وصفة لإصلاح منظومة التربية والتعليم بالمغرب.
ألقى صاحب الجلالة الملك محمد السادس خطابه الشهير يوم 20 غشت 2013 ليحكم على منظومة التعليم بالفشل. كان ذلك نقطة البداية لحوار وطني واسع حول إمكانيات إصلاح هذه الآخيرة. منذ ذلك التاريخ، ركز فريق من خبراء المركز المغربي- الكندي للتنمية المستدامة والتربية على الحكامة والبيئة والنظافة على دراسة أسس هذه المنظومة في علاقتها بمحيطها الخاص والعام، وانكب على تحليل كل المساهمات الرامية إلى إصلاحها. واليوم، ينظم هذا المركز مناظرته الوطنية الأولى تحت شعار : "كيف يمكن الإبداع في تدبير الموارد المادية والبشرية لبلورة وصفة لإصلاح التعليم وتنزيل الجهوية الموسعة ؟ "، مساهمة منه في إغناء الحوار الوطني، وذلك يوم الخميس 16 أكتوبر 2014 بمدرج المجلس الجهوي لدكالة-عبدة بمدينة أسفي على الساعة الثالثة بعد الزوال.
في هذا الإطار العام، تبنى المركز المغربي-الكندي مقاربة علمية دقيقة مكنته، منذ خطاب 20 غشت 2013، من دراسة وتحليل المنظومة الحالية ومقارنتها بمجموعة من المنظومات العالمية الناجحة لتحديد نقط ضعفها، هفواتها، وميكانيزمات انعكاساتها السلبية على الاقتصاد وعلى المجتمع. كما انكب المركز المغربي-الكندي على دراسة جميع التوجيهات الرسمية، واستخلص العبر من الخطب الملكية، و ركز على دراسة وتحليل اقتراحات جميع الفاعلين السياسيين والنقابيين. واستطاع، بعد كل ذلك، صياغة وصفة فريدة لإصلاح منظومة التعليم، واقترح مخطط عمل لجعل هذه الأخيرة في خدمة تنمية محلية وجهوية تحترم تنوع واختلاف الجماعات والجهات في إطار وطني موحد وقوي.
بعد تحليل عميق، استنتج المركز المغربي- الكندي بأن المغرب يحتاج فعلا إلى منظومة للتعليم عصرية، منسجمة وذات تنافسية عالية حتى يتمكن من مواكبة متطلبات المرحلة الراهنة. ولبلوغ هذا الهدف، يركز المركز على ضرورة تحقيق تغييرات جذرية تمس البنيات التحتية، الموارد البشرية والمادية، البيداغوجية والمقررات، التنظيم والتدبير، البحث العلمي، وأخيرا المراسيم والقوانين والنظم.
وإن الوصفة التي يقترحها المركز تتمحور حول خمسة عناصر أساسية:
1. التسيير والتدبير المعقلن للموارد البشرية والموارد المادية ومراجعة البيداغوجية والمقررات.
2. إنشاء هيأة واحدة لكافة رجال التعليم وترتيبهم على السلم الموحد وترقيتهم على أساس النتائج المحصل عليها في الدراسة والبحث العلمي فقط.
3. إعادة توزيع المؤسسات التعليمية في المجال حسب ما تملييه حاجيات التنمية المحلية والجهوية.
4. فرض إطار عقلاني لخفض تكاليف الإدارة وتبسيط هياكل المنظومة (وخاصة من خلال إلغاء المندوبيات الإقليمية ومراجعة شاملة لهياكل وعمل الأكاديميات الجهوية، بشكل يمكن مديري المؤسسات التعليمية، الآباء وممثلي السلطات المحلية والإقليمية من لعب الدور الريادي في توجيه هذا القطاع ومنحهم صلاحيات واسعة في اتخاذ القرارات الإستراتيجية).
5. تعميم استعمال الرقميات على جميع المستويات وفي جميع العمليات المرتبطة بالسير العادي للمنظومة.
يعتبر المركز المغربي- الكندي أن هذه التغييرات:
ü ستمس، في عمقها، وفي نتائجها المحتملة، الحياة اليومية لكل الأفراد والجماعات في اقتصادها، ثقافتها، ممتلكاتها، ثرواتها المادية والمعرفية، وتوزيع هذه الأخيرة كما تريده التعليمات الملكية الأخيرة؛
ü ستضمن المرور، سريعا، من المنظومة الحالية، الفاشلة، إلى المنظومة البديلة التي سيكون لها انعكاسات إيجابية على الاقتصاد وعلى المجتمع؛
ü ستضمن دمقرطة التعليم.
ü ستدخل اقتصاد المغرب في صيرورة جديدة تدعم وتدافع عن خصوصيات ومميزات كل الجماعات الترابية وتمكنها من الإندماج في الدينامية الإقتصادية العالمية.
يرى المركز المغربي- الكندي أن أي إصلاح حقيقي سينتج، بالضرورة، منظومة فعالة و قادرة على تأطير جيد، يستفيد منه المتلقي أيا كان مستواه الدراسي، وكيفما كان وسطه الإقتصادي والإجتماعي .كما أنها ستكون كفيلة بأن تشرك الجميع ـ المتلقي، المدرس، الآباء، الفاعلون الإقتصاديون، الإجتماعيون، السياسيون والسلطات المحلية والجهوية، وأخيرا، السلطات الوصية على المستوى الوطني ـ في موجة واحدة لا ينفصل فيها ما هو تربوي تكويني بما هو تنموي اقتصادي، اجتماعي وسياسي. يجب ان يكون شعار هذه المنظومة البديلة هو التعلم، الجد، الإجتهاد، التضحية والمنافسة.
بالإضافة لكل هذا، إن تفعيل الوصفة المقترحة على المدى القريب سيمكن من تحقيق نتائج مهمة :
أولا، خلق 100 ألف منصب شغل قار وجديد.
ثانيا، تغطية الحاجة إلى ما يزيد عن 17000 أستاذ جامعي.
ثالثا، ترشيد النفقات وذلك بإرساء أسس جديدة لتدبير جيد ومعقلن للموارد البشرية والمادية، مما سيمكن من توفير ستة ملايير ونصف مليار من الدراهم سنويا.
رابعا، تقليص حدة الهدر المدرسي في جميع جهات ومدن المملكة.
خامسا، خلق توازنات جديدة داخل منظومة التعليم وفتح آفاق الإجتهاد أمام المدرسين.
سادسا، الرفع من أجور الأساتذة وتحسين وضعيتهم الإجتماعية ومستواهم المعيشي.
سابعا ، الرفع من إنتاجية وتنافسية البحث العلمي.
ثامنا، تحقيق ترتيب جيد للجامعات المغربية على الصعيد العالمي.