التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية
غارات جديدة على جيوب المنخرطين
الــــحــلـــــــقـــــــــــة 58
انطلقت جلسات الحوار مع النقابات صباح يوم الثلاثاء 10 فبراير 2015، وجدير بالذكر أن النقابات المشاركة في الحوار كانت قد وضعت ملفا مطلبيا يتضمن 10 مطالب من ضمنها الزيادة العامة في الأجور، وتخفيض الضريبة على الأجور، وحذفها بخصوص الأجور التي تقل عن 6000 درهم، والزيادة في التعويضات العائلية...
وقبل انطلاق الحوار توصلت النقابات برسالة من التنسيقية النقابية والحقوقية لمناهضة الفساد في التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية تنبهها فيها إلى غارات جديدة شنها الحاكم العام لجزيرة التعاضدية، ومن معه، على القدرة الشرائية للمنخرطين، الذين يتجاوز عددهم 374 ألف منخرطة ومنخرط (ينتمون إلى القطاع العمومي وشبه العمومي والجماعات المحلية) والمتمثلة في الزيادات المقررة في اقتطاعات الانخراط في هذه التعاضدية بشكل غير قانوني، وبتواطؤ مكشوف من وزارتي المالية والتشغيل المفروض فيهما الحرص على التزام التعاضديات بالضوابط المالية والقانونية المعتمدة من لدن المشرع المغربي، لكنهما تنصلتا من المهام المنوطة بهما قانونا، وضربتا بعرض الحائط، الشرعية والمشروعية. ومما ورد في رسالة التنسيقية ""أن الزيادات الصاروخية المخدومة سيفاجأ بها المعنيون إذا لم تتوقف فورا لعدم شرعيتها، وسوف تجهز، إن تم تمريرها، على قدرتهم الشرائية باقتطاعات غير قانونية اتخذت من لدن إطارات غير شرعية، ويلف الغموض المفتعل والمقصود تفاصيل القرار المشترك والصيغة التي نشر بها من لدن الوزارتين المعنيتين. وهذا القرار يعني أننا إزاء تدليس خطير، وتزكية لقرارات غير شرعية صادرة عن أجهزة غير شرعية، ارتكبت تجاوزات مالية وقانونية، سجلها رسميا تقرير للمفتشية العامة لوزارة المالية رقم 4946 صادر سنة 2013، والتي تولت افتحاص التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية".
وإذا كانت التنسيقية "قادة بشغلها"، فإن مسؤولية النقابات التي تطالب بتحسين أجور الفئات المعنية والزيادة في التعويضات العائلية وتخفيض الضريبة على الأجر، قائمة في التعاطي مع الهجمة التي تهدد القدرة الشرائية للفئات المعنية، لاسيما أن اختلالات مالية خطيرة تعاني منها التعاضدية جراء سوء التدبير وتبذير أموال المنخرطين، وهو ما نبه إليه بقوة تقرير المفتشية العامة للمالية المذكور، والرأي الذي أدلى به مؤخرا المجلس الاقتصادي والاجتماعي، حول الاقتصاد الاجتماعي التضامني، حيث كشف عددا من الاختلالات التي تعاني منها التعاضديات، ولاحظ رأي المجلس "أن التعاضديات تعاني من ضعف جودة الخدمات المقدمة للمنخرطين، وضعف آليات المراقبة الداخلية، نقص في آليات التدبير، غياب دليل المساطر، وتنامي معدّل الفرق بين عدد المنخرطين وعدد المستفيدين من الخدمات التي تقدمها". ودعا إلى "ضرورة تعزيز الحكامة الداخلية للفاعلين في قطاع التعاضد، من خلال تحديد صلاحيات الهيئات المنتخبة، ووظائف التدبير، من خلال تمييز واضح بين وظائف التوجيه والمراقبة الموكولة إلى الإداريين المنتخبين، من جهة، وبين وظائف التدبير الموكولة إلى المسيّرين التنفيذيين الذين يعيّنهم المنتخبون، بحيث يصبحون مسؤولين أمامهم".والتعاضدية العامة اجتمعت فيها كل هذه الاختلالات بالجملة والتقسيط.
وبناء على هذا التشخيص البليغ والواضح، أوصى المجلس "بإرساء ديمقراطية داخلية حقيقية، وذلك عبر إلزامية إجراء الانتخابات، وتجديد الأجهزة في الآجال التي تنصّ عليها القوانين الداخلية، وتشجيع الجمْعيات العامة والمجالس الإدارية على اعتماد المواثيق المتعلّقة بحسن السلوك، مع وضع مقتضيات واضحة تحدّد تضارب المصالح المحتملة، والوسائل الكفيلة باستباقها والوقاية منها".
في انتظار تحرك الجهات الحكومية غير المتواطئة مع فساد التعاضدية العامة، يجدر التنبيه مجددا إلى البطء الكبير والمشبوه في الانكباب بجدية على فساد الوسط التعاضدي الذي وصلت ملفات عدد من تعاضدياته إلى المحاكم، دون إعمال حقيقي لربط المسؤولية بالمحاسبة ومبدأ عدم الإفلات من العقاب. فإلى متى يستمر استهتار الحكومة، ووزارتي التشغيل والمالية أساسا، بحقوق منخرطي التعاضدية العامة وحرمة القانون والمشروعية، في الوقت الذي يتسع فيه نزيف المال والقيم التعاضدية في جزيرة الحاكم العام.
وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
بوشعيب دوالكيفل