ازيلال 24 : المسلك سعيد
لعل المتتبع و المواكب بكل اهتمام للحقل التربوي في مجال الأنشطة المدرسية بهذا البلد السعيد ، سيلاحظ لا محالة تكرار الأخطاء البدائية المرتبطة أساسا بضبط الأمور التنظيمية ، بدءا باللقاءات التواصلية و شرح بنود دفتر التحملات المتعلق بالمذكرات الوزارية او الأكاديمية المؤطرة ، مرورا بيوم التنافس و المسابقة الرسمية ، و ليس انتهاء عند أيام التتويج بالجوائز والشهادات التحفيزية.
لقد برهنت الظروف التي جرت فيها العديد من الأنشطة الإقصائية في الماضي القريب على العديد من الخروقات و الهفوات التي تبعث على التقزز و الاشمئزاز . نذكر من بعض أمثلتها ما حدث في برمجة أنشطة التشبيك الموضوعاتي لسنة 2019 بالعديد من أقاليم المملكة ( راجع مقالنا في غوغل عن"متاهات المكلفين بالأنشطة التربوية بجهة بني ملال خنيفرة تحت المجهر" ، إضافة إلى الضبابية في البرمجة الزمنية للأنشطة الإقصائية و آجال تسليم المنتوجات كما وقع ذلك في إحدى المسابقات سنة 2013 الخاصة بAMALEF الحكاية الشعبية بالفرنسية ، ثم الإقتراحات الفجائية الواردة في بعض المذكرات الأكاديمية و حتى النيابية و المغايرة تماما لما اقترحته الوزارة و أرسلته سلفا لمختلف مصالح التنشيط المدرسي في شأن بعض الأنشطة الإقصائية ( تجربة 2018 مسابقة الإعلام و المسرح المدرسيين بإحدى أكاديميات جنوب المملكة ، ناهيك عن امتعاض العديد من الفعاليات التربوية جهويا و وطنيا من بعض لجان التحكيم في العديد من المنافسات لأسباب يبقى الكثير مما أسيل فيه المداد بشأنها موضوعيا...الخ).
إن هذه العدوى لا تخص فقط الحقل التعليمي ، بل تتعداه إلى كل المجالات و منها المجال الثقافي ، و آخر ما يمكن التمثيل به في هذا الصدد ما وقع من مشاكل تنظيمية جمة بالدورة 22 من فعاليات المهرجان الوطني للمسرح بتطوان ، مع ما فجرته عضوة لجنة التحكيم مريم أوعلا ، من فضائح السمسرة في هذا الصدد ، و هي "شاهد من أهلها" . و لا يجب تفويت الفرصة في هذه التوطئة دون التعبير عن امتقاعنا وامتعاضنا جميعا من إقبال الفنان جواد أحمد على إحراق نفسه أمام مقر وزارة الثقافة احتجاجا على الإقصاء لأسباب غامضة، وهذا الحادث ينطوي على الكثير من الدلالات الرمزية .
و شخصيا ، لم أسمع قط أن عبر فرنسي أو هولندي أو أمريكي – فنانا كان أو متتبعا للشأن الثقافي أو التربوي- عن استيائه من التخبط في تنظيم بعض المنافسات أو من قرارات لجان التحكيم أو غيرها، اللهم إذا استثنينا ما تعرض له منظمو بعض الدورات لجوائز الأوسكار من انتقادات واسعة على مستوى "الأفلام المسيسة المعروضة". راجع مقال le MONDE بتاريخ 5 مارس 2018 oscars particulièrement politiques واتمنى ألا أكون مخطئا في هذا الصدد ، لأن التخبط التنظيمي لا زال من شيم الدول المتخلفة دون غيرها للأسف الشديد .
2- المنتدى الإقليمي لأندية التربية على المواطنة و حقوق الإنسان و أندية التسامح و العيش المشترك: تنظيم العشوائية و عشوائية التنظيم
2- 1 التخبط التنظيمي و الارتجالية .
لا أقصد بالارتجالية والتخبط هنا، حفل التتويج ليوم29 أبريل2023 المنظم بالمركز الثقافي أزيلال، حيث كان الحفل رائعا، ومراسيم تقديم الفعاليات المتبارية جميلة، كما كان الحضور وازنا، وهنا لابد من تقديم الشكر الجزيل لمدير المركز ورئيس مصلحة الموارد البشرية بالمديرية الإقليمية على مجهودهما الضخم من أجل هذه الأمسية التربوية الهادفة، ولكني أقصد بالذكر طرفي اتفاقية الشراكة حول المنتدى، أي: الأكاديمية الجهوية واللجنة الجهوية لحقوق الانسان. فكما يعلم الجميع، ما من منظم لأي نشاط أو تظاهرة تربوية من هذا الحجم إلا ويستحضر كون الحياة المدرسية مناخا وظيفيا مندمجا ومركبا يستدعي المرونة والنظام ضمانا لتوفير جو سليم وإيجابي في كل مراحل التحضير، إذ لا يساعد المتعلمين فقط على التعلم واكتساب القيم البناءة ( كما جاء في كلمات الافتتاح)، وإنما يساعد المؤطرين والمنظمين أيضا على بلوغ المرامي السامية للتظاهرة، والتي تتشكل حتما من مجموع العناصر الزمانية والمكانية والتنظيمية والعلائقية والتواصلية. وهذا هو التنظيم المحكم، الذي قال عنه "إنجلز": "إنه الحلقة الوسط بين النظرية والتطبيق" ، بل إني أعتبر شخصيا المسألة التنظيمية قناة واصلة أساسية للتنمية البشرية الشاملة، ومظهرا حقيقيا من مظاهر الصدق والإخلاص في العمل، لأنه كما يقول الإسكندري: "الأعمال صور قائمة، وروح وجودها، سر الإخلاص فيها" فبانعدام التنظيم المحكم يعم الاختلال والعشوائية، كما أن الاكتفاء بمجرد تسطير الأهداف الخاصة بالنشاط، وتحديد صيغه التربوية، واختيار الفضاء والزمان، وتوفير الإمكانات المالية المناسبة...لن يؤدي بالضرورة إلى نجاح أية اتفاقية تربوية كيف ما كان نوعها.
و من بين تجليات التخبط في التنظيم ما يلي :
v أعضاء اللجنة الجهوية الذين تواصلوا بشكل مباشر مع منسقي الأندية التربوية بالمؤسسات التعليمية قبل شهر رمضان، كانوا قد حثوا على تصوير الأعمال الإبداعية على شكل كبسولات وإرسالها عبر "درايفات" أو روابط الكترونية، الأمر الذي يتنافى و ما سمعناه بعد الاقتراع من أحد الأعضاء حول أن المواد المسرحية المعروضة حية فوق الخشبة أفضل من نظيرتها المصورة ، ما نعتبره إجحافا في حق الأعمال الإبداعية المصورة، التي يبدو أنها احترمت وانسجمت مع ما ورد في دفتر تحملات اللجنة الجهوية التي تواصلت مع منسقي الأندية سابقا.
v لوحظ حضور السيد رئيس مصلحة تأطير المؤسسات والتوجيه عضوا في التحكيم، في حين أن المفروض هو حضور ممثل عن مصلحة الشؤون التربوية التي لها علاقة وثيقة وانسجام أكثر بمكتب الحياة المدرسية، مع احترامنا الكامل للسيد الهواري كفنان كبير للبورتريهات.
v رفض أحد أعضاء اللجنة الحضور في أشغال المنتدى، بسبب المناداة عليه بشكل متأخر جدا، يعكس الاستهانة بأهمية نقطة التواصل المبكر بالأعضاء على اعتبار أن اللجنة التحكيمية هي قطب الرحى في إنجاح فعاليات المنتدى.
v تم الحُكم على مواد متنافسة لا تنتمي إلى نفس التصنيف الإبداعي ( المسرح ـ الفيلم التربوي) زيادة على أن ما قُدّم فوق الخشبة ( عمل مدرسة المنظر الجميل) لايمكن لأعضاء اللجنة أن ينظروا إليه بنفس النظرة والمعيار اللّذَيْنِ سيستعملونهما في الحكم على أعمال إبداعية مصورة.
v هذا المنتدى هو ثمرة شراكة بين اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان والأكاديمية الجهوية للتربية التكوين. فأين هو ممثل الأكاديمية داخل لجنة التحكيم؟!
v أحد أعضاء لجنة التحكيم تابع عن بعد الأعمال الإبداعية وخاصة المسرحية منها، ومع احترامنا للفنان الكبير " شهير محمد" الذي نكن له كامل التقدير، فإن متابعة هذه الأعمال عن بعد تختلف عن مواكبتها حضوريا، مما يؤثر بشكل أو بآخر على نتيجة الحكم النهائي على هذه الأعمال.
v جدير بالعلم أن اللائحة الاسمية للّجنة من المفروض أن تعرض في وثيقة رسمية، تفاديا للمشاكل المحتملة. لأن الشكل الذي تمت به المناداة على أعضائها حسب ـ أقوال بعض الرافضين للانخراط فيها ـ لا يضر فقط بالجوانب التنظيمية لمنتدى من هذا الحجم ، بل يمكن أن يلحق ضررا حتى بسمعة اللجنة نفسها، رغم أنها تشمل بعض الكفاءات المحترمة.
v في إطار الحق في الوصول إلى المعلومة، لا زلنا نلتمس من منظمي هذا المنتدى وخصوصا اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، إيفاء الجميع بشبكة معايير التقويم المعتمدة لمزيد من التنوير وتبديد ظلام الغموض في هذا السياق.
v أما ما يرتبط بالجوانب التحفيزية، فإن الجمهور الغفير الذي واكب مجريات المنتدى امتعض واستغرب من تجاهل تسليم شواهد تقديرية للمؤسسات وجميع التلاميذ المشاركين عرفانا بجهودهم سواء في المسرح والتجسيد أو الرسم والتشكيل. دون إغفال أن الفائزين الأوائل يستحقون أكثر من شواهد تقديرية إسوة ببعض القطاعات الأخرى التي تغدق على فائزيها بجوائز متنوعة وقيمة.
2-2حول لجنة التحكيم
بالرجوع إلى النقطة الخاصة بلجنة التحكيم ، فإن الغموض غير المبرر الذي غالبا ما يحيط بتحديد أعضائها في الكثير من التظاهرات التربوية السابقة، يبقى من أكثر أسباب افشالها. فاللائحة الاسمية لأعضاء لجنة التحكيم يجب أن تظهر في منشور رسمي أو اعلامي، وبشكل قبلي، وهذا هو دور لجان التواصل التابعة للجهاز التنظيمي للتظاهرة.
قد يتبادر هنا، إلى ذهن البعض أننا ضد لجنة المنتدى، ولكن سوء الظن لن يؤدي بالقارئ ـ السيء الظن ـ إلى فهم المقال والمقام..
فالأعراف العالمية المتداولة تفرض في جميع المجالات على الحَكَمِ أن يفصح عن نفسه بشكل قبلي من خلال ورقة تعريفية مفصلة لفائدة الجمهور، بل إنه في المجال القانوني مثلا، يتعين عليه كذلك أن يفصح عن رابطة العمل التي كانت تربطه بأطراف (الدعو ى/ التباري) ـ لأننا نفترض في هذا السياق أن المدّعي والمدّعى عليه يتنافسان على الفوز بالدعوى ـ والغاية من هذا الإفصاح هو ألا يصبح كتمانه لهذه العلاقة القديمة قرينة ضده فتسبب له الحرج والمشقة، وهما إحساسان سلبيان يؤثران على حكم ( القاضي / الحَكم). وأعتقد أن رفض أحد الأساتذة الذين تمت المناداة عليه ليكون عضوا بلجنة المنتدى، حيث تم استدعاؤه بشكل متأخر جدا ( الدقيقة التسعون كما يقال)، لخير دليل على أنه مستوعب بشكل جيد أكثر من غيره للفكرة التي شرحناها في هذا الصدد..
إن التحكيم في كل التظاهرات التربوية والفنية لابد وأن يطبعه الصراع والجدل داخل اللجنة وخارجها، وهو أمر صحي وسليم ، لأن الأعضاء يتعاملون مع مواد تنتمي إلى مجال تطبعه التعاملات الإنسانية المبنية أصلا على التباين والاختلاف في الأراء والمواقف. فقرار اللجنة كان دائما يعكس تصوراتها التي لن تكون بالضرورة بنفس تصورات لجنة أخرى، لأن الفن في آخر المطاف عبارة عن جماليات لا تحظى بالتوافقات لاختلاف الرؤى والأذواق. لهذا نعتقد أن الانتقادات التي نوجهها للجنة وطريقة اختيارها بناءة وتوضيحية ليس إلا، بصرف النظر عن سيكولوجية المجتمع الذي يرتبط بالتربية العامة في التعامل مع النجاح والخسارة..
فحسب ما وصل إلى علمنا من طرف أحد أعضاء اللجنة المحترمة، فإن النقاش كان مستفيضا حول نقطة واحدة وهي أن المسرح يُقَيَّمُ حيّا فوق الخشبة لا مصورا على الشاشة، وهذه في نظرنا المتواضع من الاعتبارات التقزيمية حول العمل المعروض، قد ينتصر فيه بعض أعضاء اللجنة إلى مؤسسة معينة لم تُعر الاهتمام للمعايير الفنية والتقنية، علما أن الفن الحديث وخصوصا المسرح منه، يتسابق اليوم على تسخير التكنولوجيا لخدمة الابداع الفني و الأدبي بكل جودة ومهنية ( المسرح العلمي على سبيل الأنموذج والمثال). ثم هناك سؤال آخر يطرح نفسه: لماذا تم استدعاء المؤسسة الفائزة لتقديم العرض بشكل مباشر في حين تم الاقتصار على مشاهدة المنتوجات المصورة على شكل فيديو لبعض الأندية الأخرى (تيموليلت و آيت تمتنا مثلا) و التي كان بوسعها أن تقدم مساهمتها حية فوق الخشبة هي الأخرى؟.
إننا لا ندافع عن منتوجنا ليكون الفائز الأول في التظاهرة بقدر ما نعبر عن تخوفنا من أن تصبح لجن التحكيم ببلادنا في مثل هذه الأنشطة الهامة صورة أو مرآة عاكسة لأعضاءTwelve angry men اثنا عشر رجلا غاضبا، الذين تفَنَّنَ (سيدني لوميت) في تحليل شخصياتهم وطباعهم العقلية والنفسية، ليخلص إلى أن التأثير في الحُكم قد ينبني على عدّة ميولات سلبية منها الاحكام المسبقة، التحفظ السلبي، ضغط النظير، التفييءالخاطئ والاستقطاب راجع السيناريو الأصلي لReginald Rose 1954 .
إن تخوفنا عظيم من أن تؤثر هذه الظاهرة التي لاحظها العديد من المثقفين والممارسين المهنيين في أكثر من تظاهرة، على مبدأ تكافؤ الفرص، فتؤدي إلى اضعاف قدرات المنشطين وتثبيط عزائمهم في الانخراط القوي في مسلسل الارتقاء بأدوار الحياة المدرسية.
3 – الأكاديمية ، اللجنة الجهوية ، النوادي التربوية المشاركة : حوار الصم و البكم
في التقرير الكتابي الذي أنجزناه عن جدول أعمال اللقاء الأول الذي جمع بعض اللجنة الجهوية ومنسقي النوادي المشاركة منتصف شهر مارس المنصرم، وذلك تحضيرا للمسابقة (توجد نسخة من التقرير لدى إدارة الثانوية الاعدادية)، في هذا التقرير، خصص حيز هام للنقطة المتعلقة بشروط قبول المنتوجات في المسابقة، وكان من بينها: ألا يكون المنتوج بالدارجة العامية، أن يساهم فيه التلميذ، ألا يكون مقتبسا من أعمال الغير، أن يكون قصيرا مع تحديد مراجع الموسيقى والصورة المُقحَمة. وقد أشار الأستاذ الزميل الكريم محد أبخان إلى أنه:"من الأفضل أن يكون العمل مصورا، قصيرا ومركزا" وحبذ أن يشتغل المشاركون على أصناف جديدة من الابداعات ، و اليوم نكتشف أن مسرحية من اكثر من 11 دقيقة هي من فازت بالمنتدى! ، هذا ناهيك عن خرق سافر لبنود المشاركة و هو أن بعض المؤسسات شاركت بمنتوج بالدارجة !! أليس هذا مؤسفا؟.
حوار الصم والبكم في المراحل التحضيرية للمنتدى تتجلى أيضا في الإخبار المتأخر جدا الذي تلقاه زميلنا سعيد جلال، منسق النادي بثانوية أحمد الحنصالي، والذي يفيد أن منتوجه هو:"صنف إنتاج خارج السياق" دون تقديم المبررات الفنية للإقصاء (حسب تصريح الزميل)، الذي يعتزم مراسلة رئيس المجلس الوطني لحقوق الانسان مركزيا في هذا الصدد. خصوصا وأن تلامذته -ـ حسب تصريحه دائما -ـ كادوا ينفذون وقفة احتجاجية يوم المنتدى .
وقد كان من الممكن جدا – خصوصا لقلة عدد المتأهلين في المنتدى - إعطاء فرصة للمنسقين لشرح ملخص المنتوج Synopsis ودواعي الاختيار ، لأن ذلك مهم جدا، كما يدخل في تقاليد المنافسات ويزود أعضاء التحكيم بما قد لم يطلعوا عليه في البطائق التقنية المسلمة لخلية التواصل باللجنة الجهوية، لأن الأعمال تُقيم – ليس فقط بما ركز عليه أعضاء اللجنة المحترمون يوم التتويج – ولكن أيضا بناء على معايير أخرى: راهنية الفكرة، الاستهلاك المتكرر، التركيز أي: قول الكثير في القليل، ظروف ومراحل الإنجاز ...إلخ. لهذا السبب تحدثت آنفا عن النظرة التقزيمية لأعضاء اللجنة المحترمة أثناء الاقتراع.
خلاصة هذا المحور من الموضوع هو ان مواكبة لجنة التواصل الخاصة بالمسابقة في كل مراحلها، كانت مواكبة عرجاء، بل كانت تحتاج إلى من يواكبها.
4- على سبيل الختم
لا نريد لقطاع التربية و التكوين ، خصوصا في شقه المتعلق بالتنشيط و الارتقاء بأدوار الحياة المدرسية ، أن يصيبه أكثر مما هو مصاب . ففي زمن اللغط كما قال محمود درويش ، اندحرت المسؤولية و خف وزن الجد . إن التكامل بين مجالي التعليم و الحقوق ، يجب أن نرقى به إلى المستوى الرفيع ، خصوصا و أن التجربة الجميلة "لقوافل 2013 " أظهرت بالملموس لحظات رائعة من التلاحم الإبداعي و الفكري بين الحقلين ، و نجاحا في التوافق بين مجالين أو مؤسستين يتجاذبهما الفكر التنويري. فما أحوجنا اليوم إلى الارتقاء بهذه العلاقة الجيدة في زمن مغريات العولمة الشرسة و سيادة ثقافة الرعونة و الاستسلام و أفكار التعصب و الانغلاق . و ما أحوج المنشطين أيضا إلى مزيد من التحفيز و التشجيع ، في زمن أصبح فيه الأخير عملة صعبة ، يتخبط هو الآخر في براثن الإحباط . فباستحضار هذه التجربة (تجربة المنتدى)، لا يعقل مثلا أن يقوم النادي بإمكاناته البسيطة بالبحث عن عُــدّة التصوير و لوازمها خارج أسوار المديرية الإقليمية ، في حين أن "مؤسسة الإبداع الفني و الأدبي " التابعة لها ، تحتضن قاعة خاصة لهذه العملية ، لا تحتوي اليوم سوى على بعض الكراسي بين جدران باردة و باهتة ، قاعة أشبه ما تكون بحجرة استنطاق داخل مخفر للشرطة.
وهنا نتساءل: " أين هي عُدّة التصوير التي تم اقتناؤها خلال فترة كورونا، لتصوير الدروس عن بعد، والتي يبلغ ثمنها عدة آلاف من الدراهم؟! لم يتبق منها - حسب بعض الموظفين بالمديرية – سوى بعض الخيوط الكهربائية وبضع مظلات خاصة بالإنارة ! ولعل احد الأعضاء الممثَّـلين في لجنة التحكيم يعرف جيدا هذه القصة، خصوصا وأن حاسوبا بقيمة 20ألف درهم كاد يختفي من العُـدّة قبيل انتهاء برنامج "تلميذ تيس" بقليل، لولا أن المدير الإقليمي السابق فطِن إلى الأمر، فأنقذ الحاسوب من الخضوع لتجارة " شراء وبيع الصمت" كما سماها عبد اللطيف اللعبي.
غيض من فيض عراقيل وجب تجاوزها لأنها تعيق عمل الأندية والمنشطين، كما لا تتماشى وروح المذكرات والدعامات المؤطِّرة للانشطة المدرسية (راجع الدعامة 17 من الرؤية الاستراتيجية)، والتي ترمي إلى تربية وتكوين جيل قوي من الناشئة يقدس المسؤولية ويحب الوطن، حتى لا تكون مجهوداتنا كمن يعدو فوق بساط متحرك بسرعة إلى الخلف، وحتى لا تكون نداءاتنا كمن يؤذن في مالطــا.
لا يسعنا في الأخير إلا أن نوجه تحية تقدير و إجلال لجميع الزملاء منسقات و منسقي الأندية التربوية المشاركة و التي أبانت مشاركتهم عن مجهود جبار صحبة تلامذتهم ، و أكدت من جديد على أن المدرس شمعة تأتلق دوما في زوايا الصف لتنير درب المعاني و دهاليز الحياة .
شكرا للمنتدى.
.
+++ منسق نادي المواطنة و حقوق الإنسان بالمؤسسة