بورتري: دمنات و العميل الملعون
المحجوب أيت همو
في يوم الخميس الماضي , لاحت علي الشارع الرئيسي بمدينة دمنات , سيارة ضخمة الجوانب. كبيرة العينين .مكتنزة المؤخرة. ليست فخمة ,ولكنها تبدو كذلك. قامت بدورة استعراضية, وسط المدينة. قبل أن تتوقف بمحاذاة رصيف قريب من بلدية دمنات. لم اكن لأعير أي انتباه لهذه السيارة. لولا أن جليسي, الذي كنت اتبادل أطراف الحديث معه. قام فجأة ليرد التحية علي سائق هذه السيارة. لوح له بيده ثم توجه نحو ه ضاحكا :
انت هذا يا دعاوي البلا
نظرت جهة الجالس بالسيارة. وإذا بي أري ملامح العميل الشرير , الذي لم تتغير ملامحه رغم مرور عقدين من الزمن. عيون شاخصة مظلمة. وشارب كجناحي غراب ممددة. ومقدمة أسنان بها فلج وانحراف .علي شكل حرف وثقوب محفورة تشبه مخلفات الجذري علي الخذين. وعاد بي الزمن سنوات الي الوراء. عندما انكشفت ألاعيب طالب جامعي, كان يتظاهر ويتحرك كالزأبق بين الطلبة المنتمين للتيار القاعدي .رافعا الشعارات الخطيرة .و مشاركا في اللقاءات والاجتماعات ,التي يقوم بها هذا الفصيل الطلابي النشيط .
ودأب هذا العميل علي نقل معلومات وأخبار عن الطلبة النشطاء لجهاز الشرطة أولا بأول. وتوالت الإعتقالات, والمحاكمات, والعقوبات السجنية, في صفوف هذا الفصيل الطلابي . وكان جهاز الشرطة بفضل هذا الفيروس المندس. يعلم بجميع الخطوات التي يقررها الطلبة القاعديون. في تلك المرحلة الساخنة من سنوات الثمانينيات. والحق يقال أن هذا العميل صعب الإكتشاف. فقد حباه الله بوجه لا يخجل. وجبين لا يعرق. وبلسان سريع الاجابة. وتركيز عالي . وطاقة حركية هائلة . وقوة علي السهر لأيام متتالية .لا تفوته أية حركة أو تحرك .الي أن شملته اعتقالات عشوائية. قامت بها الشرطة ذات مرة, في أوساط القاعديين. فتم اطلاق سراحه, بسرعة البرق. فيما تم الإحتفاظ ب ( (رفاقه ) ) الطلبة , في أقبية مراكز الإعتقال. ليذوقوا كل صنوف التنكيل والتعذيب. مما أثار شكوك بعض الأطر الطلابية القاعدية. و قرروا وضع الجرثومة الخبيثة, تحت مجهر المراقبة .وتم ابعاد هذا العميل ونبذه عن الفصيل الطلابي ..وانتشرت أخبار وسط القطاع الطلابي برمته عن الدمناتي عميل البوليس. وكمن أسقط في يده قام العميل يذرف الدموع مثل قحبة وقعت في ورطة . مدافعاعن نفسه ومقسما بدماء الشهداء وكتاب الرأسمال ولينين وتروسكي أنه مظلوم. لكن هيهات يرجع ما فات. بالنسبة للطلبة القاعديين أصبح عبارة عن فاكهة معفنة مرمية في مزبلة الخونة وفاقدي الذمة والضمير .ومن ضحايا هذا العميل طالب مراكشي مناضل قضي خمسة اعوام بين قضبان السجن بفعل وشاية العميل الملعون. ولما خرج من السجن جاء الي دمنات يبحث عن غريمه العميل. فاضحا إياه وسط الناس ,ومتوعدا بالإنتقام منه كلما واتته الفرصة ...ونظرا لحاجة جهاز الشرطة الي خدمات هذا العميل فقد طلب منه البقاء لسبع سنوات في الجامعة مدفوعة الاجر. وعندما غادر هذا العميل الملعون الجامعة لم يعش يوما واحدا بدون شغل. ولم يتذوق طعم البطالة المر. تم توظيفه وترقيته. ليصبح هراءا كبيرا, في مدينة من اختياره .براتبين راتب الوظيفة المعلنة .وراتب الوظيفة السرية .ومايزال ينخر كالسوس في الوزارة التي يعمل بها .ويعلم الله كم ضحية..أوقعها في طريقه