المكلوم .. من أفق المهدي بن بركة إلى ضنك الجرعات
الباحث ذ.سعيد بوخليط
حلت يوم 29 أكتوبر الذكرى السادسة والخمسون لاختطاف وقتل الزعيم الأممي المهدي بن بركة. صارت حاليا المعطيات الكبرى للجريمة السياسية المقترفة سنة 1965 متداولة منذ عقود، يكشف عن حيثياتها هذا المصدر أو ذاك، بين الفينة والأخرى، خصوصا وأن طابع السرية عن الملف لم يعد قائما، كما السابق، ومازال الحكي عن واقعة استدراج بن بركة من طرف شرطيين أمام مقهى “ليب” الباريسي صوب وجهة مجهولة، مستمرا بكل اللغات العالمية، نظرا لرمزية الرجل الهائلة خلال فترة الحرب الباردة، وكذا تعدد الأطراف الدولية المتورطة في اغتيال مناضل عالمي، استثنائي بكل المقاييس، ديناميكي جدا، ذكي وشجاع للغاية، امتلك مختلف المقومات التي جعلت منه خلال ظرف وجيز ليس فقط قائدا لليسار المغربي، لكن زعيما كونيا بامتياز، عمل إلى جانب قادة كبار من عيار غيفارا، كاسترو، ماو تسي تونغ، جمال عبد الناصر، تيتو، نيكروما، جواهر لال نهرو، بن بلة… على وضع لبنات خريطة جديدة لعالم متحرر تخلصه من هيمنة تبعية الثنائية القطبية، وتتيح لشعوب العالم الثالث إمكانية تحقيق استقلالها الكلي بالتخلص نهائيا من آثار المنظومة الاستعمارية.
طبعا، وقد غاب بن بركة جسديا، منذ قترة طويلة، وتمَّ الإسراع مبكرا جدا من طرف قوى الشر إلى كتم أنفاسه، حتى يتوقف نبض قلبه تماما ونور ضميره عن بثِّ معاني الحياة الحقيقية لدى كل الشعوب المتطلعة إلى تحقيق حريتها واستقلالها الذاتي، فلا زال فكره حيا ومتوقدا، غاية الأبد، لن يموت، ومرجعيته السياسية بمثابة ترياق لا ينضب عطاؤه، يمد الأجيال المتلاحقة ما بقي الزمان بقوة وطاقة روحيتين ونفسيتين، قصد الدَّأب على مواجهة كل المخططات العدمية التي تجعل من الإنسان عدوا لنفسه وللآخر، حتى وإن بدا باستمرار طريق الحرية شاقا وطويلا لا ينتهي إلحاحه