اجتماع المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل عبر تقنية التواصل عن بعد
عقد المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل اجتماعه العادي عبر تقنية التواصل عن بعد، يوم السبت 18 يوليو2020. وبعد الاستماع إلى الكلمة التوجيهية للأخ علي لطفي الكاتب العام للمنظمة، تداول الحاضرون حول مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تمر منها البلاد، بارتباط مع تأثيرات جائحة كورونا فيروس. وسجل إيجابية الإجراءات والمبادرات الاستباقية والسريعة، من حجر صحي وإعلان حالة الطوارئ الصحية والرفع من جاهزيّة المستشفيات والمختبرات العمومية وتوسيع رقعة الكشف المبكر، وتوفير الإمكانيات المالية والآليات الإدارية واللوجستيكية القمينة بالتدبير الجيد لأزمة كورونا بتوجيهات وبإشراف فعلي لجلالة الملك، بما في ذلك إنشاء صندوق تضامني لتدبير جائحة كوفيد -19، علاوة على التعبئة والمشاركة الشاملة الواعية والمسؤولة لعامة المواطنين للحدَ من انتشار الفيروس والحفاظ على أرواح الناس؛
وإن المكتب التنفيذي إذ يؤكد على نجاح المغرب في تجنب الأسوأ بفضل القرارات الملكية الحكيمة، لاسيما في ظل في أزمة اقتصادية واجتماعية وسياسية خانقة جراء ضعف السياسات العمومية المتبعة من طرف الحكومة منذ سنوات، وقصورها، والتي من تجلياتها البارزة اختلال المؤشرات الاقتصادية وارتفاع العجز الاجتماعي بشكل مخيف زادت حدته مع هذه الأزمة الحالية التي ألقت بثقلها على المواطنين المغاربة، وعمقت من تدهور المستوى المعيشي للأغلبية الساحقة من المواطنين، بما في ذلك الفئات الاجتماعية المتوسطة وإن مؤشرات العجز الذي سيتجاوز 5,7 في المائة في نهاية سنة 2020، واستمرار ارتفاع دين الخزينة وفوائده إلى مستويات قياسية، واستعمال خط الائتمان، ودخول الاقتصاد الوطني في مرحلة تراجع مزدوج وكساد، رغم مخطط الإنعاش والقانون المالي التعديلي الذي بقي سجين المقاربة الماكرواقتصادية ومنطق الترقيع والمسكنات، كلها مؤشرات تنذر بالخطر الداهم الذي يتهدد وطننا لا قدر الله؛
إن افتقار الحكومة لنظرة شمولية مبنية على مقاربة ثاقبة للمتغيرات العميقة الجارية على المستوى الدولي، وما ترتب عن تداعيات الجائحة من إغلاق لعدد كبير من المقاولات الصغيرة جدا والمتوسطة التي تشكّل أكثر من 95 في المئة من المقاولات ومن النسيج الاقتصادي الوطني، والتي كانت تواجه صعوبات عديدة ومهدّدة بالإفلاس و بالإقفال حتى قبل أزمة كورونا (بمعدل إغلاق 1000 مقاولة في السنة)، ينذر بارتفاع محتمل في أعداد المرافق التجارية والسياحية والصناعية والخدماتية التي ستغلق أبوابها مما سيزيد من ارتفاع معدل البطالة بسبب فقدان الشغل لمئات الآلاف من العمال والعاملات، بما يشكل خطرا على الاستقرار والتماسك الاجتماعي، وبالتالي ارتفاع نسبة من يعيشون تحت خط الفقر والفقر المدقع مما سيعمق الفوارق الطبقية بوتيرة أقوى وأسرع من ذي قبل، خصوصًا وأنّ نطاق التغطية لنظام الحماية الاجتماعية لا يتجاوز 46 في المائة من الفئة النشيطة في المجتمع، علما بأن التحدي الأكبر اليوم في زمن كورونا هو تقديم الرعاية الصحيّة للأشخاص المصابين بأمراض مزمنة، الذين يتصدرون قائمة ضحايا كوفيد 19، من حيث خطورة الإصابة والوفيات بسبب ضعف التمويل والاستثمار الصحي؛
إن المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل، ايمانا منه بخطورة الوضع في البلاد، ليرى أن لا مخرج إلا بسن الحكومة لسياسة جديدة تقوم على ما يلي:
- المراجعة العميقة والشاملة للسياسات العمومية المتبعة للخروج من التبعية الاقتصادية، والتحرر من تحكم المؤسسات المالية في القرار الاقتصادي الوطني، والقيام بإصلاحات هيكلية، والاعتماد على العنصر البشري وعلى الإنتاج الوطني بتشجيع الصناعات الوطنية في مختلف المجالات الحيوية، بدل سياسة الاستيراد من الخارج التي أبانت عن فشلها، خاصة وأن المغرب يزخر بكفاءات ومواهب علمية وهندسية وتقنية عالية، أثبتت قدرتها في الابتكار والخلق والإبداع في الصناعة والتكنولوجيا والرقمنة والعلوم المختلفة، مع الاستثمار في البحث العلمي وتشجيع الدراسات والانتاجات الفكرية والابتكارات في شتى العلوم والمعارف والخبرات، مع الانفتاح على مختلف التجارب والانتاجات العلمية الدولية لتبادل الخبرات ونقلها بغية تطوير منظومتنا التكنولوجية والصناعية المنتجة للقيمة المضافة وللحلول المبتكرة ، لتساهم بلادنا بقوة وكفاءة وفعالية في الجهود الدولية والإنسانية لمواجهة جائحة كورونا فيروس وفي التنمية المستدامة للمغرب؛
- تحسين الوضع المعيشي لعموم للطبقة العاملة المغربية، بدءا بالعناية المتعددة الأوجه للطبقات الفقيرة والهشة والمعوزة، مرورا برد الاعتبار وتحسين أوضاع الطبقات الوسطى المتآكلة جراء التدابير والسياسات الحكومية المغرقة في النيوليبرالية المتوحشة، وصولا إلى توفير ومأسسة الرعاية الاجتماعية والصحية لفئات المتقاعدين، بنفس الحرص والاهتمام الذي ينبغي للحكومة أن توليه لخلق وتنويع فرص الشغل للعاطلين عن العمل، ومحاربة الفقر والهشاشة والعطالة المزمنة، لاسيما في صفوف خريجي الجامعات والمعاهد العليا والتقنية، مع اعتماد التعويض عن البطالة، وتعميم الحماية الاجتماعية بتوسيع شبكات الأمان الاجتماعي وجعلها أكثر إنصافا لحقيق الأمن والسلم الاجتماعيين؛
- تأهيل المقاولة الوطنية، ومراجعة النظام الضريبي والجبائي وتسقيف فوائد الأبناك، لتحسين ثقة المستثمرين المغاربة والأجانب وتحقيقا لتطلعات المستهلك وحماية حقوقه، عبر محاربة المضاربات وكل أشكال الريع والفساد وفوضى الأسعار وضعف الجودة والغش والتهريب والمنافسة غير الشريفة، مع التدخل العاجل لوقف إغراق السوق الوطنية بالبضائع التركية والآسيوية والمواد المغشوشة والمزورة؛
- تنزيل مضامين الفصل الثامن من الدستور ذات الصلة بوضع قانون النقابات العمالية والمهنية مع المراجعة الشاملة للمراسيم المتقادمة، وبالأخص تلك المؤطرة للانتخابات المهنية، والعمل على إرساء آليات قانونية وتنظيمية لتكريس الشفافية والنزاهة والممارسات الجيدة الكفيلة وحدها بالحد من التزوير والتلاعبات التي تعرفها عمليات انتخاب ممثلي الشغيلة المهنية والإعلان عن نتائجها بالجريدة الرسمية، مع فتح المشاورات مع النقابات الممثلة في البرلمان بخصوص مجمل القضايا والتحضيرات المتصلة بتنظيم الانتخابات المهنية على غرار الأحزاب السياسية؛
وعطفا على ما سلف، ولكي تكون المنظمة الديمقراطية للشغل في المواعيد والاستحقاقات المقبلة في كامل جاهزيتها واستعدادها التنظيمي والنضالي، يدعو المكتب التنفيذي مناضلات ومناضلي المنظمة إلى تسريع وتيرة تنظيم المؤتمرات الجهوية والمحلية والقطاعية، فضلا عن مؤتمر الشباب العامل والمرأة الأجيرة، وفتح المجال وتحفيز الموظفين والموظفات والعمال والعاملات إلى الالتحاق بصفوف المنظمة الديمقراطية للشغل في كل الأقاليم والجهات والمؤسسات العمومية والخاصة بتوزيع المنشورات والتعريف بالمنظمة ونضالاتها ومواقفها والاستعداد لتخليد ذكرى تأسيسها يوم 5 غشت الجاري؛
كما يعبر عن دعمه ومساندته لإخوتنا في المنظمة الديمقراطية لعمال النظافة وحماية البيئة في كل الأشكال والبرامج النضالية التي يخوضونها دفاعا عن كرامة وحقوق الشغيلة، وينوه بمختلف التدابير والجهود المبذولة في سبيل ذلك، من لدن الهيئة التنفيذية لهذه المنظمة القطاعية الهامة، المنضوية تحت لواء المنظمة الديمقراطية للشغل؛
ويطالب المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل، الحكومة المغربية، بإنصاف فئات عريضة من المواطنين الذين حرموا من الاستفادة من دعم صندوق مكافحة تداعيات جائحة كوفيد 19 المتجدد “كورونا”، رغم توفرهم على الشروط المطلوبة لهذا الغرض، وذلك راجع لما شاب تدبير عمليات تحديد الفئات المستهدفة من التباسات وعشوائية في المعالجة، خاصة في القطاع غير المهيكل. كما يؤكد في نفس الآن، ويهيب بالحكومة أن تضمن استمرارية عمليات دعم مجموعة من القطاعات التي لم تستفد من رفع الحجر الصحي بعد، من قبيل دور السينما وقاعات الأفراح ومتعهدي التظاهرات والحفلات…؛
وفي الأخير، يهيب المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل بكافة مناضلاته ومناضليه الانخراط المبدئي الواعي والمسؤول في مختل المبادرات النضالية المجتمعية الرامية إلى تحصين المكتسبات الديمقراطية وصيانة الحقوق والحريات، ودعم كل الحركات الاحتجاجية الاجتماعية التي تخوضها قطاعات المنظمة الديمقراطية للشغل وطنيا وجهويا في سبيل نصرة وصيانة حقوق ومكتسبات الشغيلة المغربية. كما يدعو المكتب التنفيذي للمنظمة الديمقراطية للشغل إلى رفع درجات التعبئة ورص الصفوف استعدادا لخوض كل أشكال النضال المشروعة لصد الهجوم الكاسح للحكومة على كل المكتسبات المادية والمعنوية للطبقة العاملة المغربية والموظفين والأجراء، والتي وصلت إلى الاعتداء على الحقوق المكتسبة لفئات عريضة من الشغيلة، بما فيها الاقتطاع من الأجور بدون سند أو قانون، وتجميد الترقي المهني ورفضها لإرساء قواعد الحوار الاجتماعي المؤسساتي القويم، الذي يضم كل الأطراف الاجتماعية المعنية، تكريسا لدولة المؤسسات القائمة على احترام القانون والتقيد بمقتضياته.
عن المكتب التنفيذي
الكاتب العام الوطني
علي لطفي