بوتفليقة ينهي مهام الجنرال رميل لتورطه في تسهيل سفر اللواء باي إلى فرنسا
محمد العربي زيتوت
حتى قبل شهر، كان الجنرال ماجور سعيد باي، أحد أقوى الجنرالات في الجزائر…
فقد كان يرأس الناحية العسكرية الثانية ومقرها المركزي وهران، عاصمة الغرب الجزائري، وتحت إمرته أكثر من سبعين ألف عسكري…
وكانت السلطات المحلية لغرب البلاد ترتعش لمجرد ذكر إسمه…
إنه الجنرال الذي خاض حربا إستئصالية بالغة القذارة على سكان وسط البلاد حينما كان يقود الناحية العسكرية الأولى في فترة التسعينات الدموية…
فتحت قيادته، التي يوجد مقرها المركزي بمدينة البليدة، جرت إختطافات وإغتيالات و مجازر بشعة…في المدية والبليدة وغليزان والشلف وضواحي العاصمة على الخصوص…
قُتل فيها عشرات الآلاف من الأشخاص أكثرهم مدنيين…
كان سعيد باي اليد الضاربة لقائد الأركان محمد العماري وأحد أبرز جنرالاته، كما كان هو الجنرال الذي يثق فيه، ثقة تامة، الفريق توفيق قائد المخابرات ل25 عاما وأحد كبار جنرالات إنقلاب 11 يناير 1992…
مع سقوط الفريق العماري في صائفة 2004، بعد أن خسر رهانه على استبدال “الرئيس” بوتفليقة بالمرشح الرئاسي علي بن فليس، أُبعد الجنرال سعيد باي عن الناحية العسكرية الأولى، بالغة الأهمية والخطورة، إلى الناحية العسكرية الثانية ليتربع على عرشها حوالي 14 عاما متحفزا أن يخلف قائد الأركان ونائب وزير الدفاع أحمد قايد صالح…
إلا أن هذا الأخير باغته قبل أسابيع، كما باغت ثلاثة آخرين من قادة النواحي العسكرية الست، ليس فقط بالإطاحة به، إنما أيضا بسحب جواز سفره الديبلوماسي هو و عدد هائل من كبار الضباط، أشهرهم الجنرال حبيب شنتوف قائد الناحية العسكرية الأولى السابق والجنرال عبد الرزاق الشريف قائد الناحية العسكرية الرابعة والجنرال مقداد رئيس جهاز الموظفين السابق في وزارة الدفاع، في حين أودع الجنرال بودواور السجن العسكري بالبلدية في إنتظار محاكمة عسكرية…
واليوم إذ يعلن رسميا الإطاحة بعدد من كبار الضباط الأمنيين في المطار الدولي للعاصمة، على خلفية هروب الجنرال سعيد باي إلى فرنسا، فإن ذلك يؤشر لمدى الإحتقان الذي يسود البلاد وتعاظم الصراع على السلطة بين كبار الجنرالات، والذي تفجر في نهاية جوان الماضي بعد أن هاجم قائد الشرطة يومها، الجنرال عبد الغني الهامل، قائد الجيش على خلفية فضيحة الكوكايين قائلا:”إن من يحارب الفساد يجب أن يكون نظيفا”…
كلمات أغضبت بشدة الفريق قايد صالح فعاجله، بعد سويعات من تصريحه ذاك، بالإطاحة به بمرسوم رئاسي قيل أن الرئيس المقعد والمريض قد أصدره!
وتبع تلك عملية خلع متسارع لجنرالات كبار آخرين، من أبرزهم الجنرال مناد نوبة قائد الدرك، والجنرال لخضر تيرش قائد الأمن العسكري وعدد آخر من الجنرالات تجاوز عددهم الأربعين جنرالا، ناهيك عن عدد من القضاة ومئات من كبار الضباط برتبة عقيد ومقدم…
كما أطيح بأكثر من 80 بالمائة من كبار قادة الشرطة والدرك…
إن ما يجري اليوم في الجزائر هو صراع متوحش على السلطة والنفوذ وعلى من يصنع الرئيس في أفريل القادم بشكل خاص.
يتم ذلك بوجود “رئيس” لم يعد يظهر إلا نادرا، في لقطات تدوم لثواني على التلفزيون وهو في حالة صحية مزرية بعد أن فقط القدرة على النطق والحركة بشكل شبه كامل مما أعجزه أن يخاطب شعبه منذ 8 ماي 2012…
حالة صحية بائسة رغم عمليات التزيين المبالغ فيها حتى عاد يبدو وكأنه صُنع من شمع…
إن هذه المعركة، التي يبدو أن قائد الجيش،الفريق أحمد قايد صالح ينتصر فيها لحد الآن، ستتواصل لتشمل جنرالات كبار آخرين بما فيهم الجنرال بشير طرطاڤ رئيس جهاز المخابرات الرهيب، والفريق بن علي بن علي قائد الحرس الجمهوري والأمن الرئاسي وهو الجنرال الذي يثق فيه السعيد بوتفليقة ثقة مطلقة ليعبر بشقيقه لعهدة خامسة!
وقد اُُعلن رسميا، اليوم 17 سبتمبر، الإطاحة بقائد القوات البرية حسن طافر وقائد القوات الجوية عبد القادر الوناس…
تجري هذه الصراعات وقد تفشت حالة من الرداءة والفساد غير المسبوقين، خاصة منذ فضيحة ال701 كلغ من الكوكايين التي تفجرت في بداية رمضان ثم تفشي الكوليرا، قبل أسابيع، والتي أحدثت فزعا لدى الجزائريين لا يقل خطورة على كارثة الكوكايين…
ولتدخل الجزائر أسابيع حاسمة فيها قد يتقر مصير الوطن برمته…