“الفايد” والقانون الوضعي..
بقلم: يونس فنيش
لو سألنا الناس ماذا استفادوا من الفايد في آخر المطاف ستكون الإجابة كما يلي: الفايد يقول، ما معناه، أن: “من لم يكن عالما في الفيزياء والكيمياء ولا عالما في الذرة الى آخره إيمانه ناقص”، وبأن: “من يتضرع إلى الله ويتوجه إلى الله بالدعاء وهو لم يدرس علوم الكون فهذا نفاق”.
أليس هذا كلاما جارحا بلا مبرر في حق المغاربة الذين ليسوا علماء و لا خبراء في الكيمياء، والذين درسوا مثلا القانون والجغرافية والآداب والعلوم الإنسانية إلى آخره، وأيضا الذين لا يعرفون القراءة و الكتابة، إن لم يروا في ذلك تكفيرا لهم…؟ فما قول أساتذة القانون الجنائي؟
و الفايد يصرح حرفيا أيضا بأن: “المسلمين عاشوا في الظلام مدة 14 قرنا و حان الوقت كي نعيش في الصفاء”.
هذا يعني أن الفايد يقول بصريح العبارة أن المسلمين الذين يتشبثون بالإسلام منذ 14 قرنا على ضلال بكل ما لذلك من معنى… فهل عقيدة المغاربة، حكاما و محكومين، ضلال في ضلال؟ لا طبعا، و لكن ما الذي يدفع الفايد لكذا كلام؟ فما قول أساتذة القانون الجنائي؟
و الفايد يصرح بأننا في المغرب: “من ظن أنه في بلد مسلم سنرى إن كان في بلد مسلم أو مازال نائما”.
فهل الدستور المغربي لا ينص على إسلامية الدولة أم أنه دستور غير حقيقي حسب الفايد؟ فما قول أساتذة القانون الجنائي؟
و الفايد صرح بأن “المذاهب الأربعة خربت الإسلام” و لم يستثني حتى المذهب المالكي الذي يعتمده المغرب دولة و شعبا. فما قول وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية ؟
كلها تساؤلات من حق الناس طرحها في انتظار إجابات تريحهم.
و لا داعي لجرد كل ما قاله الفايد من كلام يخص الدين الذي لا يقبل الفتنة، على قناته التي تضم ملايين المشاهدين، كتصريحه بأن ” الحلال و الحرام ليس تخصص الفقهاء”، وتشكيكه في الإسراء، و قوله بأن
“العبادات تكون بالعلوم الكونية و ليس بالعلوم الشرعية” مع ما لذلك من مغزى غير سوي، و بأن “الأمة تشقى لأنها جلست على الحصير تعبد الله” و هذا استخفاف بالعبادة، و بأن “لا وجود لللحوم في القرآن”، و كأن عيد الأضحى ليس عيدا للمسلمين، و كثير من الكلام الذي لا أساس و لا مبرر له و لا غاية بناءة منه.
و أما لما يكرر الفايد لملايين المشاهدين المغاربة من عامة الناس بأن “الأمازيغ هم من فتحوا الأندلس”، و بأن “ليس لدينا علماء”، و بأن “الأمازيغ المسلمين هم علماء المسلمين”، و بأنه “يريد الأمازيغ” و “يجب للأمازيغ أن يبقوا في الصدارة”، في حين أن هذا كله كلام متجاوز و يتنافى قطعيا مع وحدة المغرب و المغاربة، بل هو كلام يطرح سؤالا منطقيا حول فرضية انتماء “الفايد” إلى منظمة أو جهة ما سرية أو علنية تستهدف المغرب، و لا يمكن التأكد من ذلك طبعا سوى من خلال إجراء تحقيق في هذا الشأن، سواء كان تحقيقا صحفيا موضوعيا أو، لما لا، من طرف وزارة الأوقاف و الشؤون الإسلامية، مثلا، و حبذا لو كان تحقيقا قضائيا منصفا حتى يكون الفايد ملزما بتقديم إجابات واضحة حضوريا، لأن من المعلوم أنه يتكبر على جميع الجهات التي لا سلطة لها عليه، فقط ليطمئن الناس على دينهم و وطنهم، و حتى يعرف الفايد ما له و ما عليه درءا لكل فتنة لا قدر الله، لأن الطعنات التي وجهها الفايد للعقيدة لا علاقة لها بحرية التعبير، لأنه لم يتكلم عن وقائع تاريخية حدثت في تاريخ الدول الإسلامية و علاقتها آنذاك بالسلطات التنفيذية مثلا، بل صرح بأن “المسلمين عاشوا في الظلام منذ 14 قرنا”.
الشيخ العالم مصطفى لقصير في رده على الفايد ختم متوجها إلى الفايد: “لقد فضحك الله و سيزيد الله من فضحك. من أذل دين الله عز و جل و الذي أذل العلماء الذين رفع الله من قدرهم أكيد فسنة الله ستجري فيه، سيذله الله عز و جل لأنه في كثير من كلام الفايد (الموثق) أذل فيه الإسلام و أذل فيه المسلمين و أذل فيه علماء المسلمين.”
هذا كلام قد يشفي غليل الناس الحكماء في سن معين فيهدؤون، و لكن لدينا فئة واسعة من الشباب الذين لن يفهموا لماذا لا يتم إعمال القانون الوضعي في حق الفايد على غرار آخرين، و قد يفهم البعض خطأ أن الفايد على حق على خلاف البعض الآخر، و قد تتكاثر الأسئلة المؤدية إلى التفرقة بما لا ينفع المغرب و المغاربة لا قدر الله… الرأي أن يتم التحقيق مع الفايد لتطمئن قلوب الناس. هذا رأي صارم ولكن المصلحة العامة أولا. و لابأس، فقد يقدم الفايد إجابات واضحة، و قد يتراجع عن بعض ما صرح به، و قد يقدم شهادة طبية ترفع عنه القلم، و قد يعتذر بكل بساطة… و الله أعلم.