عيد بلا أضاحي؟ المغاربة يقبلون على اللحوم الجاهزة وسط غلاء الأسعار وتوسع الاستيراد

تشهد الأسواق المغربية منذ أيام حركة غير معتادة على مستوى اقتناء اللحوم الحمراء، حيث يقبل المواطنون بكثافة على شراء هذه المادة الأساسية تحضيرًا لعيد الأضحى المبارك. هذا الإقبال يأتي في ظرفية استثنائية، عقب النداء الملكي الذي دعا المواطنين إلى الامتناع عن ذبح الأضاحي هذه السنة، حفاظًا على القطيع الوطني وضمان تعافيه بعد سنوات من الجفاف وغلاء الأعلاف.

التحول اللافت في عادات المستهلكين ترافق مع ارتفاع غير مسبوق في أسعار اللحوم الحمراء داخل الأسواق المغربية، حيث تجاوز سعر الكيلوغرام الواحد حاجز 90 درهمًا في عدد من المدن، ما دفع السلطات إلى تعزيز الواردات من الخارج بهدف امتصاص الضغط وضمان وفرة العرض مع اقتراب مناسبة دينية حساسة.

وحسب معطيات رسمية، استورد المغرب خلال الربع الأول من سنة 2025 أزيد من 72.6 طنًا من اللحوم الحمراء الإسبانية، تشمل لحوماً بقرية وغنمية. كما تم في يناير فقط استيراد حوالي 57 ألف رأس من الأغنام الحية من إسبانيا، بزيادة 90% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، في مؤشر واضح على التوجه المتنامي نحو الاعتماد على الخارج لتغطية الطلب المحلي.

وقد قامت السلطات المغربية، من خلال بعثات رسمية، بالتفاوض مع شركات إسبانية وأوروبية معتمدة، حيث تم توقيع اتفاقيات أولية مع سبع شركات أوروبية لتوريد اللحوم بأسعار تراوحت بين 70 و80 درهمًا للكيلوغرام، في خطوة تهدف إلى توفير بدائل ميسورة للمواطنين، خاصة في ظل ارتفاع تكلفة الإنتاج محليًا.

مصدر من وزارة الفلاحة أكد أن "ارتفاع أسعار الأعلاف والجفاف المتكرر ساهما في تقليص العرض المحلي من اللحوم الحمراء، ما استدعى اللجوء إلى الاستيراد كحل ظرفي لتفادي أزمة التزود خلال الفترات الحساسة، وعلى رأسها عيد الأضحى."

وتشير التقديرات إلى أن أزمة الأعلاف التي تعاني منها المملكة منذ مواسم متتالية ساهمت في عزوف عدد من المربين عن مواصلة النشاط، وسط مخاوف من انهيار البنية الإنتاجية لقطاع تربية المواشي، خاصة في المناطق القروية.

رغم النقاش الدائر في الأوساط الشعبية حول جودة اللحوم المستوردة وتأثيرها على مربي الماشية المحليين، تؤكد الجهات المختصة أن جميع الشحنات تخضع لمراقبة بيطرية صارمة، وفق المعايير الصحية الوطنية والدولية. كما أوضحت مصادر مهنية أن اللحوم القادمة من دول مثل البرازيل والأوروغواي أصبحت تمثل بديلًا استراتيجيًا في السوق المغربية، وتحظى بإقبال متزايد من طرف المستهلكين.

في عدد من محلات الجزارة، رُصدت حركة غير مسبوقة من طرف المواطنين الذين يتوافدون لاقتناء اللحوم الجاهزة بكميات كبيرة، في مشهد يعكس استجابة واسعة للنداء الملكي من جهة، وتغيرًا تدريجيًا في نمط الاحتفال بالعيد من جهة أخرى.

يبدو أن المغاربة، مضطرين أو متفهمين للواقع الاقتصادي والبيئي، يعيدون تشكيل علاقتهم بشعيرة الأضحية في ضوء مستجدات الداخل وتحولات السوق العالمية. فهل نحن أمام بداية نهاية لطقوس العيد التقليدية، أم أن هذه التحولات مؤقتة في انتظار موسم فلاحي أفضل؟