ازيلال : ارتفاع نسبة حوادث الغرق في القناة المائية المحادية لافورار .. والسكان يطالبون بحلول
عبد العزيز المولوع :
يكاد لا يمر اسبوع دون أن يتناهى إلى مسامعنا حادث غرق لأطفال وشبان صغار في مياه الاودية أو في روافد القناة المائية gm المحادية لافورار وبني عياط الأكثر ابتلاعا لمغامرين، لا يجيدون فن السباحة باقليم ازيلال .
دفعت موجات الحر المتتالية إلى تضاعف أعداد الباحثين عن أماكن ترفيهية لقضاء وقتهم وإطفاء حرارة الشمس الملتهبة .
وعلى الرغم من استمرار مسلسل الغرق الذي يلوح في الأفق و حلول فصل الصيف اختار العشرات من الأطفال البحث عن قنوات مائية للترفيه وإطفاء حرارة أجسادهم.
ورغم إدراك معظم الضحايا وجلهم من افورار بني عياط والمناطق المجاورة للقناة المائية gm بمدى خطورة هذه القناة ، إلا أنها تبقى ملاذا للترفيه في ظل عدم وجود بديل مناسب، خاصة خلال أشهر الصيف، والتي تدفعهم للبحث عن أماكن تجمع المياه للسباحة وقضاء الأوقات الممتعة، متجاهلين التحذيرات المتكررة من خطورة السباحة فيها، إضافة إلى إدراكهم بعدد حالات الغرق المتكررة.
وتشير بيانات عدد الوفيات خلال العشر سنوات الماضية تجاوز المئة شخص حطمت فيها سنة 2016 الرقم القياسي من حيث عدد الحالات المسجلة.
ويشير عدد من رؤساء الجمعيات والأندية إلى أن الأطفال من سن 12 ــ15 هم الأكثر عرضة لهذا المسلسل التراجيدي، لكونهم لا يجدون مكانا لقضاء أوقات فراغهم سوى السباحة في القناة المائية، مؤكدين خلو المنطقة من أماكن ترفيهية بديلة ، وأضافوا بأن الظروف المناخية للمنطقة تساهم في لجوء وهروب الشباب إلى هذه القناة المائية المجاورة لمساكنهم للتخفيف من حرارة ولهيب شمس الصيف.
"لو يعرف الانسان ما يعانيه الغريق لحظة صراعه مع المياه، لما فكر أن يسبح وهو لا يجيد السباحة "، تلك كانت الحكمة التي خلص اليها " عبد السلام " أحد الناجين من حادثة غرق في القناة ، مستذكرا ما حدث معه، وهو لا يعرف متى تنقطع أنفاسه عن الحياة.
يقول عبد السلام ، إن تشجيع أصحابه له لتعلم السباحة دفعه للغطس داخل الوادي دون دراية بمبادئ السباحة ما عرضه لحالة اختناق واستغاثة لإخراجه، ولكنه يحمد الله لوجود أشخاص عملوا على إنقاذه.
وتتشابه حالة عبد السلام مع الحسين وهو يخوض تجربة السباحة دون إدراك مخاطرها وعواقبها، "فقد صارعت الموت وشعرت بأنني لن أعود للحياة مرة أخرى فأصبحت أرى الأشياء من حولي سوداء"، وفق ما يقول .
لكنه يعتبر أن الفضول دفعه لتعلم السباحة مثل بقية أقرانه في القناة المائية المحادية لافورار، فالعديد من أبناء المنطقة يقومون بتعلم السباحة داخل القناة، ويساعد بعضهم بعضا، خاصة في فترة الصيف هربا من ارتفاع درجات الحرارة، مبينا أن عدم وجود الحواجز والارشادات التحذيرية تدفع الكثيرين إلى السباحة متجاهلين مخاطرها، خصوصا ان القناة اصبحت جنباتها مثل زلال البيض ينزلق فيه من يريد الصعود من القناة بحكم تلوث المياه لسنوات عديدة حتى اضحت بعض الاماكن ادغالا بالوادي بعد سنوات من الاهمال في غياب الصيانة اللازمة من الجهات المسؤولة ، مما يشكل تحديا كبيرا وصعوبة في السباحة داخل القناة
"أم ثكلى وأب يتقطر قلبه ألما وأخوة يصرخون ويبكون"، تلك كانت مشاهد لحالة رحيل الطفل اسامة شتاش، الذي قضى غرقا في القناة مع بداية موسم السباحة بالقناة وثم انتشال جثته قبالة حي تكانت بافورار.
الحسين شاجيع احد ابناء مركز بني عياط والذي سبق ان تالمت اسرته من فقدان احد ابنائها يقول "إن عدم وجود حواجز على أطراف القناة يعرض الأطفال وغيرهم للغرق اضافة الى غياب علامات منع السباحة وتماطل الجهات المسؤولة في فتح مركز للوقاية المدنية قريب للتدخل في كل الحالات الطارئة .
ويطالب الحسين بضرورة أخذ التدابير والاحترازات اللازمة للحد من هذه الظاهرة التي باتت تؤرق الساكنة.
ويؤكد جنان لحبيب، أحد أبناء بني عياط ، أن قناة gm تشكل خطرا على ساكنة المنطقة وباقي المناطق المجاورة والزائرين، كونها محاذية للطريق العام، مذكرا ايضا بعدم وجود حواجز على أطرافها، فيما العديد يجلسون بجانبها بقصد التنزه وأطفالهم يلعبون من حولهم.
ويطالب جنان المسؤولين بإعادة الكشف على هذه القناة القريبة من المناطق السكنية وعمل ما يلزمها من احتياطات السلامة ومن ضمنها انشاء سياج حولها يحول دون مغامرة الصبية والشباب على السباحة فيها.
محمد اوحمي اعلامي من افورار يبين أن عدد حالات الغرق هذه السنة ارتفع بشكل صاروخي بلغ حالة، مشيرا الى أن القناة احتلت نصيب الأسد بحوالي بالمئة من حوادث الغرق في الجهة.
ويشير الى أن كل المناطق المحادية للقناة افورار – بني عياط – اولاد عياد – ارفالة ، تكررت فيها حوادث غرق.
ويؤكد أن القناة تفتقر لوسائل الحماية ولاشارات منع السباحة كما ان افتقار الجماعات السالفة الذكر لمسابيح عمومية وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة فالقناة المائية تبقى الملاذ الوحيد لابناء المنطقة . مطالبا بضرورة التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والجماعات ومسؤولي القطاع الفلاحي و الحوض المائي لام الربيع لعقد ندوات وورش عمل لتوعية المواطنين وتحذيريهم من مخاطر الاقتراب من القنوات المائية والسباحة داخلها كونها مناطق غير آمنة والبحث عن حلول امنة بانشاء المسابيح .
مسؤول بالوقاية المدنية فضل عدم الكشف عن اسمه ، يؤكد أن قناة gm تعتبر من أكثر المواقع المائية التي تقع فيها حوادث غرق بسبب الممارسات والسلوكيات الخاطئة والمتمثلة بعدم احترام منع السباحة بكل القنوات المائية والسدود والاحواض المائية التي يقصدها ابناء المنطقة والزوار بهدف السباحة للهروب من حرارة الجو.
ويشير إلى تعامل افراد الوقاية المدنية مع كل الحالات والتدخل فور التوصل بالاشعار باستعمال الوسائل اللوجستيكية المتوفرة ، مشيرا الى ان الخطورة في هذه الحوادث تكمن في نتائجها المؤلمة التي تكون في العادة فورية عندما تتعرض حياة الشخص للخطر والموت خلال دقائق معدودة نتيجة برودة المياه التي تؤثر بشكل كبير على حرارة الجسم .
ويبين أن الوقاية المدنية اتخذت سلسلة من الاجراءات للنهوض بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين بدءا من انتهاء اشغال بناء مقر الوقاية المدنية بافورار والذي سيتم افتتاحه في اقرب الاجال اضافة الى توفير مجموعة من الغطاسين المحترفين المزودين بأحدث الاجهزة والمعدات والاليات اللازمة.
ويشير إلى اسباب حوادث الغرق، التي تتمثل باستهانة البعض بمفهوم السلامة الشخصية وعدم التقيد بالتعليمات والارشادات الوقائية الخاصة بالسباحة وبالذات في السدود وقنوات المياه، وعدم أخذ الاحتياطات الوقائية، أثناء الرحلات الى المناطق المائية خاصة بما يتعلق بمراقبة الاطفال ومنعهم من الاقتراب من المياه العميقة، والاندفاع العاطفي في انقاذ شخص غريق دون أن يكون المنقذ متقنا للسباحة، وترك البرك الزراعية مكشوفة دون سياج، فضلا عن الابار المكشوفة وخزانات المياه التي تترك دون أغطية.
الغرق ثالث أسباب الوفيات غير المتعمدة في العالم وبحسب منظمة الصحة العالمية، فإن الغرق يمثل ثالث أهمّ أسباب الوفيات الناجمة عن الإصابات غير المتعمّدة في جميع أنحاء العالم، حيث تشير التقديرات إلى وقوع نحو 400 ألف حالة وفاة خلال عام، جرّاء الغرق في العالم،غالبيتهم من الأطفال، إذ يقف الغرق وراء حدوث 7 بالمئة من مجموع تلك الوفيات.
وتشير المنظمة الى بعض الإجراءات الوقائية من الغرق، مثل تسييج المسابح والتحكم بالوصول إلى المياه ، ومراقبة الأطفال، وتدريب الأطفال على فنون وأصول السباحة في المدارس او النوادي المتخصصة وتعزيز وسائل السلامة ومهارات الإنقاذ، ورسم السياسات وسن التشريعات الفعالة للوقاية من الغرق.
ويوجه التقرير العالمي عن الغرق الصادر عن المنظمة العام الماضي بعنوان "الوقاية سبب رئيسي من أسباب الوفاة"، الحكومات إلى ضرورة وضع وتنفيذ ما يناسبها من برامج فعالة بشأن الوقاية من الغرق وتحسين البيانات المتعلقة بالغرق ووضع خطط وطنية بشأن السلامة في المياه.