المواقع الاجتماعية وثنائية الهوية
زرودي محمد
وانا ادردش مع احد السيدات الغربيات على احد مواقع التـــواصل الاجتماعي واللتي سبق لها وزارت المغرب, علما انني استعمل كلقب مستعار اسم " Joe " , سألتني : لمادا انت عربي وتستعمل لقب " joe " ? مع ان اسمك هو " محمد " وتفتخر بكون الدم اللدي يجري في شرايينك عربـــــي احرجتني قليلا لكنني اردفت قائــــلا ان "محمد" هو عنوان هويتي الاسلامية اما " Joe " فهو هوية افتراضية استعملها على عواهنها فقط لكوني كنت محبا للاعب تنس امريكـــــي كــــان امه " Joe McEnroe " لا اقل ولا اكثر
ضحكت قليلا وارتشفت بعض المــــاء ووجهت الـــي سهـــام نقدها , ماهـــو الاسم اللدي تفضل ان يناديك به النــــاس " محمــــد " او "Joe" ?
واردفت الا تــــــرى معي ان مشكلتكم مشكــــلة اعمق من مجرد تدوير النرد لاختيار لقــــب , مشكلكم مشكل يستوجب تدخل سيكولـــــوجي عاجــــل , مشكلكم فيلم طويل عنوانه " سكيزورفرينيا الهوية " , وامطرتني بوابــــل من الانتقادات والاسئــــلة المحرجة , ولا اخفيكم انها جعلتني اندم على اقتحام عالـــــم المواقــــع الاجتماعية جملة وتفصيلا .
من انا حقيقة , ومـــا هويتي ? هل انا محمد الواقعــــي ام " Joe " الافتراضــــي ومن احبد ان اكون ? مسائلا نفسي , وحتى احيا كمشروع عقلي في سماء المعقولات علي ان اكـــون اولا وثانيا ان التزم كــــي اكون فهويتي تفترض ان اوجد اولا ومن تم تنبثق مـــاهيتي على حسب ما اريد ان اكون فالإنسان ليس شيئا غير مـــا يصنع بنفسه لنفسه
ولا اخفيكم القول انه بعد مداولــــة مستفيضة داخل دهــــاليز محكمة " حواري الداخلي " وبعد كر وفر وتجادب لأطراف الحديث بيني وبين ثنايا نفسي , اعترفت لهــــا انها على حــــق وبانها اصابت كبـــد الحقيقة بسهم الصواب .
مواقع التواصل الاجتماعي يمكن ان تصيب الانسان بعدوى " " سكيزورفرينيا الهوية " حيث يفقد الانسان جوهره كدات انسانية تنتمي الى قطر بعينه خصوصا مع العولمة الجديدة اللتي تحول فيها العالم الفسيح بكونيته وشموليته الـــــى قرية صغيرة يمكن ان تزور اصقاعها الخمسة " القارات الخمس " بمجرد نقرة فارة " Click "
فبمجرد امتلاك حساب على احد المواقع وبمجرد استعمال اسم مستعار تدوب الفوارق الطبقية وتنمحي حيثيات الهوية وتوصد مظلــــة " جنسيتك " , اللهم ان كان سهم ضميرك مرتفعا كي تراعـــــي اعراض النـــاس وتحترم ميولاتهم وتحترم " انـــاك " كما انت دون تصنع ودون افتراء او ازدراء .
في بعض الاحيان يخيل الي ان " الفــــايسبوك " اصبح " سوق نخــــاسة " يكرم فيه المرء او يهان , " حلبـــة مصارعة " بين الاخوة الاعداء , بين ديباجات واجندات أيديولوجية الكل من وراء حجــاب , الكــــل ينادي على ليلاه والكــــل يعبر عن مكنونات لاشعوره الدفينـــة علـــى حسب هواه سواء اعتقد بها او لــــم يعتقد , الكل يتصيد الكل , الكل يتربص بالكل , حرب بني الهوية الواحدة باسماء مستعارة شتى وكأنها حرب ضروس-طاحنة حتى اصبح " الانسان دئب لأخيه الانسان "
فبعد " الله يرحم الوالدين " و " سير الله ايسهل عليك " وغيرها من دعوات تراثنا الشفهي الراقـــي اصبحت jaime partager , envoyer ... ايقــــونات تؤثث اركـــان كــــل فضاء ارتدته وكانها فسيفساء قدرية استوطنت مجريات هدا الزمن علـــى حين غرة , اجهزة مفاهيمية تنتمي الــــى حقبة " حرب النجوم " وافلام " Fast & Furious " وعالــــم السرعة الرقمية الفائقة .
فمـــا مصير هويتنا وفق شروط خــــارطة طريــــق الفـــــايسبوك والسكايـــــب والانسطاكرام وغيرها واللتي تملي عليك احيانا لأمانة التاريــخ ان تنسلخ من جلدك " هويتك " كي تقبل او لــــا تقبل ???