مأساة غرنيقة تعاد في غزة
قلم :عبد اللطيف برادة
هل حقا ان كل من يكتب قصيدة يحب السحاب والنجوم يا أمي
وان كل من يحب وطنه مكتوب عليه ان يقاوم
احقا من يدافع عن ارضه وعن عرضه لن يراوغ
فلما يقال ادن ان من غامر بحياته من اجل كرامة امته متطرفا او مجرما في حق اعدائه
و لما يقاس من يدود عن الاستقلال فيقاوم بالمحتل الغاشم
احكي لي اماه عن قصص وطني طواها النسيان وعن تاريخ ذهبي لم يعد له من يدافع
احكي لي عن حق غاب ورشد ضاع كسراب بأغث
وعن رجال اضحوا مجرد ابواق لا تجدي و لا تنفع عندما تدوي المدافع
تشدقوا بقول الحق بينما بالكذب اصبحت لهم منافع
احكي لي وأنت الام يا وطن عن جراح لم تندمل وأفاقين اضحت لهم منابر
احكي لي يا وطن
وأنت يا وطن الصورة الأخرى لام تضم الابناء عند نفيهم عن الوطن
فأنت ارض الميعاد وأنت العطاء وأنت رمز الكرم
بالأمس نمت يا اماه وكان لدي حلم جميل
وبينما كنت أغفو في عمق السبات وُعدت بهذا النصر المحتدم
وهو حلم لم يحلم به أحد غيري
قيل لي في حلمي ان الشهداء لأنبل الناس في قومهم
وإنني لأعلم جيدًا ان هؤلاء سيرحلون وأن آخرون سيقومون بنفس الرحلة
نعم اعلم ان الحياة ستذب في الحلم مرة اخرى
هنأ كما هو الحال بالنسبة للكل يجب الحفاظ على كل شبر من الارض
و الحال على أي حال يتعلق باستعادة الأمل بعد الانكسار وعدم مجاراة الباطل عوض الحق
نعم منذ هذه الرحلة الى غياهب الغيب وأنا ارتل هذه القصيدة
فلتعلمي يا اماه ان الحلم الذي أعلنت عنه ذات مرة هو بالذات وطني
نعم لقد حكيت عنه شهرزاد قبلما تغطي بقايا الحقول جثث مهجورة تحت رائحة الحرب وركام الرماد
نعم اعلم الان ان كل أحبابي وأصدقائي لم يعودوا الان إلا مومياوات في بطن الارض
لهدا اصبحت الان اعيش لوحدي ولم يعد لدي من أقرأ عليه قصائدي
اعيش لوحدي ولم يبق لي أحد يثق به غيرك يا وطني الأم
ولم يعد لدي من أقرأ عليه القصيدة إلا انت يا ارض الميعاد والرسل
فانصت يا وطن إذا كنت لا تزال تحب رباعياتي وتصر على الاستماع لي
سأقرأ لك الان هذه القصيدة ولو على عجل
سأقرئها بلطف حتى لا ترفضها بصوتك المخملي
لقد كنت أرفع صوتي لسنوات سبقت اما الان فلم يعد لي جهد
وهنا في وسط الحقول ترعرعت كلماتي الدموية فطواها النسيان
هنا توارت أغنيتي كصدى خافت خوفا من بكاءك
اخاف الان
الرجل الذي كنته ولى منذ زمن طويل
لقد جف نثري تحت القصف فلم اعد اكتب كما كنت
أجد صعوبة الان في تطريز الكلمات وصقل الحروف الدموية
لا اكتب الان إلا ما يطيب خاطر الرقيب او يمدح الجلاد الذي انتزع جلدي والأظافر
أشعر الان أنه لم تعد للكلمات تأثير صفير الرصاص
فصوت القنابل يحجب صوتي ولم يعد لي قارئ
ما فائدة رذاذ الكلمات عندما يقوم الجنود بتحميل المدافع
وكما وعدتكم سأظل متمسكًا بقصيدتي تحت سيل الصواريخ
قيل لي ان الكلمات تفقد قوتها عندما تسقط الطائرات القنابل
وألان هل لا زلت يا اماه تصرين على ان اقرا لكي القصيدة
اسال لأنني لم أعد أعرف إذا كان الأمر لا يزال يستحق الذكر
وهل قراءة هذه القصيدة أيها الوطن الأم سيزيل عن عينيك اثر الحزن
سأقرئها على أية حال وانأ ارتجل حتى لا انجرف بعيدا عن مرارة الواقع
فأنا في النهاية لست إلا دالك الجندي الذي يدافع عن شرف الوطن
ولا اقوام الظلم القهر إلا بكلمات ربما قد تزن يوما ما وزن الذهب