ما اسباب تخلفنا نحن المغاربة خاصة والعرب عامة ؟.
محمد همــشــــة
كثيرا ما تنتابني هذه الفكرة :ما الحاجز في عدم تقدمنا ؟ ونحن نسعى كل يوم من اجل الالتحاق بالدول المتحضرة والمتقدمة. ان الغريب في الامر ان هذه الفكرة ترعرعت معي ؛ منذ حماسة مراهقتي والى اليوم وانا قد تقاعدت عن الوظيفة العمومية التي مارست فيها مهنة شريفة كمربي عكف كل جهوده سنوات طوال منا جل التقدم والازدهار لوطني .خلق جيل يحمل مشعل التقدم والنماء والحرية والوصول الى شاطئ الامان .فعند سماعي اي جديد من الاخبار الوطنية والدولية في مجال التقدم العلمي وحريات الشعوب والتمتع بالمواطنة الحقة ،وانا اتساءل مرارا وتكرارا :لماذ لا نتقدم ؟ونصبح في مقدمة الركب الحضاري ؟ ولماذا كلما ظهر اختراع او اكتشاف جديد ،نطمئن انفسنا ببعض الجمل المهدئة البسيطة ،ان ذلك الاكتشاف موجود في القران ،وكاننا كنا في تجاهله وعدم الاهتمام به
• منذ شعوري بالاهتمام بوطني والى اليوم وها قد تجاوزت الستين من عمري وانا انتظر يوما ارى فيه وطني المغرب وقد تحرر فيه المواطن المغربي من قيود الذل واظافر البيوقراطية المتعفنة والقمع واستغلال النفوذ والسلط وشتى الامراض والعقد النفسية والموروث السلبي التاريخي الاجتماعي ؛ الذي تراكم منذ الاستقلال الشكلي بعد خروج الاستعمار من الباب والعائد من النافذة .تعالوا لنتكلم شيئا ما عن ما يحدث يوميا في شوارعنا العريضة والمليئة بمقاهي ذات الدخان الكثيف والضجيج والحوار المستمر الذي ينتهي غالبا بدون نتيجة ولا حل يشفي غليل الانسان المقهور الضعيف .كتب كتاب عرب ومغاربة ومشارقة الشيء الكثير عن السبل التي تنقصنا لكي نتقدم ونتحضر . لكن بدون جدوى .حتى اصبح كل المواطنين فلاسفة ومحللون سياسيون واجتماعيون واطباء نفسانيون ....يكفي ابمجرد تجلس بقرب مغربي باي مقهى وتطرح عليه بشكل عادي : لماذا نحن متخلفون ولا نتقدم .؟ فبدون تمعن في صلب الفكرة وابعادها ،تسمع مباشرة من هذا الجليس الاجوبة ذات الطابع الانتقامي من بعض المسييرين للبلاد ، والتمجيد بالغرب وحضارته الى درجة انه لو ازالت شعوب هذا الغرب التاشيرات وبعض الشروط للحد من الهجرة ،لفر كل المواطنين العرب الى اوروبا .من اجل العيش هناك .والغريب في الامر .انك تصادف وبكل سهولة زبناء بالمقاهي وبعض المؤسسات العمومية والبنكية ... يلعنون اخوانهم المغاربة وكانهم ليسوا منهم بتاتا .ويشرع الجليس الزبون المغربي قائلا (نحن المغاربة كالكامون اذا لم تطحنه جيدا لم يعطيك رائحته العطرة ).وقد تزيد العداوة الى العرقية كان يقول لك مثلا : ( لا ثقة في كحل الراس ) بمعنى ان الاوربي صاحب الشعر الاشقر لا يخونك ولا يمكنه ان يؤديك .فمنذ شبابي وانا حين اجلس بالمقهى خاصة اجد نفسي ملزما في المشاركة في احاديث ساخنة وغيرمحددة ،وغالبا ما اغادر هذا المقهى او ذاك بدون نتيجة تشفي غليلي ، للحد من التخلف الذي اصبح سمة او طابعا يلازمنا يوميا ؛ وكاننا نحن عربا كنا او امازيغ مكتوب على جباهنا (لا للتقدم نعم للتخلف )لكن النتيجة التي توصلت اليها بعد هذا العمر الضائع هي كالتالي
ان اغلب المغاربة يعتبرون اسباب تخلفهم وعدم وجودهم في مقدمة الركب الحضاري كما هو الشان في باقي الدول العربيةوالافريقية راجع بالاساس الى ثلاثة نقط وهي :
1النقط الاولى التسيير والتدبير :كثير من المغاربة يعتبرون ان المسؤولين بالمغرب الذين يسيرون الشان الوطني والجهوي والمحلي اناس ليسوا في المستوى للتسيير والتدبير ، كثير منهم يسعى فقط من اجل مصالحه الخاصة والشخصية ، والدليل في نظرهم لهذا السبب ،تلك الاموال الطائلة التي تسمع يوميا ؛ تصرف او تقرض من البنك الدولي مثلا او ابناك اخرى ؛ من اجل تنفيذ برامج وطنية او جهوية او محلية ، لا علاقة لها بمتطلبات المواطن المغربي الفقير الكادح .
النقطة الثانية الواقع المغربي خاصة والعربي عامة في واد والتخطيط في واد اخر . لان جميع البرامج تاتي من اعلى طبقات المجتمع وتصوراتها التي لاتعرف حقا مكامن الضعف والتخلف .فتغدو تلك المشاريع مبنية على تمثلات وتصورات اصحاب المكاتب الفاخرة والكراسي الناعمة المتحركة.لا تلبي نهائيا ، المتطلبات والاولويات وكل ما هو في حاجة ماسة للمواطن المغربي العادي الفقير والامي ...
3النقطة الثالثة : هناك من يحلم اننا سنصبح السلف الصالح ويشعر بلذة ما لها من لذة ، حين يشرع في الحديث عن اسلافنا الكرام .وينسى الظرف الزمني الذي يفصلنا كما وكيفا عن زمن ابي بكر الصديق و عمر بن الخطاب و عثمان بن عفان ...ويعتبر المسالة بسيطة ،يكفي ان نجاهد في الناس باللجوء الى سرد السنة النبوية المحمدية وتلقين الناس كثير من الاحاديث النبوية الشريفة ، او التمظهر باللحية الكثيفة واللباس الاسلامي كسنة نبوية ، اما الفعل النبوي واخلاقه الحميدة والفاضلة ؛ فشتان بينه وبينها جملة وتفصيلا . والى الان لازال مجتمعنا مريض يئن صباح مساء ، منتظرا طبيبا يضع يده على مصدر الداء ومكمنه .
ولازلت هنا اتذكر قول الشاعر التونسي :ابو القاسم الشابي حين الم به مرض القلب الذي اصابه من جراء حبه وتفكيره في قصايا وطنه تونس ؛ ابان الاستعمار الفرنسي الغاشم .وقد همت امه ان تحمله الى طبيب يعالجه ، حين قال لها (يا اماه ، ابحثي عن طبيب للشعب ؛ اما انا فلست سوى واحدا من هذا الشعب الضعيف )