صادم.. معلومات خطيرة تنشر لأول مرة عن المعارض المهدي بن بركة.." تقول أنه كان عميلا يتجسس على القادة العرب"
أزيــلال 24
قالت صحيفة The Guardian البريطانية في تقرير نشرته يوم الأحد 26 ديسمبر/كانون الأول 2021 إن المعارض المغربي الشهير المهدي بن بركة والذي قُتل بعد اختطافه يوم 29 أكتوبرعام 1965، فور وصوله إلى أحد المطاعم الواقعة في الضفة اليسرى لباريس كان جاسوساً.
التقرير قال إنه وعلى مدار الأعوام، كُشف قدرٌ كبير من حقيقة اغتيال المعارض البالغ من العمر وقتها 46 عاماً، وطريقة قتله، حيث اختُطِفَ إلى منزل في جنوب باريس وعُذِّب وقُتل على يد عملاء المخابرات المغاربة.
استنادا إلى وثائق رفعت عنها السرية لأجهزة المخابرات التشيكوسلوفاكية، كشفت صحيفة الغارديان البريطانية أن المهدي بن بركة، المعارض المغربي السابق، قدم خلال الحرب الباردة معلومات إلى جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي مقابل أموال كبيرة. تفسيرات.
نشرت الغارديان يوم الأحد 26 دجنبر 2021 مقالا بعنوان "زعيم المعارضة المغربية المهدي بن بركة كان جاسوسا بحسب ملفات الحرب الباردة". يستند التحقيق إلى ما تم الكشف عنه من وثائق استخبارات تشيكية رفعت عنها السرية. ويكشف أن بن بركة كان يتلقى أموالا مقابل المعلومات التي يقدمها وبأن الشكوك كانت تحوم حول كونه كان عميلا مزدوجا.
وتظهر الملفات الاستخباراتية التشيكية أن بن بركة لم تكن له فقط علاقة وثيقة مع جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي الرهيب، بل كان يتلقى مقابل ذلك أموالا كبيرة، وفق ما كشفته الصحيفة البريطانية.
"غالبا ما يوصف بن بركة بأنه مناضل ضد المصالح الاستعمارية ويعمل لصالح العالم الثالث، لكن الوثائق تكشف عن صورة مختلفة تماما: رجل لعب على أوتار عديدة، وكان يعرف الكثير ويعرف أيضا أن المعلومات كانت ذات قيمة كبيرة في سياق الحرب الباردة. كان انتهازيا يلعب لعبة خطيرة للغاية"، وفق ما أكده الدكتور يان كورا (Jan Koura)، أستاذ مساعد بجامعة شارل في براغ، والذي تمكن من الوصول إلى تلك الملفات.
لم يتمكن يان كورا فقط من الوصول إلى ملف بن بركة بأكمله في أرشيف جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي، ولكن تمكن أيضا من مقارنة صفحاته البالغ عددها 1500 صفحة مع آلاف الوثائق السرية الأخرى المنشورة حديثا. وقال يان كورا: "ليس هناك شك في (وجود علاقة مع جهاز الاستخبارات). كل الوثائق تؤكد ذلك".
وفقا للملف الذي اطلع عليه الدكتور يان كورا، بدأت علاقة بن بركة مع جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي في عام 1960، عندما التقى بأهم جاسوس لهذا الجهاز في باريس. وكتبت الصحيفة: "كان جواسيس براغ يأملون أن يقدم له هذا القائد البارز للنضال من أجل استقلال المغرب ومؤسس أول حزب اشتراكي معارض، معلومات قيمة، ليس فقط عن التطور السياسي للمملكة، ولكن أيضا عن تفكير القادة العرب مثل الرئيس المصري جمال عبد الناصر".
وأضاف أنه بعد وقت قصير من لقائهما الأول، أفاد جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي أن بن بركة كان مصدرا "قيما للغاية" للمعلومات وأطلق عليه اسم "الشيخ"، بحسب ما كشفته الأرشيفات.
وتستشهد الغارديان بسلسلة من العمليات الاستخباراتية التي نفذها بن بركة لصالح جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي. ففي شتنبر 1961، وفقا لنفس الملف، تلقى بن بركة 1000 فرنك فرنسي من جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي مقابل تقارير قدمها عن المغرب. كما عرض على بن بركة القيام برحلة مدفوعة التكاليف بالكامل إلى غرب إفريقيا لجمع معلومات استخبارية عن الأنشطة الأمريكية في غينيا الاستوائية. واعتبرت هذه المهمة ناجحة.
التشيكوسلوفاكيون، الذين شكوا أيضا في كون بن بركة له علاقات مع فاعلين آخرين خلال الحرب الباردة، ولا سيما الولايات المتحدة، دعوا الزعيم السياسي المغربي لزيارة براغ، حيث وافق على المساعدة في التأثير على سياسة وزعماء في إفريقيا مقابل 1500 جنيه إسترليني في العام، وفق ما أكدته الغارديان.
وأشار المصدر ذاته إلى أن بن بركة أرسل إلى العراق للحصول على معلومات حول انقلاب فبراير 1963، وتقاضى من أجل ذلك 250 جنيه إسترليني، بحسب الوثائق. في الجزائر، التقى في عدة مناسبات بالرئيس أحمد بن بلة وقدم تقريرا عن الوضع في هذه الدولة المستقلة الجديدة.
وتابعت الغارديان مقالها بالقول إنه في القاهرة "طلب منه جمع معلومات من كبار المسؤولين المصريين الذين يمكن أن يساعدوا السوفييت في المفاوضات خلال زيارة نيكيتا خروتشوف، الوزير الأول للاتحاد السوفياتي. وصلت تقارير بن بركة إلى أجهزة المخابرات السوفياتية، التي اعتبرت أن المواد المقدمة لها قيمة كبيرة. كمكافأة على خدماته، تمت دعوته وأطفاله الأربعة لقضاء إجازة عطلة في تشيكوسلوفاكيا، وفق التحريات التي قام بها كورا".
ونقلت الصحيفة البريطانية عن الدكتور كورا قوله إن "بن بركة لم يعترف قط بأنه كان يتعاون (مع أجهزة المخابرات)، ولم يدرجه جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي كعميل، بل كان يعتبره "أداة اتصال سرية". لكنه قدم معلومات وحصل على أجر من أجل ذلك".
ونفى المدافعون عن المهدي بن بركة نفيا قاطعا هذا الاتهام في اتصال مع صحيفة الغارديان. يقولون إنه حتى لو كانت تحليلات بن بركة مفيدة لجهاز الاستخبارات التشيكوسلوفاكي، فإن هذا لا يجعله "عميلا". ويؤكدون بأن مثل هذا الدور يتعارض مع التزام بن بركة بالحفاظ على استقلالية "حركة العالم الثالث" وعدم خضوعها للنفوذ السوفياتي والصيني.
وصرح ابنه البشير بن بركة للصحيفة بقوله: "إن علاقات والده مع الدول الاشتراكية وغيرها كانت ببساطة تلك التي يتوقعها المرء من أي شخص منخرط بعمق في النضال العالمي ضد الإمبريالية والاستغلال الاستعماري في ذلك الوقت".
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن يان كورا كان أقل اقتناعا بشأن إيثار بن بركة وصرح قائلا: "كان يزاوج بين البراغماتية والمثالية. أنا لا أدينه. إن الحرب الباردة لم تكن مجرد أبيض وأسود".
وذكرت صحيفة الغارديان أن بن بركة "كان مشغولا في الأشهر الأخيرة من حياته في الاستعدادات لتنظيم مؤتمر القارات الثلاث، وهو حدث من شأنه أن يجمع العشرات من حركات التحرير والجماعات الثورية وداعميها في كوبا. لكن السوفيات كانوا يشكون في أنه أصبح مقربا جدا من الصينيين الذين كانوا خصومهم بشأن قيادة اليسار العالمي. قال المسؤولون السوفيات لجهاز الأمن التشيكوسلوفاكي بأن بن بركة تلقى 10000 دولار من بكين وضغطوا على الجهاز لسحب كل دعم أو حماية له".
كانت زيارته الأخيرة إلى براغ قبل فترة وجيزة من اختفائه في باريس، كما تقول صحيفة الغارديان، التي أكدت أن "جهاز الأمن التشيكوسلوفاكي أحضر بن بركة إلى براغ لمدة أسبوع للتدريب في الاتصالات والرموز والمراقبة والمراقبة المضادة. بعد أسبوع من طلب المسدس من الجهاز التشيكوسلوفاكي، تم اختطاف وقتل بن بركة".