الثلث الخالي في البصلة السيسيائية
بقلم يوسف بولجرا ف
خبراء علم النفس يشتغلون على الإنسان كثيرا ، دراسات و تجارب و بحث سلوكيات و نتائج و تقييم نتائج و إستخراج نظريات ، رغم كل شيء يبقى هامش فراغ في العقل البشري ليس فارغ مبهم و غامض لأن طبيعة الإنسان غامضة بما فيها عقله المعقد ، كلما توصلوا لنتيجة ممكن ستبدأ نتيجة أخرى في الظهور و تصبح رهينة عامل الزمكان و الذات نفسها ، حقيقة ثابتة في تلك اللحظة و المكان لكنها متفاوتة و غير مضمونة ، قد تتغير في أي لحضة بعدها حسب الظرف الزمكاني و حسب متغيرات أخرى تدخل ضمن مركبات الإنسان ! إذا مهما كثر القيل و القال في ميدان التجارب الإنسانية يبقى هامش الخطأ عند أي شخص يحاول أن يحلل أغوار الإنسان أو يعطي نصائح أو يمد أفكار تصب في إتجاه تقوية النفس الإنسانية داخليا كبيرا جدا ، أي نعم يمكن أن يصيب ولكن حسب الظروف دائما و اللحظة المناسبة بعينها بالملمتر و لكن دائما يبقى هامش فراغ تلعب النفس فيه دورها كاملة ،لأنها تعشق الحرية و لا تحب القيود ، يكفيها أنها مقيدة أصلا ، لهذا تجدها هي نفسها تبحث على طريقة لإيجاد الطريق الصحيح فتمد نفوسا أخرى بما يشبه تبادل التجارب ، فلا هذه النفس ترغب و لا الأخرى تود أو تسمع و تزداد منطقة الغموض اتساعا كلما امتلئ هامش الفراغ مجددا أو إتسعت الرقعة و ظهرت هوامش فارغة ، هكذا يجب التعامل مع الإنسان في تنظيم علاقته بنفسه أولا ثم بمحيطه ! لو غيرنا علماء النفس بعلماء نفس آخرين تكون النتائج مختلفة ليس لأن هذا العالم أفضل من الاخر أو هذا الذي يشتغل على الإنسان يعرف و يفهم أكثر من الأخر ، أو هذا مكانيكي إنسان و الأخر هندسة ، بل فقط لأن المادة التي يشتغلون عليها هي أكبر منهم و حتى من العلم نفسه و تتفوق على كل المواد الموجودة و كل العلوم الدقيقة إلى حدود الساعة رغم ما وصل إليه الإنسان من تطور و إكتشافات
لأنه يبقى هو نفسه موضوع البحث !ذلك ليس من الصعب فقط و لكن من المستحيل فهم الإنسان أو بالأحرى تقديم بعض النصائح و التوجيهات من أجل تنمية ذاته أو من أجل الوصول و البحث عن النجاح و ليس فهم الحياة ! لأن مفهوم كل واحد حسب فهمه ، ربما قد ينجح إنسان في تغيير حياته حين يتغير تفكيره ! بالمفهوم الإيجابي القصد أو حتى السلبي في هذه الحالة أحذف كلمة ينجح لأنها إيجابية ! أو ممكن ربما نوسع الجبهة و نقول قد يسعد ، لكن السعادة رغم أنها شعور فهي تختلف في مفهومها من شخص لآخر قد نصادف تشابها عاما يربطها بشخص نقط إلتقاء مع مجموعة و إلتقاء مع أخرى و تلتقي أو تتراجع في جهة أخرى مع فرد أخر أو مجموعة أفراد و قد تكون جزيئات منها متفرقة في إتجاهات أخرى عنقودية كل جزء مرتبط بنوع من الإحتياجات و الرغبات و النجاحات و ما إلى ذلك من مايشمله المفهوم الواسع ! لكن يبقى الهامش دائما ذلك الثلث الخالي مجازا ! لذلك أرجوك إذا حاولت يوما كتابة سطر أو سطرين عن ما يجب أن يكون عليه الإنسان تجنب الإسقاطات و قدم فقط التجارب ! ف التجارب كلها معرفة مفيدة في الميدان ، أما المساعدة الإجتماعية على كيف يجب أن يكون عليه الشخص فهذا خطأ فضيع عند كل من يعتبر نفسه أستاذ تنمية بشرية! هناك أمثلة تحضرني الآن لكن الرقعة غير كافية لاستعابها كمثلا أن أقول لك ماذا ستفعل ب مبلغ هائل من المال ؟ هل تستطيع عده أولا ! سيأخذ منك وقتا طويلا لذلك ، ليس كما نطقته لك هكذا و بسرعة ! لو تأملنا في كل كلماتنا نجدها مثل ذلك المبلغ الهائل من المال أليس كذلك ! ولكن إن قلت لك هل سيسعدك !؟ أكون جاحف في حقك
كإنسان ! المال طبعا و ليس الكلام و ندخل المتاهة الديالكتيكية علاقة المال بالسعادة ! و إذا كيف لا يسعد من يملك المال ! للسبب نفسه الذي يسعد له من يجد المال ولو قليلا فقط و نجده سعيدا من وضعته الحياة في الهامش الضيق و لم يستطع الخروج للجهة المشعة منها لأن ببساطة في قرارة نفسه : لعله خير من الله و هو أدرى بعبده و الله رحيم بعباده ، رغم أنه أيضا يبحث عن المال بمفهوم القوت اليومي و ما يلبي الحاجيات