هل تكفي ساعة واحدة،لمناقشة وعرض كتاب ؟سؤال طرحته على نفسي ،وأنا أشاهد تسجيلا على شبكة المعلومات الدولية ، يحمل عنوان: ساعة من أجل كتاب -نبيل دريوش.
محمد البوشيخي الدمناتي
وقد توقعت أن يكون العرض مملا. كباقي حفلات تقديم الكتب، التي أتيحت لي فرصة حضورها. لكنني مع بداية مشاهدتي للتسجيل ،وتركيزي على المداخلات، لم أنتبه إلا والساعة قد انقضت بسرعة.ومازال في نفسي شيء من الجوار الحذر.وتمنيت لو تضاعفت الساعة لتصبح ساعتين لأجل كتاب. كي أستفيد أكثر. ساعة واحدة لعرض وتقديم كتاب ، يعرض لقضية شائكة، تبدأ لكي لا تنتهي .بالنظر إلى إشكالاتها التاريخية والثقافية والاقتصادية. ورغم الحصة الزمنية القصيرة، فقد نجح المشرفون على تنظيم تلك الحفلة، في تقديم عرض مميز ،يستحقون عليه التنويه . استهل الصحافي محمد الصيباري العرض ،بتقديم مركزقدم فيه نبذة عن المؤلف نبيل دريوش. ككاتب وصحافي راكم تجربة في الكتابة عن العلاقات المغربية الإسبانية في وسائل إعلام مغربية ودولية .وأبرز بإيجاز الخطوط العريضة لكتاب: الجوار الحذر. كمؤلف يحوي بين دفتيه معطيات جديدة، وشهادات قيمة ،قدمها مجموعة من السياسيين والدبلوماسيين المغاربة. حول العلاقات المغربية الإسبانية، طيلة خمسة عشرة سنة الماضية 1999- 2015. ليعطي الكلمة للمؤلف نبيل دريوش ،الذي شرح بلغة سلسة ،ظروف وحيثيات إصداره لهذا الكتاب. الذي يتناول عمق العلاقات المغربية الإسبانية. ومن بين رؤوس الأقلام التي أثارت انتباهي في مداخلة الكاتب : عقلية المنتصر والمنهزم التي تحكم العقلية الإسبانية. والتي تعتبر المغرب خصم منهزم. كما روجت له الصحافة الإسبانية بعد أزمة جزيرة ليلي .و لايمكن فهم تاريخ إسبانيا دون أن نفهم تاريخ المغرب .وخبرا سيئا عن المغرب في الصحافة الإسبانية يعتبر خبرا ناجحا تجاريا والعكس صحيح . وقد خيم جو من السكون والصرامة ،اللذان يفرضهما النقاش العلمي ،حول موضوع إسبانيا والمغرب، على المقدمة والشرح التفصيلي. الذي قدمه الكاتب والباحث نبيل دريوش. لكن بعد أن أعطيت الكلمة للدكتور عبد العالي بروكي الأستاذ الباحث في معهد الدراسات الإسبانية المغربية . تم تكسير ذلك السكون بمداخلة تخللتها الإبتسامة والتلقائية. و قدم في مداخلته قراءة مشوقة للكتاب. تناول فيها التعقيدات التي تحكم العلاقات المغربية الإسبانية. رغم أن هذه العلاقات متجذرة في التاريخ والجغرافيا. ظاهريا تبدو متينة. لكنها في العمق هشة ،يمكن لأي طارئ أن ينسفها. وبحسب الباحث عبد العالي بروكي فإن خمسة عشرة عاما التي تناولها الكاتب في كتابه، تعد فترة قصيرة في العلاقات الدولية. وأن العلاقات المغربية الإسبانية في شموليتها قد لاتكفيها كتابة مجلدات. ليخلص إلى أن كتاب الجوار الحذر ، يتناول القضايا البنيوية بين البلدين. في الهجرة، والأمن الحدودي ،والصيد البحري، والثغرين المحتلين سبتة ومليلية .وتناول المؤلف الكلمة من جديد، ليتحدث عن الجرح الموريسكي الذي مازال ينزف، بسبب قرار طرد المورو، الذي اتخده الملك فيليبي السادس .و بأن الدولة الإسبانية بنيت على طرد المورو وتشويه صورته. وبقيت هذه الصورة السيئة راسخة في عقلية الإسبان إلى درجة أن الأم الإسبانية إذا أرادت تخويف ولدها تهدده بالمورو(( المتوحش)). وقد شرعنت الثقافة الشعبية الإسبانية ،هذه الصورة النمطية عن المغربي(( المتوحش)) . ولا أخفيكم أنني لم أخرج سالما من مشاهدة هذا العرض الجميل. وقد أحسست وكأن ألغاما انفجرت في دماغي. وحتى قبل قراءة هذا الكتاب، الذي بحثت عنه في بعض مكتبات مدينة مراكش ولم أجده. وأول مابدأت به هو مقاطعة مشاهدة الليغا الإسبانية . وقد مزقت شعار فريقي المفضل اف سي برشلونة. ورميته في برميل القمامة . فما الفائدة من حرق الأعصاب لأجل تمجيد قوم يحتقرون المغاربة. وصرت أتوجس شرا من المواد الإستهلاكية المهربة من إسبانيا. وقمت بتطليق شكولاطة ماروخا الطلاق الثلاث . وحتى رقصة الفلامنكو التي تستهويني بإيقاعاتها الكرنفالية . لن أشاهدها بعد اليوم. فربما في طقطقات كعوب راقصاتها لعنات مشفرة للمغرب والمغاربة. لكن في المقابل قمت بنفض الغبار ،عن كتاب لويس دابين: كيطال كارمن .لأخطو خطوة في رحلة الألف ميل لتعلم لغة الصبليون كي أتقي شرهم المستطير .وخلاصة القول أن المغرب وإسبانيا في الباطن عدويين وفي الظاهر جارين متعايشين . وإذا أتيحت لهم الفرصة فسيشنون علينا حربا دموية .وهنا استحضر قصة الجنرال الأعور: ميلان أستراي .الذي لا يعرف سوي لغة الحرب . والفيلسوف ميغيل دي أونامونو الذي يؤمن بالقيم الإنسانية للإنسان. وكيف واجه الفيلسوف الفاشية ممثلة في هذا الجنرال بدون خوف.عقلية الفيلسوف الشجاع ميغيل دي أونامونو، مازالت موجودة في بعض النخب الثقافية الإسبانية .والتي يمكن للباحثين في مجال هذه العلاقات الحذرة، بين المغرب وجارته الشمالية، من طينة الباحثين نبيل دريوش و عبد العالي بروكي أن يحاوروها ويبنواأمامها حائطا دفاعيا .وعقيدة الجنرال الأعور ميلان أستراي التي مازالت هي عقيدة الجيش الإسباني رغم انضمام هذا الجيش الى حلف الناتو.