ذكرى ثورة الياسمين والبوعزيزي مازال حيا ...
أحمد ونناش
أربع سنوات على ثورة الياسمين ،وانطلاق ما يسمى بالربيع العربي الذي لم يزهر بعد ،ثورة فتحت المجال للوقوف عن كثب عن معيقات التنمية ومتطلبات الحياة اليومية ،وذوق مبادئ حقوق الإنسان الغائبة في المجتمعات العربية ،على وقع الاستبداد والتشبث بالكرسي إلى الأبد ،وترك الهوة بينها وبين مجتمعاتها ..
من أجلها أضرم "محمد البوعزيزي " أول شرارة للربيع العربي ،الذي لم نعرف بعد تعريفه الحقيقي ،مجاز عاطل كان يبحث عن لقمة العيش ، ،بعد أن أغلقت الوظائف العمومية بابها ،لم يبق أمامه سوى أن يركب عربته ،التي لم تجد غيرالخضروالفواكه ، لكن عجلتها أبت بدورها تلك المضايقات والمطاردة في شوارع سيدي بوزيد ،كالتي مازلنا نشاهدها في شوارعنا،بحثا عن نفس الحقوق...
... عربة لعلها تدخل البسمة لأسرته الفقيرة ،التي كانت تنتظر منه الشيء الكثير،للعيش في كرامة ،تنسيها أيام كانت تتحمل فيها نفقات الدراسة لابنها ... مضايقات كتب لها أن تكون رب ضارة نافعة ،لأنها أعادت رسم خريطة التصورات العربية لقضاياها ومسيرتها نحو التقدم وتغيير العقليات .. ،كي تعيش في عدالة وكرامة وحرية ..لمؤدية الى الديمقراطية والتنمية الشاملة والاهتمام بالعنصر البشري ،باعتباره قنطرة نحو التقدم والازدهار... لا تستطيع الآ قلام التعبير عنها ،مما جعل البوعزيزي يعبر بجسده ،إحتراما لسبات المجتمع ودرجة الملكة التي وهبها الله إليه للتمييز بين الصالح والطالح ..... غضب تعدى الطبيعة والسياسة والتكنولوجيا تجاوز الحدود لم يترك الفرصة لأولي الألباب ،أن تتحكم في مجريات الطبيعة ،استطاعت زوبعتها ،أن تنتشر في باقي المناطق .....
شرارة أدت إلى سقوط أول ديكتاتوري تربع على الكرسي لمدة طويلة ،هرب بعدها وسط الحناجر التي لم يفهم قصدها، إلا بعد أن صمت آذانه بأصوات مبحوحة في شوارعها ...
فانطلقت من عقالها صوب أرض الكنانة باحثة عن تربة مناسبة لتحريك كرسيها الرافض للحركة .. لكن أشعار الشابي المنادية للتغيير،وانجلاء لياليها ،وانكسار قيودها ،أرغمت بدورها ،إحداث تغيير لهذا الكرسي ،ومغادرة القصور ،ومواكبة معاناة الطبقة الكادحة ، التي بدورها لم تكن مسلحة إلا بكلمة " إرحل " لعدم ايجاد أي منفذ للتفاهم الذي يأتي في الغالب متأخرا ،تحت ظروف التعنت والجبروت وتحدي إرادة الشعوب ..
كلمة بدأت تسري في كل المناطق العربية ، لعلها تجد رؤوسا أخرى أينع قطافها ،وهذه المرة عبرت باب المندب متجهة إلى اليمن رغم أن القطار فاتها كما قال 'عبد الله صالح' إلا أنها مصرة على الاقتحام إلى حين ركوب موج التغيير والاستمتاع بأجمل لحظات الربيع العربي ،وفعلا حققت هدفها بعد أن حرقت جلد الرئيس المتعنت.الذي قبل في الأخير حلا توافقياوبذلك تكون قد طبقت مقولة ."معمر القدافي " للزعماء العرب قي أحدى المؤتمرات معاتبا إياهم ، بعدم التدخل ، للحيلولة دون شنق "صدام حسين" حين قال:
"سيأتي دوركم جميعا" وفعلا جاء دوره الشبيه بآخر أيام صدام ،لكن الطريقة اختلقت ،لأن الأول أعدم من طرف أقوى دولة في العالم ،بنما أعدم من طرف " الجردان".
بين هذا وداك مازال عرين الأسد يتوصل برسائل قوية تطالبه بالانصياع إلى مقولة رفيق دربه القدافي ، ليس على وقع سمفونيات الميادين ،لكن على يد كتائب مسلحة اختلفت مسمياتها ،قد تساعده إلى تأجيل رحيله مؤقتا ...
كان الربيع العربي يبحث عن رجال أكفاء لقطف زهوره ،التي من شأنها ان تعيد الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية للمجتمعات التواقة إليها ..أسندت فيها الأمور إلى صناديق الاقتراع ،التي أعطت للحكومات الإسلامية فرصة تسيير وتدبير مصنع التغيير الذي يود الجميع الاشتغال فيه ليضع حد لأزماته ومعاناته .. تكونت رئاسات وحكومات ،والشعوب التي ينتظر منها الانسلاخ من الاستبداد وتحسين ظروف العيش ،انخرطت فيه الحكومات الإسلامية بشكل كبير ،لقيت فيها وديان من الانتقادات ،مادامت لم تحقق للطبقات الفقيرة مطالبها ، ولم يتغير شيئا سوى ارتفاع الأسعار ،وتلجيم الآراء والمطالب ،التي من اجلها ولدت ..كتقييم لتجربة هذا التغيير .. ،...دفع رفاق الأمس يحنون إلى الماضي ،فرغم غيومه كان موجودا أنذاك ..ما أحوج البوعزيزي اليوم الى تلك العربة بجانبها الأمن والسلام ،بلا تخويف ولا ترهيب..
أربع سنوات عن ثورة الياسمين ،لم تأتي بتغيير ،كل اعيادها بلا تجديد ، ثارت ضدها الصناديق مرة ثانية ،مع تفشي البطالة ،وتدهور الحياة المعيشية للطبقات الفقيرة ،وقمع الحريات ،بقي فيه الإجرام سيد الموقف ثورة الياسمين لم تحقق أهدافها ،فبعد التجربة البرلمانية والرئاسية لتونس ،عادت نفس الوجوه ،انتخب فيها السبسي رئيسا للجمهورية التونسية ،بعد ان نصبت في مصر رئاسة النظام السابق ،نفس الشيء في اليمن وليبيا ،وهي نفس الوجوه التي استقبلت محمد البوعزيزي ببلدية بوزيد ،وهي تقول له ،اللهم العربة ولا .. ..وبذلك يكون البوعزيزي خالدا لم يمت ...
وتحول فيها الكتاب إلى كتائب ....