مغرب رسمي وآخر…!
دأبت وتيرة الكوارث الطبيعية التي تضرب المغرب، بين الفينة والأخرى، على الكشف عن بنية الأوساط التي تقع فيها، سواء كانت أمطارا طوفانية أو فيضانات أو حرائق، وآخرها طبعاً زلزال الحوز وجواره الذي خلف، حتى كتابة هذه السطور، أزيد من 2900 قتيل و5000 إصابة تتأرجح بين الخطيرة والخفيفة، وعلى مدى أربعة أيام من وقوع الكارثة، والعالم أجمع، بما فيه الإعلام المغربي الرسمي، يتتبع مجرياتها ووقائعها وأبعادها وأصداءها وتفاعلاتها، داخل كل بيت مغربي، بيد أنها تحولت، في الآونة الأخيرة وبعد جلاء صورها، إلى تساؤلات مؤرقة وموجعة، يمكن اجتزاؤها في النقاط التالية:
تشتت رقعة الدواوير وصعوبة الوصول إليها، فلماذا الإبقاء عليه، أليست لنا طائرات؟
وصول الخدمات الأساسية إلى عمق هذه الدواوير والمداشر يظل ضعيفا ويستحيل زمن الشتاء؛
التمدرس بهذه المناطق محفوف بالأخطار الجسيمة جراء وعورة التضاريس، ويعيد إلى الأذهان فكرة بناء “القرى النموذجية”؛
ما زالت “القبلية” الثقافة السائدة بين أفراد ساكنة هذه المناطق، لبعدهم عن وسائل التوعية الاجتماعية، وتشبثهم الأعمى بأرض الأجداد؛
لم نر سوى الرفش والمعول، والجرافات في أحسن الأحوال، وهي كل الوسائل التي يتم استخدامها للوصول إلى الضحايا، فأين هي الكمامات والكلاب الشمامة “المدربة” ووسائل التنصت من تحت الأنقاض؟
المواكبة العلمية للزلزال
كشفت مداخلات عديد من الأطر الوطنية، في رصدها لظاهرة الزلزال، عن ضحالة في تواصلها اللغوي، لا هي عامية ولا هي فصيحة، فهل هي من فعل التكوين الفرنكفوني؟!
كل التوضيحات العلمية اتخذت من الرصد الأمريكي للزلزال مرجعية لها، فأين هي أجهزتنا و”علماؤنا” وخرائطنا الطبوغرافية والجيولوجية؟!
موائدنا الإعلامية اقتصر معظمها، في مواكبة الكارثة، على “تقدير” التضامن الدولي الواسع مع المغرب في محنته؛
قلما شهدنا “تبادل خبرات وآراء” بين أطر مغربية وأخرى أجنبية فيما يخص التفسير العلمي لزلزال الحوز.
المواكبة اللوجيستيكية
عديد من البلدان أعلنت عن شحن إعاناتها للمغرب في مصابه، لكن لم نشاهد وصول هذه الشحنات إلى المطارات المغربية؛
ما زالت العديد من القنوات الإخبارية، وعلى رأسها قناة “الجزيرة”، لم تبث بعد صورا للخيام، ذلك أن معظم المنكوبين ما زال يفترش العراء، بعد مرور أربعة أيام على وقوع الزلزال؛
إعلامنا الرسمي ما زالت تسكنه ثقافة “ما يجب أن يكون لا ما هو كائن” فيبث صور التبرع بالدم، فأين هي صور حقنه للمرضى والمصابين؟
أشرطة فيديو “مزعومة” تتحدث بالشفاهي عن وصول قوافل الإغاثة إلى عين “المكان” وتجنيد أفراد القوات المسلحة…، لكن لا صور لها؛
أين هي الطائرات المغربية لإغاثة سكان الدواوير؟!
صفوة القول
هب جميع المغاربة، عن بكرة أبيهم، لتقديم كل أشكال العون ومؤازرة إخوانهم ضحايا الزلزال، بالدم تارة والمال أخرى… لكن تدخل السلطات، في تدبيرها وعلاجها للحادث، يسير بسرعة قد لا تصل إلى إنقاذ أرواح ما زالت تستغيث تحت الثرى.