العربي الإسلامي في الشرق قد تم بسرعة لافتة للانتباه، حيث أخضع المسلمون، في عهد عمر بن الخطاب (ض)، مجموعة من البلدان، كالشام ومصر والعراق وفارس، فقد ظلت أفريقيا الشمالية منطقة عسيرة، وأرضا خطيرة؛ بسبب وعورة التضاريس الأفريقية. ويعرف الأمازيغ بشدة المقاومة لكل من حاول الاعتداء على حريتهم وممتلكاتهم، علاوة على صلابة عودهم، وكثرة شجاعتهم، وقوة شكيمتهم، بله عن كونهم لايقبلون الضيم، ولا يرضون بالذل؛ نظرا لاعتزازهم الكبير بأنفسهم أنفة وكرامة واستعلاء . لذا، بقيت أفريقيا الشمالية وعرة التطويع من قبل الفاتحين المسلمين، وصعبة الإخضاع لمدة تتراوح بين 22هـ و82هــ. أي: فترة زمنية تقدر بــ60 سنة من تاريخ المد والجزر من أجل نشر الإسلام بين ساكنة تامازغا التي أظهرت العناد، وعدم الانقياد بسهولة لسلطة الخلافة الأموية . ومن ثم، كان إسلامهم يتأرجح بين الاعتناق الطوعي والردة المؤقتة .

وقد قيل: "إن البربر ارتدوا بإفريقية المغرب اثنتي عشرة مرة، وزحفوا في كلها للمسلمين، ولم يثبت إسلامهم إلا في أيام موسى بن نصير، وقيل بعدها‏.[45]‏"

وفي الأخير، لقد اعتنق الأمازيغيون الإسلام عن حب وإيمان واقتناع، ووجدوا فيه ضالتهم للتخلص من الضيم والظلم والاستعباد، كما كان ذلك في عهود الرومان والوندال والبيزنطيين، فاندمجوا في المجتمع الإسلامي الكبير بكل سهولة ويسر ومرونة، وصاروا دعاة له في كل زمان ومكان.

 

خاتمة:

وخلاصة القول، فقد عرف الأمازيغيون بتدينهم الشديد اللافت للانتباه، وتمسكهم الرصين بعقائدهم التي نشأوا عليها فطرة أو اكتسابا. وفي هذا، يقول اصطيفان اكصيل :" إن البربر في غالبيتهم متدينون، ويشعرون أن لهم رسالة. وهم يدافعون عن معتقدهم بحمية، تشهد بها على الخصوص تلك السلسلة الطويلة من الفتن والحروب التي جرت في القرون الأخيرة من أعصر التاريخ القديم، وكذلك في القرون التي تلت الفتح العربي."[46] .

ومن هنا، فقد عبد الأمازيغ في البداية الحيوانات والأوثان والأصنام والملوك، وقدسوا مظاهر الطبيعة من شمس وقمر وأرض ومطر...، وتأثروا بديانات القرطاجنيين والفينيقيين والفراعنة واليونان والرومان، فعبدوا تانيت، وبعل، وأمون، وبوسيدون، ومارس، وهرمس، وايزيس، وأوزيريس، ومترا، وباخوس، وأسكولاب... كما انساقوا وراء اليهودية والنصرانية، لينتقلوا - فيما بعد- إلى تمثل عقيدة الإسلام إلى يومنا هذا.

وقد نشأ، في وسط الأمازيغيين، مجموعة من علماء الدين واللاهوت الذين تمكنوا من اللغات والثقافات المجاورة، فتسلحوا بعلوم الدين والمنطق والفلسفة والجدل والمناظرة، ثم أصبحت لهم مكانة كبيرة في تاريخ العقيدة وأصول الدين والفكر إلى يومنا هذا.

 

.................

[1]- إد موند دوطي: السحر والدين في أفريقيا الشمالية، ترجمة : فريد الزاهي، منشورات مرسم،مطبعة بورقراق الرباط،2008،ص:415.

[2]- أنجلوغريلي :أسلمة وتعريب بربر شمال المغرب، ترجمة عبد العزيز شهبر،منشورات وزارة الثقافة، مطبعة دار المناهل، الرباط،2009،ص: 200.

[3]- اصطيفان اكصيل: تاريخ شمال أفريقيا القديم، ترجمة: محمد التازي سعود، الجزء الأول، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، المغرب، الطبعة الأولى 2007م، ص:209.

[4]- ليون الأفريقي: وصف أفريقيا، ترجمة: محمد حجي ومحمد الأخضر، دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان، الطبعة الثانية 1983م، ص:67.

[5]- د.إبراهيم حركات: المغرب عبر التاريخ، الجزء الأول، دار الرشاد الحديثة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2009م، ص:16.

[6]- الديرسكوري: هما كاستور وبوليديكس من أبناء زيوس وزوجته ليدا.

[7]- البلاسجيون هم أقدم شعب سكن أرض هيلاس، قبل أن يغزوها الهيلينيون (أبناء هيلاس).

[8]- هيرودوت: أحاديث هيرودوت عن الليبيين(الأمازيغ)، ترجمة: مصطفى أعشي، منشورات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، دار المعارف، الرباط، الطبعة الأولى سنة 2009م، ص:30.

[9]- هيرودوت: أحاديث هيرودوت عن الليبيين(الأمازيغ)، ص:68.

[10]- ابن خلدون: ديوان المبتدإ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر، الجزء السادس، دار الفكر، بيروت، لبنان، طبعة 2000م، ص:139.

[11]- محمد محيي الدين المشرفي: أفريقيا الشمالية في العصر القديم، دار الكتب العربية، الطبعة الرابعة سنة 1969م، ص:46.

[12]- اصطيفان اكصيل: تاريخ شمال أفريقيا القديم، ص:210.

[13]- ليون الأفريقي: وصف أفريقيا، ص:67.

[14]- علي محمد محمد الصلابي: صفحات من تاريخ ليبيا الإسلامي والشمال الأفريقي، دار البيارق،عمان، الأردن، الطبعة الأولى سنة 1998م، ص:121-122.

[15]- محمد شيت خطاب: قادة فتح بلاد المغرب، الجزء الأول،دار الفكر، الطبعة السابعة، 1984م، ص:20.

[16]- ابن خلدون: ديوان المبتدإ والخبر، الجزء السادس، ص:126.

[17]- ابن خلدون: نفسه، ص:126.

[18]- إبراهيم حركات: نفسه، ص:56-57.

[19]- د.محمد الطالبي ود.إبراهيم العبيدي: البرغواطيون في المغرب، مطبعة النجاح الجددية، الدرا البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 1999م، ص:54-55.

[20]- د.محمد الطالبي ود.إبراهيم العبيدي: البرغواطيون في المغرب،ص:55.

[21]- أحمد توفيق المدني: قرطاجنة في أربعة عصور، طبعة تونس، 1926م، ص:114-117.

[22]- ليون الأفريقي: نفسه، ص:68.

[23]- أحمد توفيق المدني: قرطاجنة في أربعة عصور، ص:114-117.

[24]- ابن خلدون : نفسه، ص:126.

[25]- العربي اكنينح: في المسألة الأمازيغية،أصول المغاربة، مطبعة آنفو- برانت، فاس،المغرب،الطبعة الأولى، 2003م، ص:24.

[26]- د. عباس الجراري: الأدب المغربي من خلالقضاياه وظواهره، الجزء الأول، مكتبة المعارف، الرباط، الطبعة الثانية، 1982،ص:27.

[27]- أحمد توفيق المدني: نفسه، صص:114-117.

[28]- محمد بوكبوط: الممالك الأمازيغية في مواجهةالتحديات، صفحات من تاريخ الأمازيغ القديم، مركز طارق بن زياد، المطبعة فيديبرانت،الرباط، الطبعة الأولى سنة 2002م، ص: 73.

[29]- عبد الله العروي: مجمل تاريخ المغرب،المركز الثقافي العربي، الدار البيضاء، طبعة 1984م،59-60.

[30]- محمدبوكبوط: الممالك الأمازيغية في مواجهة التحديات، صفحات من تاريخ الأمازيغ القديم، ص:76.

[31]- الدكتور عز الدين المناصرة: المسألة الأمازيغية في الجزائر والمغرب، دار الشروق، الأردن،الطبعة الأولى، 1999م،ص:80.

[32]- شارل أندري جوليان:تاريخ شمال أفريقيا،تعريب محمد مزالي والبشير بن سلامة، الدار التونسية للنشر،ص:305.

[33]- محمد محيي الدين المشرفي: أفريقيا الشمالية في العصر القديم، الطبعة الرابعة، 1969، دار الكتب العربية، ص:102-103.

[34]- الحسن السايح: الحضارة المغربية، منشورات عكاظ، الجزء الأول، الرباط، الطبعة الأولى، 2000م، ص:122.

[35] - شارل أندري جوليان: تاريخ شمال أفريقيا، الجزء الأول، ص:248.

[36]- إميل فوگيه: مدخل إلى الأدب، ترجمة مصطفى ماهر،رقم الكتاب201، الطبعة الأولى، 1958، طبع ملتزمة الطبع والنشر لجنة البيان العربي، مصر، ص:51.

[37]- الدكتور إحسان عباس: فن السيرة، دار الثقافة، بيروت، لبنان،ص:114.

[38]- محمد شفيق:لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين،دار الكلام، الرباطن المغرب، الطبعة الأولى سنة 1989م، ص:79.

[39]- البلاذري: فتوح البلدان، دار الكتاب، بيروت، 1982، ص:266.

[40]- ابن عبد الحكم: فتوح افريقية والأندلس، دار الكتاب اللبناني، بيروت، 1987م، ص:29؛ وانظر كذلك: خليفة بن الخياط: تاريخ خليفة بن الخياط، دار طيبة، الرياض، 1985م، ص:144.

[41]- انظر البلاذري: فتوح البلدان،ص:314؛ وابن عبد الحكم: فتوح أفريقية والأندلس، ص:34.

[42]- المالكي: رياض النفوس، تحقيق حسين مؤنس، القاهرة، مصر، 1951، صص:10-15.

[43]- د- عباس الجراري: الأدب المغربي من خلال ظواهره وقضاياه، ص:42.

[44]- نقلا عن عز الدين المناصرة: المسألة الأمازيغية في الجزائر والمغرب، ص:88.

[45]- ابن خلدون: نفسه، ص:103.

[46]- اصطيفان اﮔصيل: نفسه، ص:112-113.



4115

1






تعليقات الزوّار
الآراء الواردة في التعليقات تعبر عن آراء أصحابها


1- الموضوعية = الفتح ام الفغزو

moh

،
دخول الرومان إلى شمال أفريقيا للهيمنة عليها سياسيا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا، فاعتنق الأمازيغ هذه الديانة ا
دخل الإسلام شمال أفريقيا مع الفتوحات الإسلامية لخلفاء الراشدون، وامتدت الدولة الأموية. فقد انشغل عمرو بن العاص عهد عمر بن الخطاب، بمواصلة نشر الإسلام في شمال أفريقيا، فاستأذن الخليفة عمر بن الخطاب  (ض ) في فتح برقة وطرابلس، فكتب إليه قائلا:" إنا قد بلغنا طرابلس، وبينها وبين أفريقية تسعة أيام،فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لنا في غزوة فعل"، فكتب إليه عمر:"لا...إنها ليست بإفريقية ولكنها المفرقة،غادرة مغدور بهاا
استصعب عمر بن الخطاب فتح بلاد البربر لقوة شكيمة الأمازيغيين، وصعوبة إخضاعهم، مخافة من تعسف الولاة في معاملاتهم للبربر عن طريق المغالاة في الضرائب والجبايات، وسوء التصرف مع كبراء القوم وأسيادهم.
ثم فرض عليهم أن يهيئوا له" ثلاثة عشر ألف دينار يؤدونها إليه جزية على أن يبيعوا من أحبوا من أبنائهم في جزيتهم"
استطاع المسلمون أن يقيموا خلال بضع سنوات دولة واسعة الرقعة في المشرق، فإنهم ظلوا زهاء قرن من الزمان يحاولون أن يثبتوا دعائم الدين الجديد في بلاد الشمال الأفريقي"
يسر الإسلام، ونبل أخلاقه
طالبه هرقل بالغنيمة نفسها التي قدمت للمسلمين  (300 قنطار من الذهب )،
الفتوحات الإسلامية في المغرب العربي.
ولم يلق مقاومة تذكر، سواء من قبل الروم أم من البربر، وأسلم كسيلا وقبيلته أوربة عند دخول أبي المهاجر إلى الجزائر لنشر الإسلام.
كان يهين صديقه البربري الملك كسيلا . بيد أن هذا الأخير، قد انتفض ضده، وقتله قرب نهر الزاب بالجزائر
ودخل إلى المغرب تقريبا بدون مقاومة تذكر . والسبب أن حسان بن النعمان د هيأ له الأرضية الكاملة، وأخمد الثورات الأمازيغية
ويعرف الأمازيغ بشدة
مقاومة لكل من حاول الاعتداء على حريتهم وممتلكاتهم، و شجاعتهم ، لايقبلون الضيم، ولا يرضون بالذل

في 25 دجنبر 2016 الساعة 47 : 21

أبلغ عن تعليق غير لائق


 

 المرجو الإتصال بالموقع على البريد الإليكتروني التالي

azilal24info@gmail.com

 

 

أضف تعليقك على الخبر
* كاتب التعليق
* عنوان التعليق
  * الدولة
* التعليق



متى سيفهم العرب أن العلمانية ليست الإلحاد؟بقلم : هاشم صالح

أفورار: بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ،دار الولادة بأفورار " تحتفل "بإنتهاك كرامة المرأة!!!

مستشفى أزيلال يحتفل بنساء الصحة

هذا عار.. تلميذ يضرب أستاذه بثانوية اوزود التأهيلية

واويزغت :حملــة لإقرار ثبوت الزواج بمدينة واويزغت

فنون أحواش بين الجمالية والارتباط بقضايا الوطن بقلم :الحسن ساعو

اوزود :المتطفلون على القطاع السياحي أمام غياب شرطة سياحية

معرض الصناعات التقليدية اليدوية بجماعة تاونزة

ظاهرة انحراف الأحداث...لمن تقرع الاجراس؟بقلم : محمد حدوي

أمن ازيلال يعتقل " قوادتين " ومجموعة من العاهرات ...

الديانــــة عنــــد الأمازيغييــــن بقلم د. جميل حمداوي

الديانــــة عنــــد الأمازيغييــــن بقلم د. جميل حمداوي





 
جريدتنا بالفايس بوك
 
كتاب و أراء

ومن لغا …..فلا جمعية له قلم : إبراهيم بونعناع


مهمة الشاعر المحارب في قلب غزة قلم : عبد اللطيف برادة


التنمية البشرية … الخروج من المأزق قلم : عبد الرفيع حمضي


بليغ الأثر بقلم : حليمة تامسنا


أسباب الحوادث باٍقليم أزيلال قلم : محمد بونوار


عودة الأوكلوكراسيا أو "سلطة الهجيج" بواسطة ذ: د . محمد نوري


الأمازيغ أول من أصدروا الصكوك المالية في العالم الاسلامي قلم : الحسن زهور


مجرد رأي للدكتور محمد ابو العلا--المغرب--


دمنات : قصة من التراث الشفهي..أغنية "أَلَالَّةْ طَاطَا، يَا ذِيكْ اَلْغَيَّاطَةْ" كتب :ذ. نصر الله البوعيشي


السلطة السياسية بين القوة الفيزيائية والقدرة الأخلاقية . قلم : د. زهير الخويلدي

 
دمنات : من يوميات عام البون بويهوكن وأعمال السخر .. ‎ بقلم ذ :عصام صولجاني

دمنات : من يوميات عام البون بويهوكن وأعمال السخرة الجزء 2 الحلقة الرابعة (07)

 
ضاع الامل وبقيت الذكريات . ، ( الجزء الثاني  ). قلم : محمد همـــشة

ضاع الأمل وبقيت الذكريات .(الجزء الثاني ) الحلقة 05 كتب : ذ : محمد همــشة

 
طب و صحـة

ازيلال : والي جهة بني ملال وعامل الإقليم .. إعطاء الإنطلاقة الرسمية لأشغال بناء المستشفى الإقليمي


أزيــلال : ازيد من 14082 من المستفيدين من خدمات صحية بـ 17 جماعة بإقليم أزيلال خلال شهر فبراير 2024.

 
التعازي والوفيات

أزيــلال : تعزية ومواساة في وفاة ،المشمول برحمته :" حسن أحنـصال " موظف سابق بالمندوبية الإقليمية للشبيبة والرياضة ...


تعزية ومواساة اخينا"المصطفى أبو الخير" استاذ الصحافة والإعلام بكلية الآداب والعلوم الانسانية بني ملال، في وفاة عمته رحمة الله عليها


أزيلال : تعزية ... والدة أخينا :" عمر بادوش "، تقني بقسم التعمير، بعمالة أزيلال ،في ذمة الله ....

 
أنشطة حــزبية
 
انشطة الجمعيات

جمعية "غيث للتنمية الصحية والاجتماعية " تسعد ساكنة إقليم أزيلال.


يشمل الأقاليم المتضررة من الزلزال... استفادة 121 مشروعا في الاقتصاد التضامني من برنامج "مؤازرة"

 
أنشـطـة نقابية

بلاغ اختتام المؤتمر الثالث للهيئة المغربية لحقوق الإنسان+ لائحة عضوات واعضاء المجلس الوطني

 
إعلان
 
أخبار دوليــة

مواقف خيرت فيلدرز المتطرفة ضد الجالية المغربية تعيق مساعيه لتشكيل حكومة


القبض على “النبي إسماعيل ” في زيمبابوي، وانقاذ 251 طفلاً عاملاً في الممتلكات

 
حوارات

من تأليف مجموعة من الأساتذة : أحمد العيوني والمصطفى اجماهري .. صدور كتاب جديد يحمل عنوان :

 
موقع صديق
 
النشرة البريدية

 
القائمة الرئيسية
 

» الرئيسية

 
 

»  صوت وصورة

 
 

»  كاريكاتير و صورة

 
 

»  الأخبار المحلية

 
 

»  الجهوية

 
 

»  الوطنية

 
 

»  الرياضــــــــــــــــــــة

 
 

»  الحوادث

 
 

»  كتاب و أراء

 
 

»  التعازي والوفيات

 
 

»  صـــور غــير مألــوفـة

 
 

»  أنشـطـة نقابية

 
 

»  انشطة الجمعيات

 
 

»  أنشطة حــزبية

 
 

»  أخبار دوليــة

 
 

»  دمنات : من يوميات عام البون بويهوكن وأعمال السخر .. ‎ بقلم ذ :عصام صولجاني

 
 

»  حوارات

 
 

»  طب و صحـة

 
 

»  ضاع الامل وبقيت الذكريات . ، ( الجزء الثاني  ). قلم : محمد همـــشة

 
 
خدمات الجريدة
 

»   مواقع صديقة

 
 

»   سجل الزوار

 
 
أدسنس
 

 المرجو الإتصال بالموقع على البريد الإليكتروني التالي :

azilal24info@gmail.com

 

 

 شركة وصلة