إنها لساعة حزن أن أحمل القلم لأخط هذه السطور
لأتحدث عن غياب صديقي الدكتور عبد المالك ويعزان، الذي وافاه الأجل المحتوم قبل أيام قليلة. فأذكره ببعض ما علق بذهني من مواقف وذكريات. شهادة متواضعة على أثره الجميل، كرجل طيب وخلوق وصاحب كاريزما. وكطبيب مخلص لمهنته، وفي لقسم الأطباء. وليس الرجل غير أثره كما يقال.
المرحوم الدكتور عبد المالك ويعزان ، لم يكن طبيبا في المستشفى فقط. بل كان طبيبا في الحياة على اختلاف جوانبها وتقلباتها. كان طبيبا في الأحياء العامة، وفي الأوساط الشعبية. حمل رسالة الطبيب خارج روتين المستشفيات التي عمل بها، إلى كل مواطن من أبناء مدينة دمنات. يرد على الاستشارات الطبية، التي يمطره بها الناس. سواء عبر الهاتف أو على الشارع العام. ينصت بإمعان لأسئلة المرضى، ويقدم لهم المساعدة الطبية. ولا أبالغ إذا وصفته بطبيب الغلابة الدمناتي ،على غرار الطبيب المصري المشهور. فكم من مريض زاره ببيته وقدم له الدواء، رافضا أن يأخذ المقابل. وكم من وصفة طبية قدمها للمرضى بالمجان. مع مراعاة الظروف الاجتماعية لكل واحد.
كان الدكتور عبد المالك ويعزان بسيطا في منهجه. شامخا في مهنيته. متواضعا أمام الآخرين .هادئا وصبوراً وواقعيا في معالجة الأمور.
قبل سنوات قليلة رن هاتفي وعندما قمت بالرد كان صوت المرحوم يفاجئني بعبارته الساخرة :(( قيل وسمع)) وهي العبارة التي يرددها كلما التبس عليه خبر أو واقعة. وأخبرني بأنه جاء ضمن البعثة الطبية المغربية المكلفة برعاية الحجاج في الديار المقدسة بمكة المكرمة والمدينة المنورة. وكانت فرحتي لا توصف أن ألتقيه في مدينة مكة المكرمة .واستمع لحديثه الذي لا يخلو من جديد.. وبعد أداءه لفريضة الحج، زرته في مقر البعثة الطبية المغربية، بأحد الفنادق المجاورة للحرم المكي. وبعد جولة قصيرة بمدينة مكة اقترحت عليه زيارة غار حراء بجبل النور، فوافق بحماس. وفي اليوم الموالي شددنا الرحال إلى جبل النور. وعندما كنا على مشارف الجبل ،جاءه اتصال هاتفي من مقر البعثة الطبية لأمر طارئ، وقال لي لنؤجلها إلى يوم آخر . فطلبت منه أن يقدم عذرا معقولا لإدارة البعثة الطبية. فرد علي بحزم، هذا واجب وضروري .وقفلنا عائدين إلى مقر البعثة الطبية. حيث ودعته على أمل أن نستأنف الرحلة في اليوم التالي. لكن برنامج عمله ضمن البعثة الطبية حال دون ذلك...
إن العطاء في الحياة سر من أسرار الخلود. والمرحوم الدكتور عبد المالك ويعزان أعطى من وقته الكثير في سبيل خدمة الناس.
تفقد مدينة دمنات أحد كوادرها، وهي خسارة كبيرة .وعزاؤنا الجميل فيما تركه المرحوم من أثر وعطاء. وكما قيل :((الناس لاتدفن في التراب غير أثمن الأشياء الكنوز ورفات الأحبة)) رحمه الله.
رحم الله الطبيب " عبد المالك ويعزان " الذي مدت يده بالاحسان للناس قبل العلاج
رحم الله قلبا طيبا وروحا مرحه زانها الوقار والهيبه ختم الله له بخاتمة المسك وكلل عطائه بالمغفره والرحمه..آمين