عندما يمارس صاحب الفضيلة الرذيلة
بقلم :منار رامودة
أظن (و إن بعض الظن إثم ) أنه لن يخالفني أحد في اعتقادي بأن التعليم هو من الأسباب الرئيسية والأولى لنجاح وتقدم الأمم.
ولا بأس في حال طرحنا السؤال عن ما هو التعليم؟
التعليم عموما هو عملية من خلالها يرجى تحقيق الأهداف والغايات التالية : بناء الفرد وإنارة العقول,و اكتساب المهارات والمعلومات والأهم ترسيخ القيم والمبادئ من أجل تهيئة جيل مسؤول, واع ومثقف.
لكن مهلا فالعملية التعليمية التعلمية تكون شبه ناقصة في غياب نبراس العلم ألا وهو المعلم أو الأستاذ الذي بفضله يتمكن المتلقي من استيعاب الدروس وتلقي المعلومات. ولقد تربينا جميعا على احترام من علمنا حرفا مؤمنين بأن المعلم "كاد أن يكون رسولا" وهو بدون شك كذلك.
إذ أن من يساهم في بناء و إعداد الأجيال لا بد من أن يكون جديرا بالتقدير والاحترام ولا بد أيضا أن يكون نزيها ومسؤولا, فهو الموجه والمرشد للطريق الصحيح الذي بمجهوداته يساعد على نشر النور في غياهب العقول والنفوس.
لكن ومع الأسف المقرف لدرجة الغثيان هناك بعض الأساتذة الذين يمثل لهم الكلام المذكور انفا عن المعلم أو الأستاذ مجرد تراهات وأفلاطونية لا معنى لها. ولهذا تجد الأستاذ لا يعبأ بالمسؤولية الملقاة على عاتقه بل يستغل وظيفته أسوأ استغلال من أجل التفريغ عن نفسه و الخوض في علاقات غرامية مع طالباته. وهنا أخص بالذكر بعض الأساتذة الجامعين "الأفاضل" الذين يستغلون ضعف وقلة حيلة بعض الطالبات ويقومون بتهديدهن بممارسة الجنس مقابل الحصول على نقط عالية في الامتحانات. وليس هدف المقال هو الغوص في خبايا ما يحدث خلف أسوار الجامعات فما خفي) كان أعظم و أفظع ( ولطالما سمعنا عن صف طويل عريض من بعض الأساتذة الدين لهم من الحرام نصيب. وإنما الهدف هو توجيه السؤال الأساسي لهؤلاء الأنذال. يا قوم, أيها الناس إذا فقد الشعب ثقته بالجامعات التي تعد مكانا للتربية قبل التعليم , وللتربية قبل التكوين فما الحل حينها؟ هل الحل أن تمتنع الفتيات والنساء عن الدراسة تجنبا للتعرض للتحرش من طرف من وجب عليه أن يكون مثلهن الأعلى؟
أم الحل الأمثل أن نعود للوراء ونجعل دور الفتاة الطالبة للعلم مقتصرا على الأعمال المنزلية وسرح المعز ؟
وأي كان اختياركم فإليكم هذا الاقتراح بما أنكم مرضى وحيارى بما تحملون بين... ولأن تفكيركم الكريم لا يتجاوز رقعة الثوب التي تستر عوراتكم فلما لا تخففوا عن أنفسكم خارج أسوار الجامعات مع فتيات الهوى ولتتركوا للجامعات قدسيتها التي دنست بأفعالكم, وكفى عهرا وذلا واستغلالا وابتزازا لمن لا قدرة لهن على الصراخ.
يكفينا غرام الوزارات ويكفينا الانحلال الأخلاقي الذي يتسرب للنشىء واتركوا للجامعات عذريتها فلا خزي أكبر من أن تصبح الجامعة تصدر للفساد والدعارة والتحايل واللامسؤولية .
ومن بعض الممارسات الأخرى التي يندى لها الجبين وكمثال عن نوع اخر من "البشر" الذين يدعون الفضيلة ويمارسون الرذيلة نجد "سي السيد" الذي يحلل ما أراد ويحرم ما يشاء وليس هدا فقط بل إنه يجعل من بيته وزوجته وأولاده خدما له واجبهم تقديم الولاء والطاعة للأب المحترم صاحب اللحية الطويلة والجبين الأسمر من أثر السجود أوامره قواعد لا نقاش فيها وكلامه لا كلام يعلى عليه. بالنسبة له مشاهدة التلفاز حرام وفتح النوافذ عيب أما الموسيقى فهي ذنب لا يغتفر. يأمر ولا يفقه شيئا اخر في حياته سوى فعل الأمر وصيغة الأمر التي يرمي بها شمالا ويمينا , ناهيك عن كلامه الخالي من الابتسامة أو المزاح حين يخاطب أبنائه ويحثهم على الصلاة وفعل الخير والابتعاد عن المنكر وعن طريق الهوى. وما أن يغادر منزله ويغادر الشارع حيث يعرف بالورع والتقوى حتى تجد سيد الهوى هوى في هاوية لا قرار لها, فالفقيه المحترم له من العشيقات أشكال وألوان وهو في الرقص يفوق براعة الراقصات الشرقيات وفي الغناء تجده محترفا وخبيرا و صاحب أذن موسيقية .
سي السيد هدا ينطبق عليه القول المغربي المعروف " الفقيه اللي تنتسناو بركتو دخل الجامع ببلغتو". ومن منا كان ليعتقد أن الذي يدعي ويدعو للفضيلة سيكون ممن يمارسون الرذيلة.
خلاصة القول لاشك في أن بني ادم خطاء وقد لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى لكن هذا لا يعني بأن يسمح صاحب الرذيلة لنفسه بأن يقترف ذنبا في حق نفسه وذنبا في حق الاخر ولا يعقل أن يخلف وراءه أعدادا هائلة من ضحايا القمع والخوف المتأثرين والمتأثرات بثقافة"عيب وحشومة" حتى حين يريدون الدفاع عن أنفسهم رافضين الصوت العالي خوفا من الفضيحة.
بينما في واقع الأمر الفضيحة أن تتعرض أم في الجامعة للتحرش وبسبب صمتها تتعرض ابنتها مستقبلا لنفس الموقف ويستمر الوضع من جيل لآخر. الفضيحة هي حين تربي أبنائك على شيء لم تقدر أنت نفسك تبنيه واحترامه والعمل به طوال حياتك ظالما بأفعالك زوجة رأت وجه الحق بك وأطفالا اعتبروك القدوة والمثل الأعلى وللأمانة لاشيء أصعب ولا أقسى من اللحظة التي تسقط فيها القدوة وتتعرى أمام الجميع.