نظرية تثمين العمل المنزلي في ميزان المنطق
قلم : د.رشيد بنكيران
ترى نظرية تثمين العمل المنزلي أن العمل الذي تقوم به المرأة في منزلها يسهم بشكل كبير في زيادة الثروة المكتسبة أثناء فترة الزواج. إذ إن دور المرأة في رعاية الزوج والأبناء يوفر بيئة مستقرة ومريحة تمكّن الزوج من التفرغ الكامل لأداء عمله وتحقيق النجاح في عمله.
ووفقا لهذه النظرية، فإن هذه الرعاية المنزلية تعدّ ركيزة أساسية تسهم في بناء الثروة التي يتم تحقيقها خلال فترة الزواج. فلو لم تكن تلك الرعاية موجودة، لما استطاع الزوج تنمية ثروته بالشكل الذي وصل إليه.
لكن، وكما هو الحال في النظريات التي لا تقوم على منطق متين، نجد في نفس مكوناتها ما يكشف ضعفها. لنأخذ على سبيل المثال حالة زوجة تقوم بواجباتها المنزلية على أكمل وجه، تبذل جهدها في العناية بزوجها وأطفالها، وتسعى بكل إخلاص إلى توفير بيئة داعمة ومستقرة. ومع ذلك، قد يكون الزوج شخصا غير منتج أو غير قادر على كسب ما يكفي لتأمين الاحتياجات الأساسية، مما يجعل وضع الأسرة المادي ضعيفا أو معدوما.
لو طبقنا نظرية تثمين العمل المنزلي على هذه الحالة، سنجد أن المرأة، رغم تفانيها، يُفترض أن تكون مقصرة أو فاشلة في عملها المنزلي لأن ثروة الزوج لم تنم أو منعدمة.
#وهذا_استنتاج_غير_منطقي؛ فالواقع هنا يشير بوضوح إلى أن العمل المنزلي للزوجة ليس له علاقة بزيادة أو نقص ثروة الزوج، بل يتأثر نماء الثروة للزوج بعوامل أخرى.
وفي المقابل، قد نجد صورة مغايرة تماما، حيث تكون المرأة مقصرة في أداء واجباتها المنزلية أو غير مبالية برعاية زوجها وأطفالها، ومع ذلك يحقق الزوج نجاحا كبيرا في عمله ويتمكن من تنمية ثروته خلال فترة الزواج. ووفقا لنظرية تثمين العمل المنزلي، فإن هذه الزوجة، رغم تقصيرها، ستعدّ مساهمة في تنمية الثروة المكتسبة أثناء العلاقة الزوجية، وهو حكم يتعارض مع المنطق والواقع.
يتحصل لدينا باختصار جامع معبر من المثالين السابقين:
• زوجة متفانية في عملها المنزلي لم يتم تثمين علمها، أي لم يجعل له ثمن ولا قيمة ملموسة تذكر.
• زوجة مقصرة أو فاشلة في أداء واجباتها المنزلية، ومع ذلك تم تثمين عملها المنزلي، رغم أنه لا قيمة حقيقية لعلمها.
والسبب الأساسي، في رأيي، لضعف نظرية تثمين العمل المنزلي وعدم منطقيتها، هو أنها تقيس قيمة عمل المرأة المنزلي بناء على أداء شخص آخر، وهو الزوج، بدلا من تقييم العمل ذاته. وهذا الخلل يفضي إلى تناقضات صارخة ومفارقات لا يقبلها العقل السليم.
◆ ولا يمكن لنظرية تثمين العمل المنزلي أن تكون منطقية ومقبولة إلا إذا تم اعتماد معيار لتقويم العمل المنزلي يستند إلى جهد المرأة وإسهاماتها الفعلية داخل المنزل، بعيدا عن نجاح أو فشل الزوج في عمله.
♦ ولكي يتحقق هذا التقدير بشكل عادل، يجب أن يتولى المجتمع، #ممثلا_في_الدولة، دورا مباشرا في تقديم مقابل عادل للعمل المنزلي، باعتباره نشاطا حيويا يسهم في استقرار الأسرة والمجتمع، تحصل عليها المرأة الناجحة في رعاية زوجها وأطفالها في آخر كل شهر وليس فقط عند طلاقها.