روح الانتماء للحياة المدرسية ....
بقلم - محمد سرتي
لم تعد تلك الروح التي كانت تسكن الفضاءات التربوية، وتغمر الحياة المدرسية، بفيض من العطاء والبذل، كما كانت في العقود الماضية، حيث الشعور بالانتماء، والتقدير، والاحترام المتبادل، هي السمات الأساسية التي تؤثث المشهد التربوي، وتعمل على بلورة طموح جماعي يقوي المردودية الداخلية للمؤسسة، ولم يكن الانتماء لمكان العمل يومئذ محل نقاش، أو مزايدة، أو تردد، فقد كانت تلك الروح السحرية التي تسكن الجميع، بمثابة الدينامو الذي يخلق المعجزات، ويذلل العقبات، ويجعل من المدرسة البيت الثاني الذي ينعم فيه الموظف بالاستقرار والأمن الوظيفي.
كان المدرس عندما يلج باب المدرسة، ينتقل من حال إلى حال، وينتابه شعور رهيب بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه، والتي يتقاسمها مع زملائه في الإدارة التربوية في إطار من التعظيم لقيمة الانتماء للحياة المدرسية، شعور ممزوج بحب وعشق للمهنة، يشحذ العقول، ويفتح آفاقا رحبة للعمل التربوي، هذا الحب يتجلى في محيى الجميع من الذين يبادلونه الابتسامة، والتحية، فيرد بأحسن منها، وهو مقبل على متعلمين يكنون له كامل التقدير والاحترام. بالطبع كانت هذه القيم المواطنة نتيجة لمقدمات، وقواعد ذهبية، سار على هديها الرعيل الأول، وكان من مفرداتها الرئيسية، تشجيع روح الابتكار، والمبادرة، وفسح المجال لسلط الخبرة والمعرفة، والحكمة في تذويب الخلافات، وتعزيز مخزون العلاقات الاجتماعية، وكان أبطالها مدراء ساهموا في بعث الروح في مرافق الحياة المدرسية من خلال ثقتهم بالمستخدمين، وتبنيهم لمقاربات تشاركية قائمة على آليات المجالس المنتخبة، تدفع في اتجاه تبني خيارات المؤسسة، وتحقيق أهدافها، والحفاظ عل سمعتها، ومكانتها، والاعتزاز بالانتماء إليها، وتحرص على تصيد الفرص لتقوية الانسجام والتآلف بين موظفيها، ناهيك عن تعزيز العلاقات الإنسانية الجانبية، التي لا تدخل في باب الرسميات والعلاقات الإدارية، مما يشكل حوافز إضافية لمزيد من العطاء ونكران الذات. إن التركيز على الأخطاء، والإفراط في الهيمنة على المشهد التربوي، وعدم الإنصات، وغياب مشروع للمؤسسة يلتف حوله الجميع، وطغيان الفردانية، وضمور التدبير التشاركي والاستشاري، وضعف الانسجام، يصيب في مقتل روح الانتماء للحياة المدرسية، ويضرب في العمق كافة الرهانات التي تبنتها الوزارة الوصية لتحديث قطاع التربية والتعليم.
اليوم للأسف، باتت الصورة مضببة في أغلب مدارسنا، إذ لم يعد ذلك الحماس الذي يذكي روح التضحية لدى العاملين بالمؤسسة، ولم تعد تلك الابتسامة التي تضفي على الحياة المدرسية بهجة السرور تمثلا لمقولة الإيناس قبل الإبساس، بل لم تعد تلك التحية التي يشعر معها العامل بمزيد من الفخر والاهتمام وتقدير الذات، مما يطرح أكثر من تساؤل حول مسؤولية المدبر التربوي وأدواره الطلائعية في تنمية روح الانتماء للحياة المدرسية، وجدوى مصوغات التكوين التي تؤسس لثقافة الانسجام، والحوار، وتعزيز الثقة المتبادلة، في إطار من المسؤولية المشتركة في تدبير الشأن التربوي. حتى المجالس التربوية والتعليمية التي كانت تتمتع بالأمس بمسحة اجتماعية، إلى جانب بعدها البيداغوجي، تتجلى أساسا في تعاون المدرسين، وسعي الإدارة إلى خلق الأجواء المهنية الميسرة للعمل والمشجعة عليه، وغزارة الأفكار التي تصل في بعض الأحيان الفترة الصباحية بالمسائية بدون كلل أو ملل، أصبحت اليوم فارغة من محتواها الإنساني والتربوي رهينة لمنطق (طلقونا راه عندنا ما يدار) في سياق هذا الوضع المتأزم، لا يمكن إلا أن نثمن الجهود الرامية إلى جعل الفضاء التربوي، مجالا للتفاعل، وتنظيم العلاقات الاجتماعية، والمهنية، مما يساهم في التطوير الداخلي للمؤسسة، ويشيع جوا ديمقراطيا محليا، يلتزم فيه الجميع، بميثاق العمل الإداري والتربوي، في إطار من الاحترام المتبادل، والتواصل الفعال. فتحية إجلال وإكبار لجميع الأطقم الإدارية، والتربوية، التي تعمل في صمت، لأجل بناء مدرسة النجاح الحقيقية، والبحث الجماعي عن الحلول الناجعة في التعاطي مع المشكلات التربوية، وتشجيع المبادرة، والابتكار، في ظل ميثاق جماعي ينبثق منه فعل تشاركي ينعكس إيجابا على مختلف المناشط، ويحيي في النفوس خاصية الانتماء للحياة المدرسية.بقلم محمد سرتي
لم تعد تلك الروح التي كانت تسكن الفضاءات التربوية، وتغمر الحياة المدرسية، بفيض من العطاء والبذل، كما كانت في العقود الماضية، حيث الشعور بالانتماء، والتقدير، والاحترام المتبادل، هي السمات الأساسية التي تؤثث المشهد التربوي، وتعمل على بلورة طموح جماعي يقوي المردودية الداخلية للمؤسسة، ولم يكن الانتماء لمكان العمل يومئذ محل نقاش، أو مزايدة، أو تردد، فقد كانت تلك الروح السحرية التي تسكن الجميع، بمثابة الدينامو الذي يخلق المعجزات، ويذلل العقبات، ويجعل من المدرسة البيت الثاني الذي ينعم فيه الموظف بالاستقرار والأمن الوظيفي. كان المدرس عندما يلج باب المدرسة، ينتقل من حال إلى حال، وينتابه شعور رهيب بالمسؤولية الكبيرة الملقاة على عاتقه، والتي يتقاسمها مع زملائه في الإدارة التربوية في إطار من التعظيم لقيمة الانتماء للحياة المدرسية، شعور ممزوج بحب وعشق للمهنة، يشحذ العقول، ويفتح آفاقا رحبة للعمل التربوي، هذا الحب يتجلى في محيى الجميع من الذين يبادلونه الابتسامة، والتحية، فيرد بأحسن منها، وهو مقبل على متعلمين يكنون له كامل التقدير والاحترام.
بالطبع كانت هذه القيم المواطنة نتيجة لمقدمات، وقواعد ذهبية، سار على هديها الرعيل الأول، وكان من مفرداتها الرئيسية، تشجيع روح الابتكار، والمبادرة، وفسح المجال لسلط الخبرة والمعرفة، والحكمة في تذويب الخلافات، وتعزيز مخزون العلاقات الاجتماعية، وكان أبطالها مدراء ساهموا في بعث الروح في مرافق الحياة المدرسية من خلال ثقتهم بالمستخدمين، وتبنيهم لمقاربات تشاركية قائمة على آليات المجالس المنتخبة، تدفع في اتجاه تبني خيارات المؤسسة، وتحقيق أهدافها، والحفاظ عل سمعتها، ومكانتها، والاعتزاز بالانتماء إليها، وتحرص على تصيد الفرص لتقوية الانسجام والتآلف بين موظفيها، ناهيك عن تعزيز العلاقات الإنسانية الجانبية، التي لا تدخل في باب الرسميات والعلاقات الإدارية، مما يشكل حوافز إضافية لمزيد من العطاء ونكران الذات.
إن التركيز على الأخطاء، والإفراط في الهيمنة على المشهد التربوي، وعدم الإنصات، وغياب مشروع للمؤسسة يلتف حوله الجميع، وطغيان الفردانية، وضمور التدبير التشاركي والاستشاري، وضعف الانسجام، يصيب في مقتل روح الانتماء للحياة المدرسية، ويضرب في العمق كافة الرهانات التي تبنتها الوزارة الوصية لتحديث قطاع التربية والتعليم. اليوم للأسف، باتت الصورة مضببة في أغلب مدارسنا، إذ لم يعد ذلك الحماس الذي يذكي روح التضحية لدى العاملين بالمؤسسة، ولم تعد تلك الابتسامة التي تضفي على الحياة المدرسية بهجة السرور تمثلا لمقولة الإيناس قبل الإبساس، بل لم تعد تلك التحية التي يشعر معها العامل بمزيد من الفخر والاهتمام وتقدير الذات، مما يطرح أكثر من تساؤل حول مسؤولية المدبر التربوي وأدواره الطلائعية في تنمية روح الانتماء للحياة المدرسية، وجدوى مصوغات التكوين التي تؤسس لثقافة الانسجام، والحوار، وتعزيز الثقة المتبادلة، في إطار من المسؤولية المشتركة في تدبير الشأن التربوي. حتى المجالس التربوية والتعليمية التي كانت تتمتع بالأمس بمسحة اجتماعية، إلى جانب بعدها البيداغوجي، تتجلى أساسا في تعاون المدرسين، وسعي الإدارة إلى خلق الأجواء المهنية الميسرة للعمل والمشجعة عليه، وغزارة الأفكار التي تصل في بعض الأحيان الفترة الصباحية بالمسائية بدون كلل أو ملل، أصبحت اليوم فارغة من محتواها الإنساني والتربوي رهينة لمنطق (طلقونا راه عندنا ما يدار) في سياق هذا الوضع المتأزم، لا يمكن إلا أن نثمن الجهود الرامية إلى جعل الفضاء التربوي، مجالا للتفاعل، وتنظيم العلاقات الاجتماعية، والمهنية، مما يساهم في التطوير الداخلي للمؤسسة، ويشيع جوا ديمقراطيا محليا، يلتزم فيه الجميع، بميثاق العمل الإداري والتربوي، في إطار من الاحترام المتبادل، والتواصل الفعال.
فتحية إجلال وإكبار لجميع الأطقم الإدارية، والتربوية، التي تعمل في صمت، لأجل بناء مدرسة النجاح الحقيقية، والبحث الجماعي عن الحلول الناجعة في التعاطي مع المشكلات التربوية، وتشجيع المبادرة، والابتكار، في ظل ميثاق جماعي ينبثق منه فعل تشاركي ينعكس إيجابا على مختلف المناشط، ويحيي في النفوس خاصية الانتماء للحياة المدرسية.