بني ملال :الوضع الصحي غير صحي بالجهة
حسن المرتادي
والكل يلتمس أجوبة شافية لأسئلة حارقة أمام التزايد الكبير على طلب الاستهلاك الطبي
تعتبر الوضاع الصحية بالجهة عموما وبالمركز الجهوي الاستشفائي ببني ملال على وجه الخصوص، أوضاعا متردية وجد مقلقة، غذ نجد كافة الأطراف المرتبطة بالمنظومة الصحية بالجهة من مسؤولين اداريين وأطباء والعاملين بالقطاع الصحي جميعا ومرضى وأهلهم يجمعون على أن القطاع يعاني من اختلالات صادمة وغير مقبولة، ولا بد من ايجاد حلول عاجلة لها.
خاصة وأن الواقع الصحي أصبح عصي على الفهم وتحول إلى مصدر سياسية صحية ترهق الجميع، وقريبة من تدبير أزماتي للفعل الصحي وكأن مركزنا، ومستشفياتنا الصحية بالجهة تدور حولها حروب، وعلى الكل تحمل ما قد يترتب عن ذلك من أمور خارج الضوابط القواعد المهنية لكافة التدخلات الطبية حتى ولو تعلق الأمر بهدر حياة المرضى بالتقسيط، وأحيانا يتفرج الجميع على لحظات الاحتضار ولقط الأنفاس الأخيرة للمرضى وخروج الروح وتسليمها إلى خالقها، قبل أدنى أي تدخل طبي لازم، وخاصة الحالات التي تستدعي دخول المريض قسم العناية المركزة بشكل فوري لانقاد حياته أولا وأخيرا، وأحيانا تلفظ وسط متاهات اجراءات : القييد بالسجلات، وأداء واجبات الصندوق، وفي حالات متعددة انتظار الطبيب المتخصص أو نقل المريض خارج المدينة، وأسباب متعددة أخرى وهي أمور خارج إرادة الجميع وحتى أننا ننقل صورة قاتمة عن الوضع الصحي الجهوي، ونمارس الغلو في النقد وتوجيه اللوم، بل وللانصاف فإننا نشدد على ما تبقى من العاملين بمختلف المواقع والتراتبيات بالقطاع الصحي هم مناضلون ولا يمكن أن يختلف على ذلك اثنان. لكونهم من جهة يكابدون أضعافا مضاعفة ليقومون جميعا بمهامهم: كأن يقوم طبيب 01 بما يقوم به 05 أطباء أو أكثر والممرض الوحيد يقوم بعمل لأزيد من 10 ممرضين وهكذا دواليك... نهيك عن ظروف اشتغالهم والامكانيات المتوفر لهم من وسائل وتجهيزات، وقاعات عمليات، وتنظيم الاسعافات القبلية التي لا تستجيب لمتطلبات وحاجيات وتدخلات الصحية اللازمة .
ومن جهة ثانية فالحديث عن قتامة الوضع الصحي بالجهة، لم يكن من فراغ بل واقع الحال يصرخ بذلك، والكل يشهد على ذلك، كأن تسمع وبشكل متكرر « rien ne marche » من جهة العاملين... !!؟ من طرف بعض المرضى والأهالي الغضبين أو من يقول الاستسلام للآهات وللأنين المصاحب للمرض، أفضل من اتباع مسار العلاجات والتدخلات الطبية وما يصاحبها من تعقيدات وارتباطا بالساسة الصحية الجهوية في علاقاتها مع أوضاع المركز الاستشفائي ببني ملال فإن العاملين به كلهم، قد ذقوا مرارة العدد الهائل من الوافدين عليهم من مرضى وأهال المرضى من كل حدب وصوب ومن كل فج عميق من تخوم الجبال وبعض الأقاليم المجاورة للجهة وتكتض جميع مرافقه وتضييق تدخلاته إلى حد أن المجهودات المضاعفة للإدارة والأطباء والممرضين وكافة العاملين ولا تظهر أثرها على الفعل العلاجي الصحي وبالرغم كذلك من البرمجة الصائبة التي تفرض نفسها لبعض مشاريع اعادة تهيئة وتوسيع العديد من الأجنحة والمرافق واصلاحها كجناح الولادة، وجناح المستعجلات حاليا، والمرافق الصحية ...وهي أمور مشجعة، وتدل على حسن نوايا إدارة المستشفى إلا أن كل إلا أن كل هذه الاهتمامات لا تستجيب ولا تكفي ولا ترقى إلى حجم ومستوى ما هو مطلوب من المركز الاستشفائي الجهوي من خدمات لا يمكن الاستجابة لها إلا ادا أخذت ونزارة الصحة بعين الاعتبار كل هذه الاكراهات، وخاصة الكبرى منها وعلى رأسها المعضلة الكارثية والمتمثلة في النقص المهول للموارد البشرية على جميع المستويات وخاصة النقص في التخصصات وهو ما يؤدي إلى تخصيص مواعد الفحص لأزيد من سنة في بعض التخصصات أو الانتظار المكلف أمام قاعات الفحوصات أما حين تختلط الاكراهات والمعيقات المادية منها والبشرية مع استهتار والاخلال بالوقار وبالاحترام للطبيب وللممرض وللإداري وللمعدات والمستلزمات الطبية (تخريب أسرة المرضى بالجلوس عليها من طرف الزوار الحاق الضرر بالأبواب وصنابير المياه .... عدم احترام أوقات الزيارة، تكرار الأساليب الموشينة الحط بالكرمة من لدن بعض الوافدين على المستشفى وعد الالتزام باللياقة الواجبة تجاه المرفق العمومي وموظفيه). كل هذه العوامل غالبا ما تؤدي إلى توثرات وغليان اضافي لا مبرر له، ولا يؤدي ثمنه إلا المريض الذي وجب العناية وتسليمه للطبيب في ظروف أفضل لكن العكس هو الذي يطغى على ذلك وبالتالي تسوء العلاقة بين الأطراف جميعها، وتغيب أجواء التطبيب والعلاج.
وإذا عدنا إلى الحديث عن السياسة الصحية الجهوية فإن أكثر من علامة استفهام تفرض نفسها. مثل لماذا يظل المركز الاستشفائي الجهوي ببني ملال الميلاد الصحي الوحيد لكل مرى الجهة والأقاليم المجاورة؟ حتى سمي ''بالكراج''وهو ما يجعلهعاجزا عن استقبال الجميع وأحيانا يدخل في مرحلة شلل تام، وهو ما تحدثنا عنه سابقا... لتظل الجوبة غير مقنعة، خاصة وأنها تروم محاكمة المنظومة الصحية والبرامج الارتجالية والغير الوجهة للوزارة، كالنقص الموهل والخطير في الموارد البشرية والتدبيرية، وكمثال على ذلك بالإقليم الصحي لبني ملال وخلال 4 سنوات الاخيرة عرفت تقاعد أزيد من 250 من أطر القطاع، أطباء ممرضات ممرضين تقنيين وإداريين إلخ... منهم 38 خلال سنة 2014 ولا يتم تعويضهم باعدد الموازي بل الذي يفي حتى بنصف الحاجة خصوصا وأن المغادرين هم طبعا خبرات، وكفاءات تترك فراغا واضحا ( أنعمهم الله بما تبقى من حياتهم الخاصة فماذا أعدت الوزارة والمديرية الجهوي بتادلة أزيلال لمواجهة هذا الاشكال البنيوي الكبير....
ومن جهة ثاني فالاعتماد على توسيع واعادة تهيئة أجنحة وأقسام المراكز الاستشفائي الجهوي ببني ملال والذي أحدث في الخمسينيات وتم برمجة الأشغال المذكورة لأزيد ن 4 مرات من ذلك الحين لا يمكننا إلا أن نستحسن أخرها بأثرها الإيجابية الواضحة وبالرغم من ذلك أن تفك لغز المشروع المستشفى الجامعي بالمدينة خاصة ومن كافة المؤشرات والدواعي تستلزم اخراجه إلى حيز الوجود وفي حالة إذا ما تعذر ذلك فإغلاق المركز الاستشفائي الجهوي أفضل بكثير من إغراقه في وحل الاختلالات وهي كالتالي على سبيل المثال لا الحصر:
1) القيام ب 56 ألف فحص متخصص (الحالات المسجلة فقط ) سنويا
2) 80ألأف فحص عادي (الحالات المسجلة فقط)
3)50ألف حالة استشفاء
4)أداء فاتورة المساعدة الصحية "راميد" والتي تصل إلى أزيد من 25 مليون درهم للشهر الواحد، بعدد أزيد من 150ألف مستفيد جلهم لايحترمون المسالك العلاجية ويلجون المركز الاستشفائي الجهوي بطرق ملتبسة، وبالتالي يساهمون في الاكتضاض وإضعاف قوة وصلاحية المعدات والتجهيزات بالخصوص تلك المتواجدة بجناح ومعدات الراديو والفحص بالأشعة والتي غالبا ما تتعطل بسبب ذلك وبسبب ما تمركز شركات الصيانة بعيدا عن المدينة(خل يعقل أن يقوم جهاز "السكانير" بالمركز بأزيد من 35 فحص خلال يوم واحد؟؟)أما قسم المستعجلات، وإن تراه يعج بالمتدربات والمتدربين من أطباء وممرضين فإن غياب المداومة بالمراكز والمستشفيات المحلية والإقليمية بالجهة، يجعل منه قبلة لا محيد عنها ويبلغ عدد المرضى الذين يستقبلهم القسم أزيد من 30 في اليوم وغالبا ما يكون عدد مرافقيهم أضعافا مضاعفة.
أما معناه جناح الولادة بالمركز فالوافدات من النساء الحوامل أكثر بكثير من طاقته الاستيعابية وتلد به أزيد من 30 امرأة حامل خلال يوم واحد وهو العداء الذي يمكن تسجيله بمستشفى أو مركز محلي خلال شهر، حتى أن كثرة النساء الوافدات يطغى على صراخهن أثناء المخاض، لابد من أن نسجل بامتعاض شديد أننا توصلنا بشكايات عديدة تفيد لسوء معاملة وللتعنيف من طرف المولدات وهو عنف مقبول ولا يستساغ حسب ما ورد في العديد من الشكايات الواردة أمام كل صعاب العمل ورتابته الغير المحفزة.
وهنا تطرح الأسئلة من جديد.
ما السر من عدم توفير كافة الحاجيات الضرورية بالمراكز والمستشفيات الاقليمية المحلية والتي غالبا ما تكن دريعة لنقل النساء الحوامل إلى المركز الجهوي بدل الولادة بها وخاصة لأسباب التالية : الولادة للمرة الولى غياب طبيب مداوم غياب جناح العناية المركزة غياب جناح بنك الدم .... وهي أسباب دائما حاضرة والمسؤولة قائمة.
حسن المرتادي
- أما معاناة جناح الولادة بالمركز فالوافدات من النساء الحوامل أكثر بكثير من طاقته الاستيعابية